إن أصل الدين لا يمكن أن يستخلص من دروسه مجموعة الطقوس والشعائر الدينية حين تدرس بمنهج الملاحظة الاجتماعية أو الأسلوب الإحصائي أو دراسة الحالة أو المسوح الاجتماعية وغيرها من مناهج علم الاجتماع وأي دراسة من هذا القبيل لا تستعين بالوحي فإنما هي ضرب من الحدس والتخمين لا تمت إلي العلم بصلة وذلك لانه لا سبيل إلي البحث في أصل الدين ونشأتي عن طرق التجربة والبحث العلمي لبعده عن حيز المشاهدة وارتباطه بالزمن الماضي البعيد لذلك فلا مندوحة عن استعمال التأمل والتفكير المجرد للان مصدر المعرفة بالواقع الاجتماعي لا يقتصر علي المنهج العلمي المتمثل في التجريب والتحليل وحده بل هناك مصادر أخري للاكتساب المعرفة أهمها الوحي إضافة إلي الإلهام والحدس كما أن الواقع الاجتماعي نفسه ليس مقصورا علي الشاهد المحسوس فقط بل انه يشتمل علي المعنويات والروحانيات التي لاتحدس ولا تقاس إن المنهج العلمي يؤكد الحياد حيال القيم من قبل الباحث حتي لا تغطي عقيدته الموجهة وأماناته ورغباته عن حقيقة الواقع الاجتماعي تحقيقا للموضوعية الكاملة إن الاختلاف بين المجتمعات في معتقداتها وعاداتها ونظمها يشاهد ويوصف فليس الواقع الاجتماعي شيئا إذا لم يكن خروجا علي ..فقيم الإسلام أو دخولا في قيمة ومن ثم فهو لا يغفل ما ينبغي أن يكون عليه الواقع المدروس يفرض المنهج العلمي على الباحث أن يكون موضوعيا في دراسته وتعني الموضوعية فهم أو تصوير الواقع كما هو فان أول التزام أخلاقي للباحث العلمي هو الالتزام بالموضوعية , فالموضوعية هي المبدأ الأخلاقي الأول في العلم وهي ليست نقيض للالتزام ولكنها نقيض للاموضوعية وكلاهما يرتبط بالالتزام وعلى هذا فأن أول التزام أخلاقي للباحث العلمي هو الالتزام بالموضوعية ومن أهم شروط الموضوعية : الحياد القيمي للباحث والتنزه عن الأهواء الشخصية وعدم الانحياز وهو على حق حين يتساءل بدهشة كيف يكون الباحث ملتزما ويكون موضوعيا في نفس الوقت . ** كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية