الفضة تقفز لأعلى مستوياتها والاونصة تجاوز حاجز ال 50 دولاراً    ترامب: أوقفت 8 حروب في 8 أشهر وبعض الأشخاص لا يستحقون نوبل للسلام    أبوظبي تُعلن استضافة كأس السوبر المصري    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر بسبب أعمال المونوريل    هناء الشوربجي تكشف حقيقة خلافها مع محمد هنيدي    زيارة الأب بطرس دانيال للكابتن حسن شحاتة..صور    بالأسماء، قرار جمهوري بإعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للاستعلامات برئاسة ضياء رشوان    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يتفقد إدارة المعامل والمعمل المشترك    جامعة حلوان تنظم برنامجًا تدريبيًا بعنوان "مفاهيم الإدارة الحديثة"    نوكيا تطلق هاتف Nokia Premium 5G بمواصفات رائدة وتقنيات متطورة    خامس العرب.. الجزائر تتأهل لكأس العالم 2026    مصر ترفع رصيدها إلى 9 ميداليات في اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    رسالة النني للاعبي منتخب مصر بعد التأهل للمونديال    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    الطاهر: الدولة تبنت برنامجًا طموحًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها الاقتصادية    إصابة 4 أطفال فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في الخليل وجنين    تحذير مهم من «الأطباء» بشأن تصوير الأطقم الطبية في أماكن العمل    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر وإلغاء الصيفي 2025    في اليوم الثاني لفتح باب الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر: «لم يتقدم أحد»    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    «محدش فينا هيتردد».. كريم فهمي يكشف حقيقة اعتذاره عن المشاركة في «وننسى اللي كان» ب رمضان 2026    ترمب بعد اتفاق شرم الشيخ : أنهينا الحرب فى غزة ونتوقع سلامًا دائمًا فى الشرق الأوسط    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: من السابق لأوانه تحديد المرشحين لتدريب مصر للشباب    خبيرة أمن: ترامب واضح في التزامه بجلب السلام للشرق الأوسط    بارليف.. نهاية وهم إسرائيل.. تدريبات الجيش المصري على نماذج مشابهة ببحيرة قارون    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    هل يجوز للرجل الزواج بأخرى رغم حب زوجته الأولى؟.. أمين الفتوى يجيب    ساليبا: نريد الثأر في كأس العالم.. والإصابة مزعجة في ظل المنافسة الشرسة    سمير عمر: الوفود الأمنية تواصل مناقشاتها لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق غزة    نتائج مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    الاحتلال الإسرائيلي يطلق قنابل غاز مسيل للدموع وسط الخليل بعد إجبار المحلات على الإغلاق    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    إعلان عمان: ندين ما خلفه الاحتلال من أزمة صحية كارثية بقطاع غزة    وزير التنمية النرويجي يلاطف الأطفال الفلسطينيين خلال زيارته لمستشفى العريش العام    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    أطعمة تضر أكثر مما تنفع.. احذر القهوة والحمضيات على معدة فارغة    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    النيابة العامة تصدر قرارًا عاجلًا بشأن المتهمين بقتل البلوجر يوسف شلش    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    6 علاجات منزلية للكحة المستمرة    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    انتخابات النواب: 73 مرشحًا في الجيزة بينهم 5 سيدات مستقلات حتى الآن    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن :ثورة بلا رأس
نشر في الزمان المصري يوم 24 - 01 - 2013

في عام 2003، قام النحات الروسي غريب الأطوار ألكساندر لابوف بعمل نصب تذكاري لفلاديمير لينين مؤسس الحزب البلشفي وقائد الثورة الروسية وأول رئيس للاتحاد السوفييتي ورشقه في قلب موسكو العاصمة. لكن التمثال الذي وجد نفسه فجأة في قلب مدينة لم تعد تعرف ثوارها كان جسدا لينينيا برأس ميكي ماوس.
هكذا تتحول التماثيل المرعبة في صحون التاريخ إلى دمى مضحكة تستدعي السخرية والشفقة. حتى المدن تخلع أسماءها بعد أن أُلبستها قهرا داخل حوانيت الرعب في شوارع التاريخ المغلقة. هذا بالضبط ما فعلته ليننجراد بذكرياتها المشينة حين وقفت على مرأى من تضاريس البلاد الحبلى بالخجل تخلع أسمال ثورتها وتعود طواعية لعصمة قديسها بطرس بعد أن نسي الثائرون نسبها، لتتحول فجأة من ليننجراد إلى سانت بطرسبرج، وليشهد عام 1924 انتصاب ذكرى قديمة كاد التاريخ أن يمحو خربشاتها من جسد الخرائط.
ويبقى تمثال لينين ذو الجسد الآدمي ورأس الفأر محاصرا من كلاب روسيا ومتشرديها بعد أن حاصر العباد أمدا بعيدا وحول البلاد إلى سجن مترامي الأطراف لا يكاد يتسع للمحظوظين من المعارضين الذي استطاعوا في حمي القتل التي اجتاحت البلاد أن يحتفظوا برؤوس بين أكتافهم.
في روسيا، تحول الطاغية إلى جسد جرانيتي يحمل رأس جرذ ليسخر ممن عبدوه وقدموا له القرابين وسجدوا بين يديه أمدا من الدهر. وفي بلادنا، تقف الوجوه التي قهرت البسطاء وجعلت منهم خرقا ودمى وسط مياديننا الفسيحة تطالعنا باستهانة وتعاملنا بفظاظة وازدراء. في بلادنا، يقف رأس الفرعون فوق جرانيت أسد ضخم ليبقى الرعب ميراثا أبديا وتراثا خالدا لشعوب كتب عليها الذبح والسحل عند كل نصب. للرؤوس أسرارها إذن، ولكل بلد نحاتوها، وللتعساء منا الصبر والسلوان، والهول والرعب والطغيان.
وبعد أن تعوّدنا التماثيل وألفناها، حتى صارت جزءا من تاريخنا الممتد، وجذرا من عائلتنا الحجرية الكبيرة التي نزدهي بها حين يفخر الناس بزيد أو بعمرو، نتقدم اليوم بخطى متسارعة نحو تاريخ مختلف لم نألف رعبه ولم نعتد فوضاه. فاليوم تعود ثورتنا إلى ميادينها الربيعية دون رأس يحمل أي تراث من خوف.
عرف المصريون القدماء رؤوسهم فنقشوها فوق جدران المعابد ونحتوها من عظام البسطاء، وسجدوا عند أقدامها الحجرية وقدموا لها النذور. وعرف الروس رؤوسهم فأهانوها واستبدلوها بأحط أنواع القرضة ليبول فوق تاريخها المقيت عابرو السبيل. لكننا نحمل اليوم جسدا منهكا للغاية يسير فوق مخاض عسير بلا رأس وبلا هوية. يحتشد المصريون اليوم ليحتفلوا تحت ظل تمثال مقطوع الرأس لا يرعب المستظلين به ولا يثير شفقتهم أو شهية السخرية في أعماقهم الحزينة بثورة لم تكتمل ولا تكاد تري في ليل الفتن سبيلها. صدق من قال - ظل تمثال ولا ظل برلمان.
**أديب مصري مقيم بالإمارات
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.