مديرية العمل بأسوان تنظم ورشة حول حقوق العمال وواجباتهم وفقًا للقانون    ضوابط دخول امتحانات نهاية العام بجامعة الأزهر 2024 (قصة الشبشب)    وكيل الرياضة بالدقهلية تعقد اجتماعا موسعا مع مديري الإدارات الداخلية والفرعية    «المركزي»: البنوك إجازة يومي الأحد والاثنين بمناسبة عيد العمال وشم النسيم    كيف تحصل على دعم صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ؟    رئيس الوزراء يستقبل نظيره البيلاروسي في مطار القاهرة    محلل سياسي: نتنياهو لا يذهب إلى عملية سلام بل يريد إبقاء السيطرة على غزة    الأمم المتحدة: تطهير غزة من الذخائر غير المنفجرة قد يستغرق 14 عامًا    السفارة الروسية: الدبابات الأمريكية والغربية تتحول «كومة خردة» على أيدي مقاتلينا    جلسة تحفيزية للاعبي الإسماعيلي قبل انطلاق المران استعدادا لمواجهة الأهلي    أنشيلوتي: ماضينا أمام البايرن جيد وقيمة ريال مدريد معروفة لدى الجميع    موعد مباراة الهلال والاتحاد والقنوات الناقلة لمباراة نهائي كأس الملك السعودي 2024    بسبب أولمبياد باريس.. مصر تشارك بمنتخب الناشئين في بطولة إفريقيا للسباحة للكبار    هل ستتأثر القاهرة بمنخفض السودان الموسمي؟.. يسبب أمطارا وعواصف ترابية    موعد تشغيل قطارات مطروح 2024.. تعرف على جدول التشغيل    وزيرة الثقافة: اختيار مصر ضيف شرف معرض أبو ظبي للكتاب يؤكد عمق الروابط بين البلدين    عبقرية شعب.. لماذا أصبح شم النسيم اليوم التالى لعيد القيامة؟    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    تعرف على أفضل الأدعية والأعمال المستحبة خلال شهر شوال    جامعة قناة السويس تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    أحلى فطائر تقدميها لأطفالك.. البريوش الطري محشي بالشكولاتة    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    العرض العالمي الأول ل فيلم 1420 في مسابقة مهرجان أفلام السعودية    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    مظاهرة لطلبة موريتانيا رفضا للعدوان الإسرائيلي على غزة    وكيل تعليم بني سويف يناقش الاستعداد لعقد امتحانات النقل والشهادة الإعدادية    الشيخ خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله    خالد الجندى: "اللى بيصلى ويقرأ قرآن بيبان فى وجهه" (فيديو)    مصري بالكويت يعيد حقيبة بها مليون ونصف جنيه لصاحبها: «أمانة في رقبتي»    بشرى سارة ل الهلال قبل مواجهة الاتحاد في كأس خادم الحرمين الشريفين    رئيس «هيئة ضمان جودة التعليم»: ثقافة الجودة ليست موجودة ونحتاج آلية لتحديث المناهج    الاقتصاد العالمى.. و«شيخوخة» ألمانيا واليابان    بالتعاون مع المدارس.. ملتقى لتوظيف الخريجين ب تربية بنها في القليوبية (صور)    وزير الشباب يبحث مع سفير إسبانيا سُبل إنهاء إجراءات سفر لاعبي المشروعات القومية    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    فرقة ثقافة المحمودية تقدم عرض بنت القمر بمسرح النادي الاجتماعي    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    وزيرة الصحة يبحث مع نظيرته القطرية الجهود المشتركة لدعم الأشقاء الفلسطنيين    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    رئيس جامعة أسيوط يعقد اجتماعا لمتابعة الخطة الإستراتيجية للجامعة 20242029    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :التعاون العربي الأوروبي رهانات و آفاق
نشر في الزمان المصري يوم 07 - 03 - 2013

إن تحقيق الشراكة بين الشعوب العربية والأوروبية هي أقل صعوبة في المجالات الاقتصادية والمالية والسياسية حتى والعسكرية، منها في المجالات الإنسانية التي لا تخضع لقرارات إدارية أو حكومية، بل تحتاج لتشكيل فهم جديد ووعي جديد وقبول إنساني متبادل، يحتاج لجهود حثيثة ونوايا صادقة ورغبة وإرادة ووقت يتاح معه تغيير المفاهيم الخاطئة ونزع العداء المتبادل وترسيخ التفهم والتفاهم والاحترام والإيمان بأهمية التعاون والمصالح المشتركة، وصولا إلى الاقتناع بضرورة إقامة الشراكة الفعلية التي ترى جميع الشعوب مصلحتها فيها، فتعمل لإنجاحها وديمومتها وتتمسك بها كعامل إيجابي يؤثر في التطور ورفع مستوى العيش وتحقيق الأمن والسلم ليس في المنطقة العربية والأوروبية فقط بل في العالم كله. إن التعاون وتنشيط الحوار ودعم السلام هي حاجات ملحة للشعوب العربية والأوروبية وإن مجمل التطورات العاصفة التي تواجهها الإنسانية وخصوصا بعد انتهاء الحرب الباردة جعلت التعاون الإقليمي عنصرا مهما لاغنى عنه تستطيع الشعوب من خلاله رفع مستوى حياتها وتحقيق التنمية الشاملة، واستطرادا المساهمة في بناء السلم الإقليمي والتعايش الدولي، وأصبح من الصعوبة على أية أمة أن تتجاهل ضرورة انتسابها لمحيطها وتعاونها معه، ولا تخرج الشعوب العربية والأوروبية عن هذه الحاجة التي يعززها الموقع الجغرافي والعلاقات التاريخية والاقتصادية والثقافية والإنسانية بينها بكل ما حملت تاريخيا من تعاون وتناقض، من سلم وحرب، من عداء وتفاهم، وتؤكد هذه الحاجة الظروف القائمة في عالم اليوم بما فيها من صراعات عن مفاهيم العولمة وتطبيقاتها والمثاقفة والشراكة والتعاون وعن تحديد إطار وأسس النظام العالمي الجديد. ولا يغيب عن الذهن في هذا المجال أهمية الموقع الجغرافي الذي لا يستطيع أحد تغييره وعلاقات الجوار الإلزامية التي لا تخضع للخيار وتجبر الجميع على ضرورة إيجاد صيغة للتعاون والتضامن والصداقة بين الشعوب العربية والأوروبية، هذا فضلا عن المصالح الكبيرة لجميع الأطراف التي تحققها العلاقات الاقتصادية والتجارية الواسعة. يواجه الحوار العربي - الأوروبي صعوبات عدة بعضها تشكل تاريخيا والبعض الآخر نتج عن طبيعة ظروف التطور العالمي الراهن، وتقتضي الرغبة الصادقة في إنجاح هذا الحوار والمواقف المسئولة تجاه هذه المهمة الكبرى الإشارة إلى هذه الصعوبات وتشخيصها بهدف مواجهتها والتغلب عليها، وتهيئة المناخ المناسب لحوار فعال يحقق النتائج المرجوة، لا بهدف تحديد المسئوليات أو إدانة هذا الطرف أو ذاك، لكي لا نقع جميعا "عربا وأوروبيين" في خطأ البناء على أساس هش وعلى ممارسة المجاملات ونحن نبني بناء مهما وضروريا وضخما وملحا ومفيدا لنا جميعا، وكلما أشرنا إلى الصعوبات وحددناها كلما اقتربنا أكثر من إنجاح الحوار وتحقيق التفاهم وبناء علاقات متينة وثابتة ودائمة. أن من مصلحة النخب الحاكمة اليوم التفكير والعمل من أفق التفاهمات عبر الوطنية بدل التنافس والصراع لنيل حصة الأسد على حساب الشعوب الأخرى. ذلك أن وزن الدول وإشعاعها سيزدادان في المستقبل كما ستزداد شرعية النظم والنخب الحاكمة في أي بلد ومنطقة بقدر ما تظهر هذه الدول والنخب التي تحكمها قدرة على اقتراح مشاريع تعاون إيجابي والقيام بمبادرات بناءة لتجنب النزاعات الإقليمية ولتوسيع دائرة التفاهم والأمن والسلام الإقليميين. وبالعكس فإن الأنانية القومية أو الوطنية التي سادت في العقود الماضية وكانت معيار نجاح النخب في الصراع الدامي من أجل القيادة والسيادة وتسريع وتائر التقدم على حساب المجتمعات الأخرى سوف تظهر أكثر فأكثر كتعبير عن انعدام الشعور بالمسؤولية لدى النخب وعدم القدرة على تحمل تبعات الحكم ومهامه في منطقة من المناطق. وليس هناك منطقة شهدت مثل هذه الأنانية والتقوقع حول المصالح الوطنية الضيقة ورفض الانفتاح والتعاون والتكامل الإقليمي مثل ما شهدته المنطقة العربية التي بقيت خلال نصف القرن الماضي ساحة مفتوحة بالمطلق للتنافس على الزعامة والنراع على المناطق الحدودية والصراع على الموارد وتغليب المصالح الوطنية على المصالح الجماعية.
