ومن خلال البحث والتقصي حول ظهورهذه الظاهرة الفنية ( التقنية البحتة ) في أعمال الفن الرافديني بشكل عام ، فقد وجدت ان مثل هذه الظاهرة ( الأختزال ) قد ظهرت في اعمال فنية ( أشورية ) لشخصيات مختلفة من ألهه وملوك وضباط وجنود ، يحاولون الرمي بواسطة القوس والنشاب ، ويبدو ان الفنان قد حافظ على عدم اظهار الجزء الأعلى من ( وترالقوس ) ، وذلك لغايات تقنية وجمالية لتفادي حالة التشويه التي تحدث في وجوه هذه الشخصيات نتيجة مرور ( وتر القوس ) من خلالها ولدينا أمثله كثيرة على ذلك منها ، قوس الصياد الذي يظهر في ( مشهد صيد ) يعود الى ( القرن 8 ق.م ) في عهد سرجون الثاني ( اللوح 9 ب ) في قصر سرجون الثاني ( خرسباد ) ، ومنها الأقواس التي تظهر بايدي الجنود الأشوريين المهاجمين في مشاهد الحرب التي تظهر على بوابات بلوات في ( كار شلمنصر ) في ( القرن 9 ق.م ) ( اللوح 9 ج ) ، وأقواس أخرى كثيرة تظهر في مشاهد القتال التي زينت جدران القصر الشمالي الغربي في ( كالح نمرود ) ( القرن 9 ق.م ) منها القوس الذي يظهر بيد الملك آشورناصربال الثاني وهو بحالة قتال فوق عربته ( اللوح 9 د ) ، واقواس مجموعة أخرى من المهاجين ( الضباط ) يقاتلون فوق عربتهم مثل المقاتل الذي يظهر في ( اللوح 9 ه ) ، والقوسان اللذان يظهران بيد جنديين يهاجمان قلعة ( اللوح 10 آ ) واقواس اخرى كثيرة لجنود بحالة قتال يرمون من فوق القلاع مثل ( اللوح 10 ب ) ، كما يمكننا تتبع هذه الظاهرة في فن الأختام الأسطوانية من هذا العصر في ( كالح نمرود ) ايضا ( اللوح 11 آ ) ، كما ظهرت هذه الظاهرة في قوس الأله أشور وهو بحالة القتال ( اللوح 10 ج ) ، كما ظهرت في منحوته من ( النحت البارز ) تعود الى نفس مدة ( حدود البحث ) تعود لملك يقاتل بقوسه فوق عربته في ( كركميش القرن 11 ق.م ) (26 .161 ) ( اللوح 10 د ) . ومن الجدير بالأهتمام ونتيجة لتكرار هذه الحالة في فن النحت البارز الأشوري ، حيث يمكن عدها سمة مميزة من سمات ( التقنية الفنية ) لهذا الفن في الحضارة الأشورية بشكل خاص ، الا ان هذه الظاهرة لم تظهر في أعمال الرسوم الجدارية الأشورية ، اذ حافظ الفنان على أظهار الوتر كاملا على الوجه دون المساس بالناحية الجمالية له على انه يمثل خطا مرسوما يمر من خلاله ، وهذا ما يوضحه مشهد الصيد للملك أشور بانيبال ( اللوح 10 و ) . ويمكننا عدها من سمات ( التقنية الفنية ) الرافدينية ( العراقية الأصل ) بشكل عام ، وذلك لظهورها في عصور سبقت العصر الأشوري ، حيث ظهرت على قوس الملك ( نرام سن ) من العصر الأكدي ( 2230-2371 ق.م ) ( اللوح 11 ب ) . كما تأثرت فنون بلدان مجاورة لحضارة وادي الرافدين بهذه الظاهرة الفنية المميزة ، حيث نجد ذلك التأثر يبدو واضحا في فن الأختام الأسطوانية ( الأخميني )( 330-558 ق.م )( اللوح 11 ج ) . ويمكن تتبع ظاهرة ( الأختزال ) بشكل عام في مختلف عصور الفن العراقي القديم ، ونجد ذلك في أحجار الحدود الكشية ( القرن 12 ق.