الصراع الدائر حاليا بين روسياوأوكرانيا وما تشهده الأخيرة من اضطرابات وتدهور فى الأوضاع الأمنية والاقتصادية دفع كثيرا من اليهود هناك إلى الفرار إلى إسرائيل، فقد استقبل مطار بن جوريون مجموعة من يهود كييف ممن ساعدتهم الوكالة اليهودية على الهجرة إلى إسرائيل ومن المتوقع وصول أعداد أخرى خلال الفترة المقبلة.. وتقول داريا جرونسكى 23 سنة : لقد تركت كييف وهاجرت إلى إسرائيل لأن الاوضاع فى أوكرانيا لا تبشر بخير والمستقبل أصبح مجهولا بسبب تفاقم الازمة الاقتصادية، أيضا تاتيانا وفلاديمير كوحان واثنان من أطفالهما ممن هاجروا إلى إسرائيل يرجعون سبب هجرتهم إلى تردى الاوضاع فى اوكرانيا فالوضع كما يقول فلاديمير معقد وصعب للغاية فى ظل انعدام الأمن وفقدان المسئولين السيطرة على مقاليد الامور، ومنذ بداية الازمة الاوكرانية الحالية كما تقول صحيفة يديعوت أحرونوت اصبحت هناك حالة عداء لليهود وقد استقبلت إسرائيل خلال الاعوام الاخيرة 115 ألف مهاجر من بينهم 45 ألفا من أوكرانيا ويكشف الحاخام ابراهام وولف الحاخام الرئيسى لأوديسا وجنوب اوكرانيا عن انه منذ وصوله إلى هناك عام 1992 لم تسجل طلبات هجرة كثيرة على عكس ما يحدث حاليا فحوالى 70% من يهود أوكرانيا يفكرون اليوم فى الهجرة إلى إسرائيل وهذه الموجة لم نشهد مثيلا لها منذ موجة الهجرة الكبرى لليهود من الاتحاد السوفيتى فى بداية التسعينيات . ويرى كثير من المحللين السياسيين فى إسرائيل ان التصعيد فى اوكرانيا مفيد لروسيا. فقد انضمت أوديسا الهادئة الى المعركة على نحو أسعد بوتين. فالأوكرانيون يقومون بالعمل من اجله و الحكومة الاوكرانية المؤقتة لا تضيع أية فرصة للخطأ وما زالت تعمل طبقا للسيناريو الروسى الذى يؤدى آخر الامر الى حرب اهلية ايضا.
ويتساءل الكاتب الاسرائيلى بوعز بسموت ماذا كان يجب أن تفعل الحكومة المؤقتة فى كييف؟ ويجيب أنه كان يجب عليها قبل كل شئ أن تقبل بالوضع غير الممكن الذى نشأ بعد ثورة الميدان وأن تنتظر الانتخابات الرئاسية فى 25 مايو. إن كييف لا تستطيع فى الحقيقة أن توافق على استفتاءات الشعب فى اقاليم مختلفة تطلب الاستقلال والانضمام بعد ذلك الى الأم «روسيا» كما حدث فى شبه جزيرة القرم وكما يتوقع خلال ايام فى دانتسينج، لكن ما يحدث فى واقع الامر هو أنها لم تنجح فى منع الانفصال وهى تتسبب فى مواجهات داخلية عنيفة ويضيف بوعز قائلا: إن الاوكرانيين ما زالوا فى واقع الامر منذ بدأت الازمة يسقطون فى جميع الفخاخ التى ينصبها الروس لهم. وقد كان حصار القوات الاوكرانية للمدينة الصناعية سلفيانيسك هو الخطأ الاخير فى قائمة كييف. فقد ارسل الاوكرانيون دبابات قديمة وجنودا بلا عزيمة، وكان ذلك كافيا لتدعى موسكو أن مواطنى روسيا فى ازمة وخطر.
ومع حقيقة أن موسكو كما يقول بوعز «لا تعترف بشرعية النظام فى كييف، فهى تزعم ايضا أنه فاشى ويتمتع بدعم اليمين المتطرف»، وهنا ايضا اخطأت كييف حينما ضمت الى الحكومة ممثلين عن حزبى اليمين ولم تضم أية شخصية روسية من شرق الدولة. وكان يجب على كييف قبل أن تجدد التجنيد الالزامى أن تجرد الميليشيات المسلحة اليمينية فى اوكرانيا من سلاحها.
وينتظر بوتين التحدى الحقيقى الاول. ويفترض أن تكون الانتخابات تحديا كهذا.
فبعد أسابيع ستجرى انتخابات الرئاسة فى اوكرانيا، لكن يبدو أن مستقبل أكبر الدول الاوروبية متعلق على وجه الخصوص بمصير المنطقة الشرقية منها. أصبح الكرملين يهدد منذ ضم شبه جزيرة القرم بالفعل بضم شرق اوكرانيا ايضا وهى منطقة يسكنها ربع ال 45 مليونا من مواطنى اوكرانيا وترى تل أبيب أن
فلاديمير بوتين يدير بنفسه المعركة الاوكرانية التى اصبحت بالنسبة اليه معركة مصيرية، فرئيس روسيا يؤمن بأن الطريق لإعادة روسيا الى مكانتها كقوة عظمى يمر عبر اوكرانيا. و أنه اذا نجح فى تحقيق طموحه فلن يقف عند هذا الحد. وأمر رئيس أوكرانيا المؤقت توتشينوف ببدء عملية على الارهاب فى شرق الدولة. واوضحوا فى كييف أن العملية ستجرى على مراحل، وبصورة متدرجة.
إن الحكومة المؤقتة فى أوكرانيا فى ورطة والغرب أيضا فى ورطة، فهو من ناحية يريد ان يعاقب روسيا وان يردعها وهو معنى من ناحية اخرى بالحفاظ على علاقات طيبة بموسكو من اجل المستقبل ومن اجل حل ناجح لصراعات أخرى .