كتب : ناصر البدراوى بعد أقل من شهرين ستجرى انتخابات الرئاسة في اوكرانيا، لكن يبدو أن مستقبل أكبر الدول الاوروبية متعلق على الخصوص بمصير المنطقة الشرقية منها. أصبح الكرملين يهدد منذ كان ضم شبه جزيرة القرم بالفعل بضم شرق اوكرانيا ايضا وهي منطقة كثيرة المناجم يسكنها ربع ال 45 مليونا من مواطني اوكرانيا. بيد أن روسيا التي تعلم أن تأييد الانضمام الى روسيا بين سكان الشرق أقل مما كان في القرم، تراهن على احداث فوضى في الشرق تسهل بعد ذلك ابتلاع الشرق وهضمه. ويأملون في موسكو أن تفضي الفوضى التي ستنشأ في الوقت نفسه الى انجاز آخر وهو تأجيل الانتخابات التي يفترض ان تعيد النظام والقانون الى اوكرانيا لأنه كيف يمكن اجراء انتخابات في اثناء حرب أهلية؟. يدير فلادمير بوتين بنفسه المعركة الاوكرانية التي اصبحت بالنسبة اليه معركة حياته: فرئيس روسيا يؤمن بأن الطريق لاعادة روسيا الى مكانة القوة العظمى تمر باوكرانيا. ومن المنطق أن نفرض أنه اذا نجح في تحقيق طموحه فلن يقف هناك. بيد أن شبه جزيرة القرم كان المحطة الاولى ولا شك في أن سهولة الضم التي لا تحتمل زادت في شهوته. وليس عند الغرب الذي لا زعامة له خيارات كثيرة اخرى لمواجهة روسيا سوى تشديد العقوبات الاقتصادية والغاء جوازات كبار المسؤولين الروس. أمر رئيس اوكرانيا المؤقت توتشينوف أمس ببدء ‘عملية على الارهاب' في شرق الدولة. وبينوا في كييف أن العملية ‘ستجري على مراحل، وبصورة مسؤولة'. وهم في عاصمة اوكرانيا يعلمون جيدا أن السيناريو الذي يناسب الروس هو وقوع مصابين كثيرين فموسكو تريد دما في الشرق وقد نشرت بسبب ذلك أمس أنه قتل 11 شخصا في استيلاء الجيش الاوكراني على قاعدة سلاح الجو في كرمتوكس في اقليم دانتسيغ. إن الحكومة المؤقتة في اوكرانيا في شرك، وكما صاغ ذلك محلل صحيفة ‘تلغراف' ديفيد بلير: ‘اذا ردت كييف بعنف زائد يفضي الى مصابين كثيرين من المعسكر الموالي لروسيا فانها ستستدعي بذلك تدخلا عسكريا من روسيا التي ستزعم أنها تعمل على حماية مواطنيها. لكن اذا ترددت كييف وتأخر ردها فستنجح موسكو في زيادة نشاط العصابات المسلحة الموالية لروسيا في الشرق، وسيفضي هذا السيناريو ايضا الى نتيجة مشابهة وهي سيطرة روسية فعلية على شرق اوكرانيا'. لا شك أن الازمة في اوكرانيا يمكن أن تفضي الى ازمة دولية كبيرة. فهذه اول مرة في واقع الامر منذ انتهت الحرب الباردة تبتلع فيها ارض من دولة اوروبية على يد جارتها. والغرب ايضا في شرك: فهو من جهة يريد ان يعاقب روسيا وان يردعها ايضا وهو معني من جهة اخرى بالحفاظ على علاقات طيبة بموسكو من اجل المستقبل ومن اجل حل ناجح لصراعات اخرى (سوريا وايران). كيف يفعلون ذلك؟ ليس ذلك واضحا. ويوجد الآن من يعملون على صيغة تتنازل بها اوكرانيا نظريا عن القرم وتتنازل روسيا عن اوكرانيا. ولا احتمال لحدوث ذلك بحسب علاقات القوى اليوم وسلوك بوتين في مواجهة اوباما. اسرائيل اليوم 14/4/2014