نائبة: هناك قصور في بعض القوانيين والتشريعات الخاصة بالعمل الجامعي    وزيرة التضامن تستعرض تقريرًا عن أنشطة «ال30 وحدة» بالجامعات الحكومية والخاصة (تفاصيل)    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    «تشريعية النواب» توافق على تعديل قانون «المرافعات المدنية»    سفير جورجيا يستقبل رئيس جامعة أسوان لبحث سبل التعاون المشترك    تفاصيل مقترحات مصر على تعديل الاستراتيجية الجديدة للبنك الإسلامي| انفراد    وزير العمل: نمضي قدما في رقمنة كافة إدارات الوزارة وخدماتها المقدمة للمواطنين    «أبوظبي الأول مصر» يتعاون مع «الأورمان» لتطوير وتنمية قرية الفالوجا بالبحيرة    البنك المركزي يبيع أذون خزانة ب 997.6 مليون دولار بمتوسط عائد 5.149%    «شكري»: لابد من تحرك دولي للوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    الزمالك يطلب حضور السعة الكاملة لاستاد القاهرة في نهائي كأس الكونفدرالية    مفاجأة من العيار الثقيل|محمد صلاح لن يرحل عن ليفربول    صعود سيدات وادي دجلة لكرة السلة للدوري الممتاز «أ»    عضو مجلس الزمالك يعلق على إخفاق ألعاب الصالات    عاجل.. شوبير يكشف آخر خطوة في تجديد علي معلول مع الأهلي    عامل يستعين بأشقائه لإضرام النيران بشقة زوجته بالمقطم    محافظة أسيوط تستعد لامتحانات نهاية العام باجتماع مع الإدارات التعليمية    حكم رادع ضد المتهم بتزوير المستندات الرسمية في الشرابية    «جنايات بنها»: تأجيل قضية «قطار طوخ» إلى يونيو المقبل لاستكمال المرافعة    لقاء تلفزيوني قديم يكشف أسرار عن الحياة اليومية ل نجيب محفوظ    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    من هى هدى الناظر مديرة أعمال عمرو دياب ؟.. وعلاقتها بمصطفى شعبان    خالد جلال يشهد العرض المسرحي «السمسمية» بالعائم| صور    الصحة تفتتح المؤتمر السنوي الثالث للمعهد القومي للتغذية    «للمناسبات والاحتفالات».. طريقة عمل كيكة الكوكيز بالشوكولاتة (فيديو)    بث مباشر.. مؤتمر صحفي ل السيسي ورئيس مجلس رئاسة البوسنة والهِرسِك    السكة الحديد تحدد موعد انطلاق قطارات مرسى مطروح الصيفية    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    تراجع نسبي في شباك التذاكر.. 1.4 مليون جنيه إجمالي إيرادات 5 أفلام في 24 ساعة    التضامن : سينما ل ذوي الإعاقة البصرية بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    "سنوضح للرأي العام".. رئيس الزمالك يخرج عن صمته بعد الصعود لنهائي الكونفدرالية    مركز تدريب "الطاقة الذرية" يتسلم شهادة الأيزو ISO 2100: 2018    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا.. «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعية شاملة بمناسبة عيد العمال    1.3 مليار جنيه أرباح اموك بعد الضريبة خلال 9 أشهر    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    محمد شحاتة: التأهل لنهائي الكونفدرالية فرحة كانت تنتظرها جماهير الزمالك    «العمل» تنظم فعاليات سلامتك تهمنا بمنشآت الجيزة    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحرين والصراع الإقليمي
نشر في المصريون يوم 22 - 03 - 2011

لا يمكن فهم كثير من أبعاد الصراع الدائر في البحرين إلا بفهم أبعاده الإقليمية من حيث: أهم الأطراف الفاعلة، وأهم المعادلات الحاكمة للعلاقات سواء على المستوى الإقليمي الفرعي (منطقة الخليج: خليجا وبلدانا وشبكة علاقات وصراع أطراف) أو المستوى الإقليمي الأكبر (قوس الأزمات الممتد من باكستان حتى ليبيا ومن تركيا حتى السودان مرورا مصر). وعلاقة كل ذلك بالمراكز الدولية الفاعلة على المستوى الدولي (أمريكا - الاتحاد الأوروبي- الصين)، والمحاولة المستمرة للحفاظ على معدل من الصراعات الإقليمية يمكن السيطرة عليه، ويمكن التحكم في مخرجاته النهائية بما لا يرجح كفّة طرف لا تريد الأقطاب الدولية الفاعلة التسليم له بما يريد وهو أن يكون الوكيل الإقليمي المعتمد أو حارس البوابة الذي يجب التفاهم معه، أو شرطي المنطقة.
