كتب: ناصر البدراوى إن الهدنة الإنسانية التي ستتيحها إسرائيل هذا الصباح في غزة ترمي بحسب ما يقوله المتحدثون الرسميون الى ثلاثة أهداف رئيسة وهي منح المدنيين مهلة آمنة للتزود بالحاجات الاساسية، هذا في المستوى الانساني؛ وتمكينهم من فعل ذلك ايضا مع امكانية أن يستمر القتال بضعة ايام اخرى بل إنه قد يتسع ويقوى؛ والأمل بأن تتأكد للمدنيين حينما يخرجون الى الشوارع مقادير الدمار التي خلفتها هجمات سلاح الجو أو بحسب التعريف الاسرائيلي: «الدمار الذي جلبته حماس على سكان القطاع». لكن للهدنة هدفين آخرين غير مُعلنين. الاول الزيادة في شرعية العملية العسكرية في غزة، فقد توجهت الاممالمتحدة الى اسرائيل فاستجابت – ويُسمع هذا بصورة ممتازة بآذان غربية يقلقها على الخصوص تأثيرات الحرب في مدنيين أبرياء في القطاع، ومن هنا ايضا يأتي الهدف الثالث وهو أن يتم تخفيف بقدر المستطاع انتقاد اسرائيل على إثر قتل الاطفال الاربعة أمس في غزة. ويُبين اعلان متحدث الجيش الاسرائيلي بوضوح أن اسرائيل مسؤولة عن ذلك وأنه وقع خطأ بسبب استعمال المنظمات الارهابية للمجال المدني الذي يفضي مباشرة الى اصابة المدنيين. كان فريق برئاسة اللواء نوعم تيفون يفحص عن تلك الحادثة منذ أمس. ويجري الجيش الاسرائيلي باعتبار ذلك درسا من عملية الرصاص المصبوب وخشية أن يُدفع الى لجان تحقيق دولية اخرى، يجري سلسلة اجراءات مصحوبة برقابة قضائية للتحقق من حِل عملياته قبل التنفيذ وبعده. وتؤكد حالات الاخطاء تأكيدا خاصا التي يفحص عنها الفريق من هيئة القيادة العامة في الوقت المناسب كما قلنا آنفا؛ وقد وقع عدد منها منذ بدأت العملية الحالية وفي مقدمتها مقتل خمسة مدنيين خلال هجوم على بيت في خانيونس وقتل 21 مدنيا بهجوم على المسجد في حي التفاح. ستتم الهدنة الانسانية (وليس واضحا هل ستستجيب حماس لها وتكف اطلاق النار من جهتها ايضا) بموازاة اتصالات لاحراز وقف اطلاق نار عام. فقد حافظت حماس أمس على الخط الرسمي المتشدد الذي تمسك بالقتال، بل أرسلت قائمة شروط تتعلق في الاساس بدفع الرواتب وفتح المعابر من مصر الى القطاع. لكنه أرسلت رسائل اخرى تحت الارض منها رسائل تتحسس امكانية التوصل الى اتفاقات على هدنة عامة طويلة الأمد. وكانت آخر مرة بادرت فيها حماس الى اجراء كهذا قبل عشر سنين بالضبط على إثر تصفية احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، ويمكن أن يشهد تحسسها في هذا الاتجاه الآن على أزمتها العامة – الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والعسكرية. ستستمر تلك الاتصالات اليوم ايضا في القاهرة، وتحاول مصر أن تصوغ رزمة تضعف حماس وتمنح أبو مازن موطيء قدم في القطاع بواسطة الوجود في المعابر وفي الشرطة – وتستبدل التمويل القطري المناصر لحماس بمال من دول أكثر اعتدالا مثل السعودية واتحاد الامارات. وليست احتمالات هذا الاجراء واضحة لأنه يجري بموازاته جهد وساطة قطرية؛ ومن المحتمل أن تغلب القناة المصرية، ويمكن أن يضاف الى الاتفاق الرسمي الذي يبشر بعودة الهدوء (بتجديد تفاهمات عمود السحاب) تفصيل في قضية الاموال والمعابر. ويستمر الطرفان في القتال الى أن يحدث ذلك. ويرمي قرار تجنيد 8 آلاف جندي احتياط آخر الى التمكين من تبديل وحدات نظامية اخرى ونقلها الى الجنوب بغية زيادة الضغط على حماس وللاستعداد لامكانية أن تنهار الاتصالات السياسية ويُطلب الى الجيش الاسرائيلي أن يبدأ عملية برية محدودة. ويريدون في اسرائيل الامتناع عن هذه العملية، لكنهم يدركون أن ازمة حماس ستأخذها الى واحد من طريقين – الى اتفاق يعيد الهدوء (ويُمكن من نزع سلاح القطاع بصورة كبيرة، بوساطة المصر إسرائيل اليوم 17/7/2014 يوآف ليمور