جاء البلدوزر وحضرت قوات الأمن والبلدية، لتقف في مواجهة أكشاك صغيرة يسترزق منها مواطن بسيط يوميًا بضعة جنيهات ليصرف بها على أسرته، يقف هو مكتوف الأيدي لا يعرف ماذا يفعل فجأة أصبح بلا دخل بعد هدم مصدر رزقه في دقائق معدودة في الوقت الذي أخذ يبنيه بعرق جبينه لشهور وربما لسنوات. القوة غير متكافئة بالمرة، فآلة الهدم تكسح كل ما هو أمامها ولا يملك هو غير الدعاء على من تسبب في خراب بيته دون توفير بديل له، والبعض الاخر يصرخ.. "يعنى نسرق.. ولا نعمل ايه "… هذا أضحى حال باعة الجائلين، وعدد من أصحاب الأكشاك الصغيرة بمنطقة شبرا الخيمة حسبما رأينا اليوم، وأكدت لنا نقيبتهم فاطمة في تصريحاتها لنا. "احنا انتخبنا السيسي عشان كنا فاكرينه هيحس بينا لكن للأسف جم ودمروها ".. هذا كان لسان حال فاطمة صبحى عبد الغنى، رئيسة نقابة الباعة الجائلين بالقليوبية، خلال حديثها إلينا قائلة: "من بعد ما مسك الريس السيسي بأسبوع وبدأت حملات الإزالة للفرش والأكشاك مصدر رزق الكثير من الباعة الجائلين بمنطقة القليوبية، دون توفير الحل البديل لهم". وتروى نقيبة الباعة الجائلين بالقليوبية حالة أحد المتضررين قائلة: يوجد بائع قمنا بعمل جمعية له لكى يشترى بضاعة ثمنها 10 آلاف جنيه يأكل منها عيش، ويصرف على عياله، وفي اليوم التالي لعمله فوجئ بالبلدية، تأتى وتهد كل هذا في غمضة عين، وليس هناك أي إمكانية لاسترجاعها لأنه تم إلقاء البضاعة التي جمعنا ثمنها له في مقلب الزبالة بأبو زعبل وتم إعدامها". وتتابع: من أين سيصرف الآن على أولاده الخمسة؟ وكيف سيدفع إيجار المنزل الذي يقطن به؟ والجمعية أصبحت دين عليه؟ فأين سيأتي بكل هذا؟، ليس هو فقط بهذا الشكل، وإنما مثله الكثير ومن يفكر في الاعتراض أو التحدث يتم اقتياده إلى القسم ليأخذ "الطريحة" – على حد وصفها – ثم يحبس ويخرج بعد ذلك في نفس اليوم. "احنا قلنا هننتخب الريس ده عشان كنا فاكرينه عادل وهيحللنا مشكلتنا، لكن للأسف مفيش حل"، بتلك العبارة استكملت "فاطمة" حديثها إلينا مضيفه: " المفروض انهم قبل ما يشيلونا وياخدوا بضاعتنا يوفروا لنا البديل، وإن كان البديل كان متوفر يتركونا بشكل مؤقت لحين توفير البديل وأنا لدى البديل والاماكن التي من الممكن ان يوفروها للباعة الجائلين، وخاطبت الكثير من الجهات ولكن لا أحد يريد أن يستمع". وتؤكد أنهم الآن أصبحوا عبارة عن قنبلة موقوته، إن تم الضغط عليها أكثر من ذلك ستنفجر، لافته إلى أن عددهم يزيد عن ال 8 مليون بائع على مستوى القاهرةوالقليوبية، ما تتضرر من حملات الإزالة في القليوبية حتى الآن أكثر من 150 بائعًا، وتتابع: "احنا عايزين نصلح البلد مش نخربها". وتتابع "اعمل بائعة منذ 5 سنوات، وكنا نمر بمشاكل ولكن الآن الوضع فاق الحدود، ففي العام الماضي كان أستاذ محمد فريد من شرطة المرافق كان يعيد لنا بضائعنا التي تتم إزالتها وكان يجلس معنا، ويطلب أن لا نقوم بالفرش بعد الساعة 3 كان يشعر بمعاناة البائع، لكن الآن يأخذوا بضائعنا ويدفنوها فمن بعد أسبوعين من انتخابي للريس السيسي بدأ الازالة رغم أنه وعد قبل ترشحه أنه سيوفر للبائعين الحل قبل إزالتهم وعلى هذا الأساس نزل الباعة الجائلون وانتخبوه، ولكن فوجئنا بالعكس". وكشفت نقيبة الباعة الجائلين أن الإزالة طالت أكشاك مرخصة مثل كشك أحد الباعة يدعى "أحمد أبوحديدة" وأخبرهم أنه يدفع فلوس للإدارة الهندسية ولكن تمت الإزالة. فيما يقول زيان عبد الدايم، مشرف عام النقابات المستقلة، ورئيس اتحاد عمال مصر المطور- تحت الإنشاء " نؤيد حملة الإزالة ولكن بشرط توفير أماكن بديلة للبائعين لأن من يفعل غير ذلك فإنه يعادى الدولة، لكن إزالة والبائعين تخرج تسرق فهذا غير مقبول، نحن لدينا 6 ملايين بائع جميعهم أيدوا خارطة الطريق والرئيس عبد الفتاح السيسي". وتابع: أطالب تعاون الحكومة والحى مع رئيس نقابة الباعة الجائلين بالقليوبية، وتوفير أماكن للباعة الجائلين يكون بها حركة وليس على أطراف المدينة لأن إن تم إنشاء سوق في مكان ليس به حركة ولم يعمل فإن هذا معناه، إهدار المال العام، لافتًا إلى أنه يؤيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ولكنه يرفض الظلم ضد البائعين في الوقت ذاته. "عايزين يدفنوا البياعين" بتلك العبارة جاءت على لسان عادل حسن محمود، عضو بإدارة نقابة الباعة الجائلين، قائلا: "مر رئيس الحى عصر اليوم واخذ يسب في الباعة، وسألني أنت بتشتغل ايه؟ فأخبرته أننى " بتاع ورنيش" فبادلنى الرد: "امشى غور شوف شغلك، وقاموا بإزالة فرشة بائع خضار وآخر يبيع العرق سوس".