كتبت من قبل سلسلة من المقالات عن صراع الأدوار الإقليمية وعن أهم الأدوار الإقليمية في المنطقة، كتبت عن الدور الإقليمي لكل من إيران وتركيا وإسرائيل من خارج الدائرة العربية، ومصر والسعودية وسوريا كدول أقطاب ومحاور من داخل الدائرة.
وها هو الصراع داخل البحرين يفجّر الصراع الإقليمي مرة أخرى (والذي هو متفجر دائما وإن اختلفت الأسباب).
هذه المنطقة الممتدة يحكمها مثلثان:
المثلث الأول: وهو المثلث الكبير: مصر إيران تركيا، (أعمدة الاستقرار في الدائرة الإقليمية الكبرى) وهي دول ذات وزن إستراتيجي متقارب من حيث مقاييس قوة الدولة وعدد سكانها ومساحتها وشبكة علاقاتها.
أما المثلث الثاني فهو: مصر السعودية العراق (أعمدة الاستقرار في الدائرة العربية). وإذا قمنا بتركيب الدائرتين على بعضهما لوجدنا أن مصر القاسم المشترك فيهما خارج دائرة التنافس على دور إقليمي حاليا لما تمر به من ظروف تجعلها تنكفئ أكثر على الداخل المصري.
والعراق خارج دائرة المنافسة أصلا بل هو محلا للفعل الإيراني وأحد أدواته في اللعب على توازنات الدائرتين. وتبقى السعودية التي لا يتجاوز دورها الإقليمي منطقة الخليج وإن كانت أهم الفاعلين السياسيين فيه.
إذا اللاعبان الأساسيان سيكونان إلى أجل هما: إيران وتركيا، ولكل منهما طموح جارف لدور إقليمي يرفع أسهمه في موازين الصراع الدولي، وكل يقايض بعالمنا العربي على موطئ قدم في السياسات الدولية، تحالفا أو صراعا مع القطب الأوحد ومع منظومة المصالح والسياسات الدولية. وكلاهما يسعى لتحقيق مصالحه الإستراتيجية ومشاريعه الكبرى في العالم العربي سواء: عبر منهج الحرب بالوكالة وإثارة القلاقل والفتن: إيران، أو بأسلوب التنافس السلمي والشراكات والمشاريع الاقتصادية: تركيا.
وبذلك نفهم تصريحات القادة الإيرانيون أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا دخلت قوات درع الجزيرة البحرين، وكذلك نفهم تصريحات القادة الأتراك بأن أي تدخل من إيران في البحرين سوف يواجه بحزم. وأن تركيا في حال تخطت إيران خطا واحدا للأمام باتجاه البحرين سوف تتدخل وتساند دول مجلس التعاون. والمسألة من أولها إلى آخرها أدوارًا إقليمية ومناطق نفوذ وشبكات صراع وتعاون.
فإيران منذ أيام الشاه ويحكمها طموح جارف للعب دور إقليمي يرفع أسهمها في موازين الصراع الدولي، وهي تقايض أحيانا كثيرة بأوراق لعبها في عالمنا العربي على موطئ قدم في السياسات الدولية، والفكرة الحاكمة هي: كيف تصل إيران إلى اعتراف دولي خاصة من الولايات المتحدة بأنها اللاعب الإقليمي الرئيسي؛ أو الوكيل المعتمد؟
وإيران وإن عاشت فترة على أحلام تصدير الثورة فقد كان الهدف هو توسيع دائرة نفوذها الإقليمي ومحاولة خلق "مجال حيوي" ولعب دور إستراتيجي؛ تساوم به حينا – أو تقايض به أحيانا أخرى- الولايات المتحدة (والغرب جملة) على مصالحها في المنطقة وخاصة مشروعها النووي.
