أن هناك بدائل كثيرة في لا يتم استغلالها ستدر نحو 300 مليار جنيه . إصلاح منظومة الدعم التي لا تدعم الفقراء بقدر ما تدعم الأغنياء خاصة في مجال الطاقة من خلال تحويل المخابز ومصانع الطوب والأسمنت والحديد والسيراميك والأسمدة والألمونيوم للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من السولار والمازوت باعتبارها القطاعات الأعلى استهلاك حيث أن هذا سيوفر ما يقرب من 75 مليار جنيه من دعم الطاقة الذي يقترب من 100 مليار جنيه . إن من أهم أسباب عجز الموازنة - النمو المتواصل في النفقات العامة خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية ، فقد كان حجم النفقات 1.6 مليار عام 70/1971م ، ووصل إلى 58.2 مليار جنية عام 94/1995 م . - الاختلال الحاد بين الإصدار النقدي ( كمية النقود ) فقد بلغ الناتج القومي حتى عام 1990م إلى 7.4% ، وبلغ معدل النمو للإصدار النقدي إلى 22.5% قلة الإيرادات العامة بالمقارنة مع ارتفاع النفقات لعامة وعدم وجود سياسات مالية قادرة على مسايرة التطور الاقتصادي والتحولات العالمية ، ومن أمثلة ذلك عدم تطور النظام الضريبي بالشكل الذي يسهم في ارتفاع الإيرادات العامة . ونتيجة لهذه الظروف المختلفة واستمرار العجز وارتفاع خدمة الدين العام الداخلية والخارجية استمرت مشكلة الديون تلقي بظلالها على الاقتصاد المصري إضافة إلى ارتباط هذه الديون بشكل كبير على مواقف الدولة السياسية من القضايا المختلفة . إن الديون الخارجية تعتبر من أخطر القضايا التي تواجهها الدول النامية والتي تقف في طريق سعيها نحو تحقيق التنمية والخروج من بوتقة التخلف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي واللحاق بركب الدول المتقدمة ، وتعتبر هذه المشكلة المالية سبباً في تغيير العلاقات وتوجيهها وفق ما تملية المصلحة العامة للدول الدائنة ، وأن الدول النامية مالم تنجح في الوصول إلى الحلول التي إن طبقتها تمكنت من التحرر من أسر هذه الديون ، فإنها ستضل في موقف التابع والخادم لأعباء هذا الدين وفوائده التي تقدم للدول النامية ، حيث تقول إحدى الباحثات ( سوزان جورج ) في الشؤون الاقتصادية أنه منذ بداية أزمة الديون عام 1982 م وحتى عام 1990 م أحيل مبلغ 6.5 مليار دولار من دول أمريكا الجنوبية الفقيرة إلى دول أمريكا الشمالية الدائنة وهذا المبلغ هو فقط إجمالي الفوائد ، وتقول نفس الباحثة أن الفوائد المدفوعة من دول العالم الثالث كافية لتقديم 1000 دولار لكل رجل وامرأة وطفل في الشمال وفي دول أوروبا خلال فترة 9 سنوات وتقول أيضاً أن عدم اتحاد الدول المدينة سيؤدي بالتأكيد إلى استنزاف الدول الدائنة لاقتصادها وإلى استمرار تدفق ثرواتها إلى الدول الغنية . وإذا كان هذا رأي باحثة اقتصادية من الدول الدائنة فإنه يؤكد استغلال الدول الدائنة لهذه الديون لمصلحتها الخاصة وأنها تجني فوائد جمة من فوائد الديون إلى جانب الديون الرسمية ، فإنه كان أجدر بالباحثين الاقتصاديين في الدول النامية أن يصلوا بأنفسهم إلى هذه النتيجة وأن يعملوا جاهدين بإقناع حكوماتهم من مغبة الاستمرار في الاستدانة الخارجية ، ووضع الطرق والسبل وإيجاد الحلول التي يمكن أن تسهم ولو تدريجياً للخروج من هذه الأزمة والتعاون المستمر وتبادل الخبرات والتجارب والمعلومات فيما بين الدول النامية وتكوين جبهة قوية من أجل تحقيق هذا الهدف ونظرا لاعتماد وزارة المالية، في الفترة منذ قيام الثورة في يناير سنة 1102، حتى الآن، علي الاقتراض الداخلي خاصة من الجهاز المصرفي المصري، فإن ذلك قد أدي إلي انخفاض ما لدي الجهاز المصرفي من أرصدة محلية من 3.702 مليار جنيه في يناير سنة 1102 إلي 2.431 في يوليو سنة 1102 أي انخفاض يبلغ حوالي 53٪ ولا يزال الانخفاض مستمرا بعد يوليو سنة 1102، وتطالعنا