م ) ( اللوح 4 آ ) ، فتظهر لحية ( أله العقرب ) كاملة دون ان يمر( السهم ) من فوقها وذلك في محاولة من الفنان تفادي التشويه الذي يحصل فيها . كما يمكننا تتبع هذه الظاهرة او ما يسمى بحالة ( التراكب الشكلي الجزئي ) على انها تمثل نوعا من أنواع ( الأخنزال ) في عصور سبقت هذه المدة الزمنية ( القرن 11 ق.م ) ، ونجد ذلك في نماذج متعددة في الفن الرافديني القديم مثل أخفاء ( العجلتين الخلفيتين ) لعربة الملك في راية أور ( منتصف الألف الثالث ق.م ) . كما ظهرت في عصور لاحقة وخاصة في فن الرسم الجداري الأشوري ، حيث أظهرت الرسوم الجدارية في قصر ( تل بارسيب الأقليمي ) هذه السمة بشكل واضح في أخفاء بعض اجزاء مفردات الموضوع مثل ( أخفاء الأيدي خلف الجسم ) او اخفاء ( الرجلتين الخلفية ) للعرش الملكي وأظهار ( الرجلتين الأمامية ) فقط ( اللوح 10 ه ) أو أخفاء خيول متعاقبة وأظهار الحصان الأول فقط ) (*17) (اللوح 10 و ) او أخفاء العجلة الخلفية للعربات واالأكتفاء باظهار العجلة الأمامية فقط ( اللوح السابق ) . وباعتقادنا ان هذه السمة هي سمة رافدينية أصيلة من روح ( الأختزال والبساطة ) في الفن العراقي القديم ، واللتان ظهرتا في هذين العملين ( اللوح 9 أ ، 9ه ) ، اي ان الفنان في هذين المشهدين ، لم يظهر بالحالة التي وصفها به ( اندري بارو ) فيذكر على حد قوله ( ان النحات يعجز احيانا عن اظهار وتر القوس وقاعدة السهم اللذين يجب ان يشاهدا فوق وجه رامي السهام )( 2 : ص104 ) . بل نعتقد ان الفنان كان يمارس هذا ( التقليد الظاهرة ) عن معرفة للتراث الفني الرافديني وسماته الفنية المعروفة حيث لانزال نجد في هذين المشهدين سماتا فنية اخرى ماثلة امامنا مثل نحت الوجه بهيئته الجانبية والصدر امامي والجذع جانبي والرجل جانبية . وعودة اخرى الى المشاهد الأخرى والتي اظهرت بعض الشخصيات الأسطورية للميثولوجيا العراقية القديمة منها شخصية ( كلكامش وانكيدو ) وهما يحملان شعارا مجنحا بهيئة ( النسر فاردا جناحيه برأس قرص الشمس ) (18* ) ( اللوح 8 ب ) ، حيث تتضح سمة التناظر والتماثل في التكوين الفني لمفردات هذا المشهد ، كما ظهرت مشاهد اخرى تعبر عن اسد مكشر عن انيابه ( اللوح 8 ج ) ، يتقدم ماشيا ( بايقاع حركي ) معروف في الكثير من الأسود الرافدينية بحالة السير ، حيث تظهر مثل هذه الأسود في واجهات المعابد الأشورية مثل ( معبد سين ) في ( دور شاروكين خرسباد ) وفي شارع الموكب في مدينة بابل ، ويعكس هذا العمل طبيعة الفكر الرافديني الذي ينتمي اليه الفنان ، والذي يؤمن بالحركة المستمرة بعدها حياة ، والسكون والجمود بعدهما موتا ، والذي أثر بدوره في مجمل النتاجات الرافدينية من خلال مواضيعها ومفرداتها ورموزها التي تعبر عن الأيقاع الحيوي للحركة المستمرة للحياة . ومنها هذه الأسود التي تكون بحالة السير بأيقاع واضح مميز . كما ظهر مشهد آخريمثل الأله ( تيشوب أله العناصر ) ( اللوح 8 د ) الذي ظهر ملوحا بصولجانه وآلته الطقوسية ( عصا معقوف ) والتي يظهر ما ي