لا تزال وزارة التربية والتعليم في مصر تقدم صورة مرتبكة لسياساتها الخاصة بتعيين المعلمين، إذ تتأرجح ما بين الاستعانة بنظام "الحصة" لسد العجز داخل المدارس، وبين تجاهل الآلاف من خريجي كليات التربية المؤهلين أكاديمياً وتربوياً للقيام بهذا الدور. فالوزارة تعلن في كل عام عن عجز يصل إلى عشرات الآلاف من المعلمين في مختلف التخصصات، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على العملية التعليمية، سواء بزيادة كثافة الفصول أو إسناد مواد دراسية لمدرسين من تخصصات أخرى. ورغم وضوح هذه الأزمة، تلجأ الوزارة إلى حلول مؤقتة لا تليق بخطورة الملف. فالتعاقد بنظام الحصة.. حل مُسكن وعلى أثره ؛طرحت الوزارة خلال الأعوام الماضية فكرة التعاقد بالحصة، حيث يحصل المدرس على مقابل زهيد لا يتجاوز عشرات الجنيهات، دون أي ضمانات للتأمينات الاجتماعية أو فرص التثبيت. هذا النظام لا يضمن استقرار المعلم، ولا يخلق انتماءا حقيقياً للمهنة، بل يحول المعلم إلى عامل مؤقت يبحث عن فرصة أخرى أكثر أماناً. فيا سادة ؛تهميش خريجي كليات التربية كارثة فعشرات الآلاف من خريجي كليات التربية يقفون على أبواب البطالة، وهم الذين أنفقت الدولة على تعليمهم وتأهيلهم تربوياً لإعداد أجيال جديدة. هؤلاء الخريجون يعتبرون الكنز الحقيقي لسد العجز، ومع ذلك يتم تجاهلهم لصالح "الحلول المؤقتة"، وكأن الوزارة تدير التعليم بمنطق إدارة الأزمات لا بناء المستقبل. وهنا تلوح فى الأفق النتائج الكارثية أهمها انخفاض جودة التعليم بسبب غياب الاستقرار الوظيفي. وإحباط آلاف الخريجين الذين فقدوا الأمل في العمل بمجالهم. وهدر استثمارات الدولة في كليات التربية التي أُنشئت خصيصاً لإمداد المدارس بالكوادر. والمطلوب من الوزارة ؛ ليس المزيد من المسكنات، بل رؤية استراتيجية واضحة تقوم على: 1. فتح باب التعيين الرسمي لخريجي كليات التربية لسد العجز. 2. توفير ميزانية ثابتة للمرتبات بما يحفظ كرامة المعلم. 3. وضع خطة طويلة المدى لإعادة الاعتبار لمهنة التدريس كركيزة أساسية لبناء الدولة. #فى النهاية بقى أن أقول ؛إن استمرار وزارة التعليم في التخبط بين نظام "الحصة" وتجاهل الخريجين، ليس سوى انعكاس لأزمة إدارة حقيقية. ولا سبيل للنهوض بالتعليم إلا بالاعتراف بأن المعلم هو أساس العملية التعليمية، وأن الاستثمار فيه ليس رفاهية بل ضرورة وطنية.