صحف 2 نوفمبر 1102 بلجوء وزارة المالية إلي إصدار أذونات خزانة جديدة بما قيمته 5.7 مليار جنيه، بحيث نستطيع القول أن الأمر قد وصل إلي الحد الذي يصعب استمراره، ونظرا لأن هناك حاجة للحد من حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد في الوقت الحالي وضرورة العمل علي تحريك عجلة الإنتاج، فإن من المفيد توجيه الائتمان المصرفي نحو تمويل المشروعات الإنتاجية والتقليل بقدر الإمكان من استمرار استخدامه في تمويل عجز الموازنة العامة، هاتان الحقيقتان بالإضافة إلي انخفاض تكلفة الاقتراض الخارجي جميعها تصب لصالح الاعتماد من حيث المبدأ علي القروض الخارجية في المرحلة الحالية لمواجهة ما يوجد من عجز السيولة النقدية. وعلينا أن نعترف أن الخيارات ليست كثيرة, لكن أمامه أن يختار ما بين القيام بالعمل في مكان آخر غير عمله الأصلي عملا إضافيا يمارسه خلال ما يتبقي له من ساعات اليوم دون إرهاق لصحته أو إهلاك لقدراته وإمكاناته البدنية والعضلية, أو أن يزيد من مستوي تعليمه أو درجة مهنيته وحرفيته ليستطيع الحصول علي دخل أو أجر أكبر, أو أن يستغل بعض ممتلكاته أو ممتلكات زوجته غير المستغلة سواء بتأجيرها أو المشاركة بها في مشاريع مدرة للدخل.ودعوني هنا أن أستغل أوجه الشبه بين رب الأسرة وبين الدولة, فمجموع الأسر في الواقع هو ما يكون سكان الدولة, وما تعاني منه الأسرة المصرية متوسطة الحال تقليديا هو ما تعاني منه الدولة المصرية, والحلول التقليدية لمشاكل العسر المالي التي تعاني منها مصر هي كتلك التي أمام رب الأسرة الذي يعاني, وستتحمل الدولة مثلها مثل رب الأسرة تبعاتها مع الاختلاف الطفيف في أن الدولة لن تسجن لعدم السداد. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل أمام الدولة أساليب أخري لعلاج مشاكل عسرها المالي؟ هل يمكن أن تزيد من قدراتها علي توليد الدخل دون إهلاك لقدراتها؟ وهل يمكن أن تستغل إمكاناتها وممتلكاتها لتدر دخلا مستمرا يقيها شر الاستدانة؟التهرب الضريبي يمثل ظاهرة بمصر، في ظل تقارير تتحدث عن أن حجم التهرب الضريبي في مصر يصل إلى 5 مليارات دولار، وعن 30% من حجم الاقتصاد المصري يجرى بصورة غير رسمية بعيداً عن الدولة، ما يتسبب في تضاؤل قدرة الاقتصاد على النمو وهدر إمكانيات الدولة المادية والبشرية.لهذا نري إن الإجراءات السريعة لسد عجز الموازنة والاستغناء عن قرض الإذعان من صندوق النقد الدولي تتمثل في : 1- تغيير قانون الثروة المعدنية فيما يخص رسوم الاستغلال على الجرانيت أو الحجر الجيري أو غيره التي مازات ضعيفة للغاية ولابد من رفع الرسوم لتدخل على الدولة ما يقرب من 25 مليار جنيه خاصة أن القانون وضع عام 1966 وما زال ساري حتى الآن . 2- تغيير سعر الفائدة على الإقراض فيما يخص سندات وأذون الخزانة بحيث لا تزيد عن 2% ليخفف عن كاهل الدولة بالنسبة لعجز الموازنة البالغ 133 مليار جنيه . 3- فرض ضرائب على الأسهم العقارية والرأسمالية المتداولة في البورصة لزيادة الحصيلة السنوية التي قد تصل إلى مليارات الجنيهات . 4- تعديل عقود تصدير الغاز المصري للأردن وتركيا وأسبانيا للتناسب مع الأسعار المعمول بها دوليا ً ليوفر للدولة حوالي 15 مليار جنيه سنويا ً علما ً بأن العديد من العقود التي وقعت في تسعينيات القرن العشرين كان وقتها سعر برميل النفط 17 دولار والآن أصبح سعره 100 دولار وما زالت أسعار التصدير كما هي . 5- تحصيل ضرائب تصاعدية على رجال الأعمال حسب دخولهم خاصة أن هناك تهرب ضريبي وصل إلى 126 مليار جنيه ومتأخرات ضريبية لم تحصل بعد بلغت 63 مليار جنيه . 6- إنهاء خدمة المستشارون الذي بلغوا سن المعاش في جميع الوزارات والهيئات الحكومية وتوفير رواتبهم لصالح موازنة الدولة. كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية