جاء الإسلام ليحرر الإنسان من سلطان الجبروت والكبر ،ويجعل البشر جميعهم رئيسهم ومرؤوسهم أمام القانون سواء ،بل نهى أن يتخذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله ..قال تعالى " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"..(سورة آل عمران 64). وعندما دخل الصحابى الجليل :ربعى بن عامر رضى الله عنه على رستم قائد الفرس ،وسأله رستم :ما الذى جاء بكم ؟قال ربعى:نحن قوم ابتعثنا الله عز وجل لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد الأحد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ،ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة . ومن هنا كان منهج الإسلام فى مواجهة طغيان الحكام وتجاوزهم الحد هو محاسبتهم ومراجعتهم ،والتظاهر السلمى لتغيير المنكر وحشد الناس لوضع حد لهذا التجاوز وذلك الطغيان . وهذا من البديهيات فى الإسلام فعندما تولى أبو بكر الصديق الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما قاله فى أول خطبة خطبها فى المسلمين أن قال (أيها الناس إنى قد وٌليتٌ عليكم ولست بخيركم ؛فإن رأيتمونى على الحق فسددونى ،وإن رأيتمونى على غير ذلك فقومٌونى ..القوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه ،والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ الحق له إن شاء الله ..أطيعونى ما أطعت الله ورسوله ؛فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم .) وعندما تولى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخلافة خطب فى الناس وقال Lإن رأيتمونى على الحق فآزرونى وإن رأيتم فى اعوجاجا فقومونى )..فقام رجل من المسلمين وقال : والله يا عمر لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا .فعاتبه رجال فى ذلك فقال عمر رضى الله عنه (دعوه لا خير منكم إن لم تقولوها "أى كلمة الحق" ولا خير فينا إن لم نسمعها ). ومن طريف ما ورد فى محاسبة الأمة لخليفتها ما ورد أن عمر رضى الله عنه قام فى الناس خطيبا فقال : (أيها الناس اسمعوا وأطيعوا .فقام رجل من المسلمين وقال :يا عمر لا سمع لك ولا طاعة .فقال عمر ولمَ؟ فقال الرجل :لأنك قسمت أثوابا على المسلمين فأعطيت كل رجل ثوبا واحدا ،وها أنت ذا تلبس ثوبين ..فقال عمر :قٌم يا عبد الله بن عمر واذكر ما حدث .فقال : إن أمير المؤمنين أخذ ثوبه فلبسه فكان قصيرا لا يكاد يوارى سوأته ..فأخذ منى ثوبى ووصله به ولبسه ..وكان عمر رضى الله عنه طويلا ضخم الجسم . فقال الرجل الآن يا عمر .قل .نسمع ونطيع . وإذا كان الإسلام يغرس فى نفوس المسلمين الوقوف فى وجه الظلم ويحذر من الإستسلام للظلم فى مثل قول النبى صلى الله عليه وسلم (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ..ثم قرأ النبى صلى الله عليه وسلم "وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" سورة الأنفال 25 ** وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية