عبد الحكيم عبدالناصر ومصطفى بكري أبرز الحضور لإحياء ذكرى ثورة يوليو بضريح الرئيس الراحل    أسعار السمك اليوم في مطروح الأربعاء 23 يوليو 2025    23 يوليو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    حماس تدعو إلى أوسع حراك شعبي عالمي حتى كسر الحصار وإنهاء المجاعة في غزة    رئيس تونس يواجه مستشار ترامب بصور أطفال غزة ضحايا التجويع الإسرائيلي    استشهاد 17 فلسطينيا بينهم صحفية في قصف إسرائيلي متواصل على غزة    أوسكار رويز يعود للقاهرة بعد انتهاء إجازته الصيفية    تفاصيل اتفاق الصفاقسي مع معلول    مصرع 4 أشخاص في مشاجرة مسلحة بين عائلتين في حفل زفاف بقنا    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025.. الموعد والخطوات والرابط المباشر    تستمر 6 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد    تفاصيل الكليات والتخصصات المتاحة ضمن نظام البكالوريا الجديد من العام الدراسي 2025-2026    تكليف محمد عبدالحافظ ناصف مستشارا للشئون الفنية والثقافية بهيئة قصور الثقافة    «الصحة»: 1.3 مليون خدمة طبية وعلاجية بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال 6 أشهر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الصناعة والنقل يشارك في الملتقى الاستثماري المصري الكويتي    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب الجامعات الحكومية جميع المحافظات    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    ننشر أسعار الذهب اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025.. عيار 21 يسجل 4700 جنيه    تشييع جثمان الطفلة السادسة المتوفية لأسرة ديرمواس بالمنيا وسط صدمة الأهالي    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    شمال سيناء تواصل عروضها التراثية بمهرجان جرش في الأردن    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 23 يوليو    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    رئيس وزراء اليابان: دراسة تفاصيل الاتفاقية التجارية مع أمريكا بدقة    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    تحرك مفاجئ في أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري "الضخم" بين واشنطن وطوكيو    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    «يكرموه».. رد ساخر من أيمن عبدالعزيز بشأن تصرف الزمالك مع أحمد فتوح    تنسيق الجامعات .. مؤشرات الكليات والمعاهد التي تقبل من 55% علمي وأدبي (تفاصيل)    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    مشكلة قديمة عادت للظهور.. حظ برج الدلو اليوم 23 يوليو    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسلوبية والتعبير الابداعي الحزين في المجموعة القصصية الأولى للكاتبة العراقية ميادة حمزة : (حكايات من مدينتي )
نشر في الزمان المصري يوم 23 - 12 - 2018

يصدر قريباً عن دار المتن للطباعة والنشر في بغداد المجموعة القصصية الاولى للكاتبة الموصلية ميادة حمزة التي توثق فيها جرائم عصابات داعش في مدينة الموصل وآثار الدمار الذي لحق البشر قبل الحجر .
واذا كنا نعلم ان من مجموع افكار ومشاعر نفسية تصل الى حدّ الإنفعال ، ينطلق الكاتب الى مشروع كتابته بأسلوبه الادبي الذي يريد ، ومن هناك يشتغل على وظيفة انتاجية تخرج أخيراً أمام العيان على شكل منجز أدبي ، او اعلامي معين يقرر مستواه الإبداعي ، أو العدم ، من يقع بين يديه ذلك الانجاز سواء كان ناقداً ، أو قارئاً متابعاً لما يُشر في أية وسيلة اعلامية متاحه أمامه .
الكاتبة ميادة حمزة لا تختلف عن غيرها في ما تسعى اليه من إيجاد صورة ابداعية حدّدت ألوانها مسبقاً لتجسد بكلمات ما جرى في مدينتها الموصل بعد أن سيطرت عليها عصابات داعش الاجرامية ، فأخرجت لنا صوراً خاصة عن الحياة الفردية والجماعية ، ما بين محادثات وآهات ، ومشاعر حزينة ضمن باكورة أعمالها القصصية التي هي بين أيدينا الآن ( حكايات من مدينتي ) وهي عبارة عن سيناريوهات قصصية جاءت بين خواطر ووصف دقيق لما عاشته هي شخصياً ، وسمعته في ساعتها الطويلة هناك .
لقد عادت بنا الكاتبة من جديد الى ( السجع ) الجميل بعد ان ابتعدت عنه الكتابات الحداثوية ، فنجده في الكثير من قصصها سردته بطريقة فنية سهلة الأخذ بعيداً عن التعقيد والترميز ، او ما كان يسمى بسجع الكهّان . جاءت بلغة ( شعرونثرية ) وازنت بها كتاباتها بسهولة بالغة من أجل إيصال رسالة الى المتلقي بلا عناء ، رغم ما تحمله تلك الرسالة من أحزان ، وجراحات دامية ظلّلت نصوصها .
النهايات الواحدة بحرف موسيقي واحد جعل التناسق ، والتناغم اللفظي في كتاباتها تخرج عن المألوف ، وتحدد مسارها الجديد ، وهي تخوض تجربة الكتابة الاحترافية لأول مرة .