* ما مفهوم الشراكة عند الأوروبيين ؟
(يعتبر في البداية مصطلح أوربي تضمن في مختلف نظرات التكامل، كما أن آلياته كانت وفق تصور غربي أوربي منذ بداياته). وتشير الوقائع التاريخية إلى أن منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط شهدت على امتداد القرون انهيار العديد من الإمبراطوريات، إذ كانت مسرحاً للمواجهة بين اليونان والفرس، وروما وقرطاج، والمسيحيين والمسلمين، والأنظمة الديمقراطية ودول المحور، من هنا استأثر أمن البحر المتوسط باهتمام الدول الكبرى دوما قديماً لتأمين قوافل التوابل والطرق البحرية للإمبراطورية البريطانية، وحديثاً للحفاظ على الممر المتوسطي كمنفذ أساسي لنفط الخليج إلى الغرب الرأسمالي. ويلاحظ أن مفهوم" السياسة المتوسطية La Politique Mediterranenne "، كان غائباً تماماً عن أذهان من صاغوا معاهدة روما المنشئة للجماعة الاقتصادية الأوروبية عام 1957، وقد يرجع ذلك إلى أن واضعي المعاهدة عند صياغتها لم يأخذوا في اعتبارهم التطورات السريعة التي يمكن أن تحدث في مجال العلاقات الاقتصادية الدولية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يكن هناك تحديد أو تعريف للعلاقات الخاصة التي تربط الجماعة الأوروبية بمنطقة البحر المتوسط، على الرغم من ذكر دول المغرب العربي في البروتوكولات الملحقة بالمعاهدة ليس كدول واقعة في حوض البحر المتوسط، ولكن نظراً للعلاقات المتميزة التي تربط بعض دول الجماعة الأوروبية بتلك الدول. ولم تحظ دول حوض البحر المتوسط باهتمام الجماعة الاقتصادية الأوروبية في إطار سياسة شاملة للتعاون بينهما حتى عام 1968، إلى أن أشار التقرير العام الثاني للجماعة الأوروبية لأهمية العلاقات مع الدول الواقعة في حوض البحر المتوسط خاصة موضوع انتساب كل من اليونان وتركيا إلى هذه الجماعة فضلاً عن إمكانية إبرام اتفاقيات انتساب مع دول أخرى دون تحديد سمات ومحتوى هذه الاتفاقيات. ( نلاحظ هنا أن الاهتمام كان من جانب واحد-أوربا- وهذا يحمل مدلول منذ البداية الأولى للعلاقة بأن صاحب المبادرة يدرك أنه المستفيد الأكبر من العملية) وعلى ذلك يمكن القول بأن معاهدة روما المنشئة للجماعة الأوروبية لم تعالج أو تحدد معالم السياسة المتوسطية، نظراً لأن الأساس القانوني لهذه السياسة يستند على مواد ذات صبغة عامة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية للجماعة الاقتصادية الأوروبية مع إمكانية تطور وتغير مفهوم ونطاق هذه المواد العامة لخدمة الأغراض السياسية والاقتصادية للجماعة الأوروبية تجاه دول متوسطية معينة. ( وهذا ما يعتقده الكثير) ولقد تمت الموافقة على هذه السياسة الجديدة أو المفاهيم الجديدة في قمة باريس في أكتوبر 1972 لرؤساء دول وحكومات الجماعة الاقتصادية الأوروبية لتنتهج بذلك الجماعة الأوروبية فلسفة جديدة في علاقاتها مع دول البحر المتوسط وتعرف هذه السياسة في الأدب الاقتصادي الأوروبي بالمنهج الشامل L'Approche Globale والذي انبثق عنه ما اصطلح على تسميته بالسياسة المتوسطية.
هل نحن كعرب نتحدث عن نفس المفاهيم أم هناك اختلافا كبيرا بين المنظومة الأوروبية لموضوع التعاون والشراكة أو ما يطلق عليه بالجوار. * ما دور المعهد في تحقيق هذا التعاون ؟إن هناك الكثير من المؤسسات تحجم عن الإسهام في دعم المشروعات البحثية التي تتبناها الجامعات والمراكز المعنية بالبحث العلمي بحجة أن هذا ليس من مسؤوليتها وإنما من مسؤوليات الجامعات، الأمر الذي يؤدي في الغالب إلى الاعتماد الكامل أو شبه الكامل على الجهات الحكومية وحدها، وتهميش ما عداها من الجهات. "ومن المعروف أن مؤسسات المجتمع ومنها مؤسسات القطاع الخاص أثبتت أهميتها ودورها في المجتمع الحديث كمساند للجهود الحكومية بصرف النظر عن قوة اقتصاد الدولة أو ضعفه خاصة في هذا الوقت... مما يتطلب معه الشراكة المجتمعية من قبل جميع مؤسسات المجتمع وأفراده وتضافر جميع الجهود الحكومية والخاصة " ( الباز: 1428ه، 11 ). وهذا أمر لا يثير الغرابة إذا أخذ في الحسبان أن تنفيذ المشروعات العلمية يحتاج إلى تكاتف أكثر من جهة، وتوظيف أكثر من مورد، وتأمين ما يتطلبه المشروع من أجهزة وخبرات فنية وبشرية ونحوها، مما قد لا يتوافر في الجامعات بالشكل المطلوب. ولكي نحقق التعاون والتكامل بين المؤسسات المعنية بالبحث العلمي في المملكة لابد من إصدار تشريعات تحدد مسؤوليات تلك المؤسسات في مجال الشراكة المجتمعية، ونضع تنظيمات أو ضوابط للتعامل مع الجهات التي تعزف عن المشاركة، مما يؤدي إلى التكامل المؤسسي، ويحقق الشراكة بمفهومها الشامل، فلا تزال الصورة غائمة فيما يتعلق بدور القطاع الخاص في دعم التنمية، وينبغي أن يتبلور هذا الدور بشكل أكثر وضوحاً، وفي هذا السياق يذهب أحد الباحثين إلى أنه مع تطور المجتمعات الخليجية وزيادة الوعي لدى مواطنيها بدور القطاع الخاص في التنمية ومسؤوليته المشتركة مع أجهزة الدولة، فإن صمود هذا القطاع على المدى الطويل أمر مرهون بقيامه بالمسؤولية الاجتماعية، ومشاركة المجتمع في همومه وقضاياه، والإسهام في علاج ما يعانيه من مشكلات (الباز: 1428ه، 54). ويشير الخطيب إلى أن الافتقار إلى التعاون والتنسيق في مجال البحوث العلمية يعد من أبرز معوقات المسيرة العلمية في دول الخليج العربية، وبرغم وجود جوانب مشرقة تجسدت فيها صور التنسيق بين مراكز البحث العلمي في الجامعات، إلا أن الجهود المبذولة في هذا المضمار ضعيفة ونادرة، مما يوحي بالحاجة الماسة إلى التكامل في هذا الجانب لكونه يحقق مزايا عديدة من أبرزها(حسن التخطيط للمشروعات البحثية، وتحقيق قدر عال من المتابعة والإشراف، وتجنب الازدواجية والتكرار والهدر في المرافق والتجهيزات، وتحقيق التواصل العلمي بين مراكز البحوث، وترشيد الإنفاق المادي على المشروعات العلمية)، بل إن التنسيق ذاته ينبغي أن يمتد بحيث يشمل مختلف مؤسسات المجتمع، وذلك بغية ترشيد الاستخدام للإمكانات المادية والبشرية ( الخطيب: 1424ه، 127 – 128 ). إضافة إلى التحديات آنفة الذكر التي تعرقل مسيرة الشراكة المجتمعية في البحث العلمي في بيئة المملكة والدول النامية في مجملها، هناك تحديات أخرى لا تقل عنها أهمية، وقد يصعب تصنيفها تحت المعوقات السابقة، ومن أبرزها ما يأتي:
أ– الجوانب السياسية والأخلاقية:
يظهر أثر العوامل السياسية والأخلاقية على الشراكة المجتمعية في البحث العلمي بشكل أكثر بروزاً في البيئة الغربية نظراً للمكانة التي تحتلها شركات القطاع الخاص في المجتمع، واستحواذها على مصادر القوة، وقد تحجم تلك الشركات عن دعم المشروعات العلمية لكونها تتناول قضايا بعيدة عن اهتمامات المجتمع المحلي، أو تتعارض مع أخلاقيات البحث العلمي، أو تهدد الحرية الأكاديمية، أو غير ذلك من الاعتبارات الأخرى، وربما نتج عن ذلك في النهاية تضارب في المصالح بين الجهات الداعمة والجهات المدعومة، وعرقلة لحركة العلم، وتقدم المجتمع.
