قال مخرج فيلم ‘النور والظلام'،'أول'فيلم وثائقي'عن حياة'المكفوفين في مصر، إن فيلمه يوثّق المعاناة اليومية ل'830 ألف مكفوف في مصر. وفي حواره معنا، أضاف'مصطفى درويش أن فيلمه يلقي'الضوء على جوانب كثيرة في حياة المكفوفين في مصر الذين'يطالهم'الإهمال في مجالات شتى بينها التعليم ووسائل المواصلات والرياضة رغم تفوق العديد منهم كل في مجاله.' ولفت إلى أن ‘فكرة الفيلم هي بطله الحقيقي؛ لأنها قائمة على مبدأ إنساني خالص مفاده أن المكفوف قادر على أن يكون مُنتِجًا فعالاً في مجتمعه إذا ما أتيحت له الفرصة لذلك'. وفيما يلي نص الحوار: أمضيت عامًا كاملاً'في إعداد الفيلم..'فما هي أبرز ملامح فترة الإعداد؟ فكرة وتصوير وإخراج الفيلم بالكامل كلها مهام فنية تمت بمجهود فردي مني. وخلال هذا العام تجوّلت بين 6 محافظات مصرية هي القاهرة (العاصمة) والإسكندرية (شمال) والدقهلية والشرقية والمنوفية ( دلتا النيل) وبني سويف (وسط) حيث يقطن'المكفوفون الذين قمت بالتصوير معهم،'وأحيانًا كنت أسافر للمحافظة الواحدة أكثر من مرة لإنجاز التصوير. وحصلت على إحصائية من المركز تفيد بأن مصر بها 830 ألف مكفوف أي ما يقارب من 1 في المائة من نسبة سكان مصر الذين يقاربون'90 مليونا. بخلاف التصاريح..'ما أبرز العقبات التي واجهت تصوير الفيلم؟ ثقافة الفوبيا من الكاميرا التي انتشرت بشدة مؤخرًا بين المصريين؛'فرغم حصولي على التصاريح المطلوبة إلا أن البعض كان يشتبك معي لمجرد أنني أحمل كاميرا، وطلب مني أحد مسؤولي مراكز المكفوفين تصويرهم من ظهورهم، واتهموني بتصوير مواد تضر بالدولة وإظهار المكفوفين بشكل يضر بهم،'وعلى النقيض تمامًا جاءت معاملة المكفوفين أنفسهم الذين كانوا يرحّبون بوجودي وساعدوني كثيرًا لإنجاز الفيلم. ما هي أبرز المشاهد التي وثّقها الفيلم في مدارس المكفوفين؟ وثّقنا سلبيات وإيجابيات هذه المدارس،'أما الإيجابيات فتتلخص في تحسّن الحالة النفسية والصحية للكفيف عقب انخراطه في المدرسة التي تراعي عدم تكدس الطلاب'في الفصول بحيث لا تزيد الطاقة الاستيعابية للفصل الواحد عن تسعة طلاب على عكس باقي المدارس في مصر،'أما السلبيات فكانت أن وزارة التربية والتعليم لا تعتني بطبع الكتب والروايات للمكفوفين على طريقة برايل (الكتابة برموز بارزة)'ما يدفعهم لتحمّل تكلفة طباعتها على نفقتهم الخاصة رغم ضيق ذات اليد التي يعاني منها غالبيتهم. مَنْ هم أبطال فيلمك؟ فكرة الفيلم هي بطله الحقيقي؛ لأنها قائمة على مبدأ إنساني خالص مفاده أن المكفوف قادر على أن يكون مُنتِجًا فعالاً في مجتمعه إذا ما أتيحت له الفرصة لذلك،'ودللنا على سلامة فكرتنا بثلاثة نماذج بشرية من المكفوفين تدور حول حياتهم كل أحداث الفيلم على مدار 40 دقيقة. أول هؤلاء وائل السيد، عازف الأوكورديون (آلة موسيقية'تحمل باليد)'في فريق ‘وسط البلد' الغنائي، والثاني هو الشيخ أحمد عرابي، الموظف بكلية تربية موسيقية جامعة حلوان (جنوبي القاهرة)، أما الثالث فهو'إسلام الشواك، الطالب بكلية آداب قسم اللغة العربية بجامعة عين شمس (شرقي القاهرة)،'وبالرغم من أن وظائفهم المختلفة تمامًا تعطي انطباعًا للوهلة الأولى بأن حياة كل منهم مختلفة،'إلا'أن الفيلم يظهر أن هذا الانطباع غير صحيح؛'فمأساة المكفوفين في مصر واحدة مهما اختلفت وظائفهم أو تفاصيل حياتهم. بخلاف الأبطال الثلاثة..'هل يستعرض الفيلم تجارب إنسانية مميزة لمكفوفين؟ بالتأكيد،'تمكّنت من التصوير مع شاب كفيف لديه موهبة خاصة جدًا في صناعة برامج السوفت وير (برمجيات). كذلك،'تمكّنت من التصوير مع أوركسترا ‘النور والأمل' الذي يضم مكفوفين موهوبين في مختلف المجالات الموسيقية،والذين تمكّنوا من تقديم عروض فنية ناجحة للغاية في أكثر من 35 دولة حول العالم لدرجة أن تذاكر حفلاتهم كانت تنفد'في'هذه الدول،'ومع ذلك لا أحد يعلم عن حفلاتهم أي شئ في مصر. إن كل المكفوفين الذين سجلت معهم لديهم استياء شديد من فكرة حصولهم على أي دخل مادي دون تأدية عمل مقابل هذا الدخل؛ لذلك منهم من يعمل في الورش والمطابع بحرفية شديدة، حتى النساء منهم يجيدن'صناعة المنتجات اليدوية وفن التطريز والتريكو. كيف يوثّق الفيلم لمآسي المكفوفين في مصر؟ الفيلم ألقى الضوء على جوانب كثيرة في حياة المكفوفين لا يعلم عنها بقية المصريين شيئًا، فعلى سبيل المثال هناك عَصَا مخصصة للمكفوفين يتكئون عليها في التنقل وتسبق خطاهم بحوالي متر لتنذرهم بما إذا كان هناك أي شئ يعترض طريقهم. إن هذه العصا غير متوفرة في مصر، فمن بين 30 مكفوفًا صورت معهم لم أجدها سوى مع واحد فقط'هو وائل السيد العازف بفريق ‘وسط البلد'، وحينما'سألته عنها أخبرني أن طبيعة عمله تتيح له السفر لذلك تمكّن من شرائها خلال'زيارته للولايات المتحدة. إن الدولة لا تعترف بتعليم المكفوفين إلا حتى المرحلة الثانوية فقط ولا توفّر لهم كتبًا'بطريقة ‘برايل' في الجامعات فيضطر الطلاب لطباعتها على نفقتهم، وبعد ذلك يدخلون الامتحانات ليفاجئوا بأنه لم يتم طبع′ورقة أسئلة بطريقة ‘برايل' كي يتمكنوا من الإجابة عنها،'وتطالبهم إدارات الجامعات باصطحاب مرافق معهم ليقرأ لهم أسئلة الامتحان ويدون إجاباتهم رغم أنهم تلقوا تعليمهم بالكامل على طريقة ‘برايل'. إن الفيلم يوثّق كذلك لمعاناة المكفوفين يوميًا في الشوارع ومع وسائل المواصلات وفي الأسواق. (الأناضول)