وكلما حاولت الخروج من ( السجيع ) عادت اليه من حيث لا تشعر بتقطيعات ، ومقاطع غير منقوصة الفواصل والبيان الواضح جداً بجمالية بلاغية كظاهرة فنية حضرت هنا بقوة في : حكايات من مدينتي ، بسرد نثري انشائي متين ، في حين غرّت عبر قصص كثيرة أخرى بلا علامات سجعية مقيدة، أو حاجزة للنص لتكتب بأسلوبها الحر المفتوح ، كما في قصة : ألم الروح، أنفاس تحت التراب ، روح دلال ، ولا أريد ان اموت ؛ التي تقول في مقطع منها :
( ما حصل عندما وصلت بنا خطانا الى بداية الشارع؛ انفجار كبير هزَّ أرجاء المكان ، لم نعلم ماذا جرى ، مثل عاصفة مرّت وتركت أثراً كبيراً.. بعد انجلاء غبارها وشرّها المميت ، سقط الجميع على الأرض ، وتطايرت أشلاء ، ونزفت دماء ..)
في ( صباح العيد ) تصوّر الكاتبة احد المشاهد :
(عجينة خبز على قطعة من حديد فوق اعواد من الخشب المحترق ، وخيوط من النار تكاد تنطفئ اذا ما مرّت عليها نسمة هواء ، يجلس بقربها طفلان ينتظران نضوج خبزتهما كي يأكلا منها قطعة لن تسدّ الجوع ، ولكن لا بديل لهما منه )
مفردات ميادة حمزة – في بعض الأحيان – بمقطع من أحد قصصها يمكن ان تشكل قصة قصيرة جداً، كاملة المعنى .
ثم تتسع تلك الجمل السردية في نصوص اخرى لتصل الى قص حكائي يكبر شيئاً فشيئاً مناسباً مع قصر الفقرة وطولها بصرياً ، وسمعياً لمن يريد ان يقرأ بصوت مسموع كما في البرامج الاذاعية التي تصلح لها مثل هكذا قصص.
جاءت بعض نصوص الكاتبة قريبة من كونها خاطرة ، او قصيدة نثرية او سردية تبوح عن مكنونات ، وخلجات نفسية دفينة نابعة من أرض خصبة للكتابة ترسبت فيها المعاناة التي عاشتها هي بالذات طيلة شهور وسنوات ، وربما الى الآن باقية، ففي ( انسدال الستار أو مسرح الدمى ) تتجلى السردية التجديدية بوضوح اكثر :
( مسرح صغير على ناصية الرصيف وطفل يجلس على صندوق خشب أصغر منه يترقبّ بلهفة ظهور دمى ملونة تحركها خيوط و يظنّ انها حقيقية كما البشر …)
في ( بوح كف ) يلاحظ ظهور النص السردي كقصيدة اكثر منه نثر مترسل ، تقول في بوح كف: ( امسكت بكف يده ،
ومابين خطوط كفه ، وبوح الجن
اطلتُ النظرَ ، ثم ابتسمتُ ،
وخضت في ماضي قلبه ، والقادم
لا بل كلّ جوهره ، فتوقفت ،
وبدأتُ أدقق في تفاصيل خطوطه ، فانبهرتُ ،
وأدهشني ما ظهر فيها
لا بل خفتُ ، قلت لعلني تسرعت …)
وثّقت الكاتبة الكثير مما جرى من احداث في مدينة الموصل العريقة بحضارة نينوى وتراثها وجمالها بعد ان تحطم كل شيء على أيدي عصابات الإجرام من داعش ، واعوانهم . لغتها غنية بمفرداتها ، وأسلوبها ككاتبة واعدة لمرحلة جديدة قادمة على ساحة الأدب العراقي ، وربما العالمي لاحقاً في محاولة منها لترجمة نصوصها ، وارسالها خارج الوطن كسفير سلام يوصل رسالة السلام الى العالم.
نحن هنا لا ندرس شخصية عبقرية اثرَت الساحة بعطائها الإبداعي الفذّ ، لكننا نقف عند موهبة بيئية منتجة ، بعيداً عن استنطاق نصوصها لانها عرضت تقريرياً بلا مزاج لعناصر شخصية فردية . اذن تجدر الاشارة هنا لدراسة الأدب العراقي التصويري الوثائقي بعمق اكثر من التي تختنق برمزية فيها الكثير من القتامة رغم ما تحمله من رموز الجمال والانفتاح .
هنا ايضاً فرض الزمن والمكان نفسيهما نظرياً ، وعملياً في حقيقة السرد الموضوعي الذي لا يميل الى تراكيب مجزأة تستدعي نظرة كلية للتأمل وفك الرموز ، أو محاولة سبر اغوار الكاتب – أي كاتب كان ؛ حتى العفوية واضحة كتجنيس فني معتدل ، أو بسيط من خلال استلهام القيم والموروث الحضاري والانساني استحضاراً للواقع، وهذا ما يدعو القارئ للمتابعة والسير مع النصوص ، من واحد لآخر بكل ما حمل كقارئ من خلفية ثقافية ، وبكل ما يحمل النص من بنى تتراوح مفاهيمها ، وادوارها بدأً من المجتمع ، والسياسة ، والاقتصاد، مروراً بتاريخ و جغرافيا تلك الطبيعة ، وذلك الواقع الى آخر كلمة وقفت عندها الكاتبة التي فرحت كغيرها بتحرير مدينتها وانتجت لنا : ( حكايات من مدينتي ) كبداية لمشوارها ، وهذا ما يؤكد أسلوبيتها التعبيرية المكشوفة بجمالية النصوص الحزينة في مستواها الفني ، واللفظي ، اضافة للنظم، والمعنى المؤثر ( التراجيديا ) مع خيال منسق أحياناً بانتقاء مفصّل برز كوظيفة اجتماعية..
في اسلوبها الذي أحكم خواصه الصورية ، نجحت ميادة حمزة في بناء التشكيلات التي أرادتها عبر ذلك الزمن الحزين الذي صبغته دماء الأبرياء بطريقة كتابية كلاسيكية – تجديدية حزينة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.