وفي هذا السياق عالجت كاثرين مانقان KATHERINE MANGAN هذه القضية في مقالتها التي تمحورت حول تأثير شركات القطاع الخاص على دعم البحث العلمي في المجال الطبي، وخرجت بمجموعة من الانطباعات السلبية التي يمكن إيجازها في النقاط التالية:
1- يجد أساتذة الطب تحدياً في تأثير شركات القطاع الخاص على البحث العلمي، وعلى تقدم المعرفة العلمية في هذا المجال.
2- يمثل دعم القطاع الخاص للبحوث الطبية تهديداً للحرية الأكاديمية.
3- يوجد تصادم بين الحرية العلمية ومجال الاهتمام؛ حيث قد يكلف الأطباء بإجراء بحوث بعيدة عن مجال اهتمامهم.
4- تتردد مقولة بين الأطباء مضمونها أنهم يعيشون في عالم جديد، وينبغي أن يواكبوا روح العصر، ويجنوا أموالاً تجعلهم يقفون على أرض صلبة، وإلا فإنهم سيبقون متخلفين عن الركب، مما قد يعرض مهنة الطب للضعف والتلاشي.
5- بينما يضع أغلب أساتذة الطب والباحثين في المجال اللوم في ما يحصل من تصادم على ممولي مشروعات البحث من شركات القطاع الخاص، فيرى البعض أنه ينبغي على هؤلاء الأساتذة أن يكونوا في غاية الحذر قبل توقيع العقود، وخاصة أن بعضها يتضمن توجيه بحوثهم نحو مسار معين، أو منعهم من نشر نتائجها، مما يعيق حركة البحث والدرس في المجال الطبي، ويحرم الوسط العلمي من مادة علمية رصينة ( MANGAN: 1999 ).
ب– الإحجام عن إشراك مؤسسات المجتمع في جميع مراحل الشراكة:
لهذه المشكلة صلة بالجهات المعنية بالمشروعات العلمية والبحثية؛ حيث قد تحجم عن إشراك المؤسسات – خاصة القطاع الخاص– في جميع مراحل الشراكة المجتمعية ( التخطيط، التصميم، التنفيذ )، وتجعل دورها محصوراً في دفع الأموال، فقد جرت العادة في المؤسسات الحكومية أن تتولى بنفسها عمليات التصميم والتخطيط، وفي نهاية المطاف تطلب من المؤسسات الأخرى المشاركة في التنفيذ أو دفع تبرعات، وأكثر المؤسسات ترفض هذا العرض لأنه يحرمها من المشاركة في جميع العمليات (الباز: 1428ه، 53)، ويحصر مسؤوليتها الاجتماعية في نطاق ضيق.
