إن كائناً بشرياً يلقى مصرعه كل دقيقة نتيجة للعنف المسلح ، بينما يصاب الآلاف بجروح أو يتعرضون للانتهاكات كل يوم ، وفق تقديرات "حملة الحد من الأسلحة " التي تقف وراءها شبكة دولية من منظمات المجتمع المدني الناشطة في مختلف أنحاء العالم. ومن المثير للسخرية أن تكون هناك معاهدات لتنظيم بيع كل شيء ، بدءاً بعظام الديناصورات وانتهاء بالطوابع البريدية، وأن تظل صفقات الأسلحة المميتة في المقابل تعقد بعيداً عن الأعين . وما لحق بالمتظاهرين السلميين من تقتيل وإصابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبين الحاجة الماسة إلى فرض قيود صارمة على طيف واسع من الأسلحة التي يمكن أن تستخدم في إلحاق الأذى بالمواطنين الأبرياء ، وينبغي على حكومات البلدان المنتجة للأسلحة أن تفهم أن الناس لن يقبلوا بعد اليوم ذاك النسق المفتوح للجميع من عمليات بيع الأسلحة إلى قادة لا يخجلون من استخدامها ضد مواطني بلدانهم ويجب وضع معايير يتحدد بموجبها أي عمليات الأسلحة ينبغي أن يصرح به وأيها ينبغي حظره ، وينبغي عدم إعطاء أي تصريح لتوريد الأسلحة إذا ما كانت هناك مجازفة جوهرية بأن تستخدم هذه الأسلحة أو الذخائر أو المعدات المتصلة بها في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان . ومجلس الأمن الدولي قد اتخذ القرار الصحيح بفرضه حظراً صارماً على توريد الأسلحة إلى ليبيا يتضمن طيفاً واسعاً من الأسلحة والذخائر والمعدات ومختلف أنواع عمليات النقل ، وحتى يتجنب المجتمع الدولي المزيد من مثل هذه المآسي ، يحتاج العالم إلى أن يقر على وجه السرعة الأداة الوقائية الضرورية لذلك ، ولذا يتعين على الدول أن تكفل في مفاوضاتها الراهنة بشأن معاهدة تجارة الأسلحة البناء على هذه السابقة المهمة . إن العالم يفتقر في الوقت الراهن لقواعد دولية شاملة وملزمة قانونياً تنظم تجارة الأسلحة التقليدية ، بينما تفتح الثغرات وأوجه القصور التي تعاني منها أنظمة المراقبة الإقليمية والوطنية الباب على مصراعيه أمام وصول البنادق والذخائر والدبابات والصواريخ والمقذوفات إلى مناطق النزاع في العالم كي تلتقطها أيدي من يرتكبون جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، وغيرها من الأشكال المنظمة للعنف المسلح .