وبهذا نفهم كثيرًا من تعقيدات الدور الإيراني وتشابكاته في المنطقة الواسعة التي تظلل محور طنجة جاكرتا؛ بل ونفهم كذلك تلك العمليات المنظمة لنشر التشيّع المذهبي والسياسي في كثير من البلدان السُنّيِّة الخالصة؛ حتى يمكن المساومة بها على دائرة أوسع من النفوذ؛ وهو ما نفهم في إطاره - كذلك- اللعب بالأوراق الإيرانية المسمّاة: حزب الله وحماس والجهاد - مع خالص تقديرنا لدور حماس والجهاد في مقاومة الاحتلال الصهيوني؛ ودور كل من يحمل بندقية مقاومة في مواجهة محتل غاصب -وبعض الأقليات في الخليج العربي ممن لهم امتدادات عرقية فارسية أو مذهبية شيعية.
وبهذا المنطق أيضا نفهم الدعم الإيراني المطلق والمتواصل للتمرد المسلح الذي يقوم به الحوثيون في اليمن وإمدادهم بالسلاح والعتاد؛ باعتبارهم أحد قنوات مدّ النفوذ الإيراني مذهبيًا وسياسيّا، في جنوب شبه الجزيرة العربية. كما سبق وأكدت في مقال: إيران والدور الإقليمي.
أقول: وبهذا المنطق أيضا نفهم دور إيران في بعض الدول الخليجية التي تشكل المذهبية الشيعية نسبا مقدرة من تكوينها الديني والطائفي مثل البحرين، واستخدامها لتلك الأقليات الشيعية كمخلب قط في تأجيج صراعات المنطقة وتوسيع دائرة التوترات الإقليمية وخاصة مع السعودية.
أما تركيا فمنذ أيام تورجوت أوزال وهي تعتبر نفسها أقوى دولة في "الشرق الأوسط"، ولقد طور إسلاميو تركيا بقيادة أحمد داود أغلو مفهوما لتركيا حولها من جسر - ذلك المفهوم التقليدي لتركيا أثناء الحرب الباردة- إلى مركز، وعبّر عن ذلك بوضوح في كتابه: العمق الإستراتيجي.
ونجحت تركيا في ذلك بعد أن مزجت مزجًا عجيبًا وعبقريًّا بين مصادر قوتها الصلبة: (جيش قوي: عددًا وتسليحًا؛ عدد سكان: كبير ومتنوع؛ اقتصاد: متين ومتوازن) ومصادر قوتها الناعمة: (صلات تاريخية أوسع بعمقها العربي والإسلامي؛ تفعيل أكثر للروابط وللأبعاد الثقافية؛ استثمار أفضل للموقع الجغرافي "الجيوإستراتيجي".
وتظل المعادلة الدولية هي المعادلة الضابطة الحاكمة لمجمل الأدوار الإقليمية وهي التي يمكن أن تحكم مستقبل الصراع في البحرين.
لقد اندلعت المطالب في البحرين على أساس من قاعدة حقوقية استمالت كثير من المتابعين، لكن ارتفاع سقف المطالب لدرجة الإعلان عن الرغبة في تغيير النظام الملكي إلى جمهوري، وبروز البعد الطائفي الشيعي، والدعم الإيراني السافر أفقد كثير من المطالب البحرينية شرعيتها، وخلق حالة من الانقسام الرأسي حول المطالب من أساسها (وخلق حولها اصطفافا طائفيا من حيث القبول والرفض) وخسر البحرينيون حراكا سياسيا حرا كان من الممكن أن يصب في مصلحة كل الشعب البحريني سنته وشيعته، وفي تطوير تلك الدولة المسالمة.
لقد أحرق الدعم الإيراني من جهة والاستتباع الواضح لبعض النخب الشيعية من جهة أخرى مراكبهم مع النظام البحريني ولن يمنحهم الدعم الإيراني مركبا آخر لأن ذلك محكوم بموازين القوى الإقليمية وتشابكاتها الدولية، ولقد علمتنا تجارب التاريخ أن إيران على استعداد للمقايضة بأي مستتبع في سبيل مصالحها وطموحاتها الإقليمية، وهي ليست بدعا من الدول في ذلك، فالدول القومية ليست جمعيات خيرية ولا تكوينات عقائدية إنما عقل محض وسياسات قوة وتوازن قوى وعلاقات مصلحيِّة إستراتيجية أو تكتيكية.
وما تصريحات أبطحي (مستشار رئيس الجمهورية الإيرانية السابق): "لولا إيران ما دخلت أمريكا أفغانستان ولا دخلت العراق" عنّا ببعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.