ج– وجود فجوة بين المؤسسات والمجتمع:
يبرز هذا التحدي بشكل أكثر وضوحاً في محيط الجامعات؛ حيث تتهم بأنها تعيش في بروج عاجية، وتوجه مشروعاتها البحثية نحو دراسة قضايا هامشية بعيدة عن اهتمامات المجتمع، مما قد يؤثر في عزوف المؤسسات عن المشاركة، ويوسع الهوة بين الجامعة والمجتمع، وبالتالي يضعف التعاون والتلاحم بين العلم والمجتمع، ولمواجهة هذا التحدي ينبغي تحسين صورة الجامعة في المجتمع، وتكثيف الجهود الإعلامية والعلاقات العامة وبرامج التسويق بغرض دعم الشراكة المجتمعية للبحوث العلمية، وتحسن الإشارة في هذا السياق إلى ما ذكره أحد الباحثين من أن هناك قلة في البحوث الجامعية التي تمولها هيئات القطاعين العام والخاص، وذلك بسبب ضعف العلاقة بين الجامعة وهذه الهيئات ( الخطيب: 1424ه، 125 ).
د– تحفظ البعض تجاه الشراكة المجتمعية:
من بين الاعتبارات النفسية التي قد تعوق عملية الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي وجود حالة من التخوف لدى بعض الأفراد والمؤسسات من الدخول في شراكة مع القطاعات الأخرى عامة أو خاصة، وذلك لاعتبارات عديدة من بينها (عدم وضوح مفهوم الشراكة في أذهان البعض، وعدم تحديد الأشياء المطلوبة من المؤسسات الراغبة في المشاركة، والخوف من وجود تنافس مع الآخرين، واعتقاد البعض بأن التعاون يؤثر سلباً على مكانة المؤسسة، ويفقد المسئولين فيها بعض المزايا، أو الخوف من أن يترتب على التعاون مع الآخرين فرض شروط صعبة التنفيذ، أو غير ذلك من الاعتبارات الأخرى).
مناقشة التحديات السابقة:
أثبتت الحقائق السابقة أن هناك مجموعة من العقبات التي تعوق الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي في المجتمع السعودي بل وفي أغلب المجتمعات العربية، وتنسجم هذه الحقائق مع بعض المعطيات التي خرجت بها الدراسات السابقة في المجال؛ حيث توصل "قريطم" ورفاقه في دراستهم التي تناولت مدى استجابة رجال الإدارة في المنظمات الصناعية في المملكة لمسؤولياتهم الاجتماعية إلى أنه لا يزال يسيطر على هؤلاء الرجال اعتقاد بأن المسؤولية الاجتماعية يقع عبؤها على الجهات الحكومية وحدها، ومن بين الأسباب التي تجعل تلك المؤسسات غير مسؤولة عن الإسهام في حل مشكلات المجتمع السعودي هو أن التكاليف المالية تمثل عبئاً على المؤسسة، وعدم توافر الخبرات المتخصصة لديها، وعدم وجود تشريعات أو سلطة ملزمة بالتعاون مع الجهات الأخرى، كما أن الشراكة تمثل نشاطاً إضافياً قد يصرف المؤسسة عن الأهداف التي أنشئت من أجلها، إضافة إلى أن انخفاض الوعي لدي الأفراد يضيع جهود المؤسسة في هذا الصدد، ويحرمها من التقدير المادي أو المعنوي ( قريطم وآخرين: 1410ه، 159، 163 )
وبرغم ما يظهر على الساحة من تحديات، فإن القافلة تسير، وهناك مبادرات برزت بالفعل، ومبادرات أخرى تحتاج إلى بعض الوقت، وفي الوقت نفسه لا ننكر أن هناك من الأفراد والمؤسسات من لديها القناعة بأهمية المشاركة، والإسهام في معالجة مشكلات المجتمع، وتحمل المسؤولية الاجتماعية، ومن حسن التوفيق أنه بدأت تبرز في الأفق بعض النماذج المشرفة التي تبعث على روح التفاؤل، وتثبت أن هناك من رجال الأعمال من يدركون الدور الملقى على عاتقهم، ويضعون في اهتمامهم المسؤولية الاجتماعية قبل المسؤولية الاقتصادية، لقناعتهم بأن ذلك يعود بالفائدة الحسية أو المعنوية على مؤسساتهم، ويولد العلاقات الإنسانية الطيبة مع المجتمع، ويرسخ القبول الاجتماعي للمؤسسة، فضلاً عن أنها تسهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة للدولة.
إن التطور العلمي، وتعقد طبيعة المشروعات البحثية، وتنوع التخصصات العلمية، وتعدد المجالات البحثية، وصعوبة الظروف الاقتصادية، وغيرها من العوامل الأخرى، أوجدت البيئة المناسبة لتفعيل مفهوم الشراكة، وترجمته إلى واقع ملموس، خاصة في الوقت الراهن؛ حيث بدأ الاهتمام ينصب على الدراسات التي تسهم في حل مشكلات المجتمع، ففي السابق كان اهتمام مراكز البحث العلمي وبالذات الجامعات منصباً على التعليم مع تمويل ضعيف للبحوث، وكانت الموضوعات صغيرة وبسيطة، وغير مكلفة من الناحية المالية، في حين أن الوضع اختلف تماماً في السنوات الأخيرة، صحيح أن البحث العلمي يدخل في صميم اهتمام الجامعات، وهي مسؤولة عن تطويره بوصفها تضم نخبة المجتمع وصفوة العلماء، إلا أن المسؤولية لا تقع عليها وحدها، بل يشاركها في ذلك أطراف كثيرة تسعى إلى الهدف ذاته خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، إذ مهما تكن قدرات الجامعة المالية، ومهما تكن إمكاناتها وتجهيزاتها لا تستطيع أن تقوم بمفردها بجميع المستلزمات، بل لا بد من أن تسندها جهات أخرى، ولا بد من البحث عن بدائل تمويلية، خاصة من قبل الأفراد والقطاع الخاص، الذي يفترض أن يكون صاحب المبادرة في المشروعات التنموية، فهو قطاع حيوي مهم، ولبنة أساسية في التنمية الوطنية، فمن المهم إذاً أن يتحمل هذا القطاع مسؤوليته الاجتماعية نحو المجتمع لكي لا ينتقد بالتقصير في هذا الجانب.
وعلى أي حال، فإن المشكلة التي نحن بصددها ليست محلية، بل إنها عالمية مع تفاوت بين الدول في هذا الجانب؛ حيث ثبت من دراسة قام بها بعض الباحثين عن المشكلات التي تواجه البحث العلمي في الهند أن من بين معوقات الشراكة المجتمعية في هذه الدولة رفض بعض الأفراد المشاركة في خدمة المجتمع، مما يوحي بضرورة عمل دورات تدريبية، وملتقيات للحوار المفتوح مع تلك الفئات بغرض إقناعهم بأهمية المشاركة، ودورها في تقدم العلم، وتطور المجتمع، والإسهام في حل مشكلاته ( THATTE & BAVDEKAR: 2008 , 320 )
ولعل السؤال الذي يثار في هذا الصدد هو: ما الموقف إزاء العقبات التي عالجتها الدراسة الحالية؟ والجواب هو أنه ليس من الحكمة أن نقف مكتوفي الأيدي، إذ لا بد من أن نقوم بالخطوة الأولى، ونعمل على الاستئناس بالتجارب والمبادرات في الدول الأخرى التي مرت بالتجربة قبلنا، وسبقتنا بسنوات طويلة، وفي هذا الصدد تحدثنا "جين ليمكاو" ورفاقها JEANNE LEMKAU & OTHERS عن تجربة مرت بها إحدى الجامعات بمدينة "دايتون" بولاية "أوهايو" بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1999م؛ حيث قررت هذه الجامعة عقد منتدى مجتمعي COMMUNITY FORUM للحوار حول الوضع الصحي في المدينة المشار إليها، بوصفه مشروعاً بحثياً يقوم على الالتزام بمبدأ المسؤولية الاجتماعية تجاه أبناء المجتمع، ويهدف إلى تحسين الوضع الصحي لأبناء المنطقة من خلال البحث العلمي الذي يقوم على الشراكة المجتمعية، وتمثلت مهمة المشاركين من المواطنين في مساعدة الباحثين في الجامعة على تحديد الأولويات، والبحث عن حلول للقضايا القانونية، وتذليل الإجراءات، وتفسير النتائج، وقد نبعت هذه الفكرة نتيجة لما لاحظته الجامعة من وجود فجوة بينها وبين المجتمع نتيجة لبعض التحديات التي تعترض مشاركة الأفراد في القضايا العلمية، ووجدت أن الحل الأنسب يتمثل في إقامة منتدى على شكل حوار مفتوح مع المجتمع، وتطرح فيه البرامج الصحية ذات الصلة باحتياجات المدينة مثل: أثر الفقر على الأفراد، والمشكلات الصحية المنتشرة، والتغيرات المعاصرة في النظام الصحي، وغيرها من الموضوعات الصحية الأخرى ذات الصلة التي يمكن دراستها في المستقبل من خلال فرق عمل تتكون من أساتذة الجامعة وأبناء المجتمع، كما أعطيت الفرصة لبعض المشاركين للحديث عن تجاربهم المتنوعة، ووجهات نظرهم المتباينة بغرض تلاقح الأفكار، وتبادل الخبرات..، وقد وجد هذا المنتدى إقبالاً ملحوظاً، مما كان شاهداً على نجاح التجربة، ودليلاً على قدرة الجامعة على التلاحم مع المجتمع، وعلى عقد شراكة بين الباحثين الأكاديميين من منسوبي الجامعة والمواطنين من أبناء المجتمع (LEMKAU & OTHERS: 2000 , 1216 ) . أما المبادرات على مستوى المملكة فهي – بفضل الله– تتجه نحو الانطلاق، إلا أنها جهود فردية ينقصها التنظيم والتنسيق وزيادة الوعي بأهمية المسؤولية الاجتماعية ( العربي: د. ت، 2 ). وإزاء هذا الوضع تبرز الحاجة إلى التكامل المؤسسي، وتعزيز التعاون بين مختلف مؤسسات المجتمع الحكومية والخاصة، فالبحث يشكل عبئاً لا يستهان به، ويصعب على أي جهة أن تتحمل وحدها هذا العبء، وبالتالي فلابد أن تنهض بقية المؤسسات بدورها في هذا الصدد، وذلك من خلال تبني تلك الجهات لمنهج تكاملي في تعاملها مع قضية البحث العلمي والشراكة المجتمعية، ذلك أن افتقار المؤسسات المجتمعية إلى التكامل المؤسسي يؤثر سلباً على أداء رسالتها، وفي هذا السياق فقد ذكر "الداود" أن من بين خطوات الرقي بالبحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي بالمملكة " حفز القطاعات المختلفة في المجتمع على الإسهام في دعم البحث العلمي في الجامعات، وذلك بتخصيص منح سنوية للأبحاث العلمية ذات الارتباط المباشر بنشاطات هذه القطاعات وخاصة القطاع الخاص الذي ينفذ برامج بحثية كبيرة لا زالت جامعاتنا بحاجة ماسة إلى الاستفادة منها " ( الداود: 1416ه، 277 – 278 ). ولعل مما يسهم في تذليل الصعوبات إنشاء هيئة وطنية تعنى بالتنسيق بين الجهات المعنية بالبحث العلمي، وتكون تابعة لإحدى تلك الجهات أو مستقلة ( يمكن أن يطلق عليها مجلس أو مكتب أو إدارة الشراكة المجتمعية )، تضم ممثلين من كافة المؤسسات ذات الصلة بالبحث العلمي في المملكة، ويكون من بين مهامها وضع السياسات والآليات الخاصة بدور مؤسسات المجتمع في تعزيز الشراكة، وتكون بمثابة المرجعية المعتمدة في المجال، بحيث تستأنس بها جميع الجهات المعنية بالبحث العلمي بالنسبة للأوروبيين الشراكة التعاون أو حتى الجوار يعني أو يهدف إلى غايتين:
*الهدف الأول التواجد الدائم والفعال في منطقة إستراتيجية و حيوية بالنسبة لهم و لمصالحهم و منافسة الأمريكيين في منطقة نفوذ دولي.
*الهدف الثاني التعاون يعني الاستقرار و الأمن في منطقة تواجد حساسة.
بالنسبة للدول العربية التعاون و الشراكة يعني وجود شريك قوي يساعدها على النمو و التقدم.
في اعتبارنا كباحثين المشكلة تكمن في التصور العربي لمفهوم الشراكة و الدور الذي يمكن لجامعة الدول العربية القيام به لتقريب وجهات النظر العربية لخلق سوق عربية مشتركة تستطيع مستقبلا التعامل المتكافئ مع الشركاء الأوروبيين. فهل سننجح كما نجح الأوربيون بخلق فضاء أوروبي تمارس فيه كل سبل التعايش و التعاون و الوحدة
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.