سيدي الجميل .. أحييك تحية الصباح البهي الذي أهديتني إياه .. أحييك تحية الشمس المشرقة التي فتحت لها أفقك من جديد .. أحييك تحية نسائم المعرفة الحقة التي شرحت بها صدري .. أحييك يا أجمل الناس ، وأوضحهم وأبسطهم وأعتذر لك . . فاتني الكثير يا سيدي الجميل .. لم أصدق وصدقت أنت .. لم أ ؤمن وآمنت أنت .. لم أوقن و أيقنت أنت أنك قادر ، وأنك نقي و أنك تهم وتشب و تحتشد و ترفع عني الأذى ، وتمسح عني الحزن ، وأنك تستطيع أن تحتطب لي جذوة من عين الحق و روح العدل و بهاء الحرية . . أعددت كل شيء بكل جسارة ولم أطاوعك في الوقت ، أتقنت كل شيء ولم أكن أعلم أن فطرتك النقية وتوافقك مع الناموس الأكبر في الكون .. سابق سابق .. يحلق بيقين قاطع في سماء التحقق الغض .. سبقني توافق نغماتك مع إيقاع الكون وأذهلني مضيك ورؤيتك بعين اليقين ، حددت الموعد يا الغالي و هيأت العرس وازدانت الساحة بأشيائك ، وأتت البكارة من دمك .. وضعت لي صداقي عند فرش عرسنا ؛ فداسوه .. مزقوه .. شدوه شداً ؛ فلففتني به في فرح باق أبداً ، كسروا ماعون اتفاقنا ؛ فأطعم كل الصغار الذين كبروا واجتازوا ورقوا و انتصروا .. إنسكبت حناؤك فضمخت الميدان عطورك وورديتك الحاضرة في الزمان .. أغانيك وأغاريدك تصدح و تملأ السمع و البصر و الفؤاد .. عذراً أيها الغالي ها أنا أشخص ببصري لأراك في الغمام العشر يسقي الوادي الشغوف المشتاق إلى ري الحق والعدل .. هاأنا ألتفت إلى نبوءات قديمة بهية متفائلة كنت أتطلع إليها ، وأحزن و ينشق فؤادي ألماً ، أن ما من مجيب .. عذراً سيدي العريس .. أنكرتك في رحم الأماني الغاليات .. عذراً يا حبة القلب و نورالعين . . أراك سيدي عملاقاً مفتول العضلات يرتدي زياً كالعمال والصيادين والفلاحين .. مستبشر الوجه .. يتطلع إلي الأمام في تفاؤل وتصميم .. حافي القدمين وهما كبيرتا الحجم راسختان منغرستان في الأرض عند قدميك .. مراكبي الصغيرة ذات المجاديف تسبح حتى الشلال ، لتصل قامتك يا الجميل إلي ارتفاع بنايات المدينة .. تطال السماء في الليل المضاء بالبهجة النارية ونجوم وهلال .. إحتفال بك يا سيدي هنا .. هنا خلقت فرحاً .. هنا خلقت نصرا ً.. هنا خلقت ميلاداً ، هنا خلقت طهراً .. يا البهي .. الخضرة تسكنك و تسكننا و تعم الربوع .. يا سيدي يحميك ضوء القمر المولود .. يرقيك و يحنو عليك .. يدعو لك باكتمال صنيعك مع اكتمال القمر بغير نقص ، بل بزيادة .. زيادة يا سيد الناس و قد الدنيا و قدْ قدْ عليائها . . قالت سيدتي في نبوئتها أنك تأتي عملاقاً متطلعاً إلي الأمام ، قوي البنية تحوي بين ذراعيك كل البشر .. تمسك سلاحاً معلقاً في كتفك من قلوبهم .. وأنك تأتي في ملابس العريس .. في فتوة الشباب .. في طهر الصغار .. تغرس في بدن الخير شجرةً ونخلاً وبيتاً ومعبداً و مصنعاً ، ويمتد النيل في الأفق الساري الآمن بك .. قالت سيدتي أنك آت ينبثق من جسدك الرهيف غرام الفتية والفتيات .. تطالعنا بالبهجة ومرح الأطفال ، ثم يأتي معك أمان و هدوء في الديار . . قالت أمنا الكبيرة أنك تأتي من خلف التلال ومعك أصحابك غر ضاحكين مغنين ، يحرسكم براق المنتهى ، و ينثر عليكم بركاته و صلواته ، ولتصنع أنت و أصحابك على عين محبة جناح الحلم الوليد ، تتردد أصواتكم الصارخة ، تسمو وتكرس الجلال المهيب لحشد الجموع ، وإيقاع القلوب الطاهرة يخلق قوة الفيض الجديد .. قالت السيدة قديماً أنك تحتوينا بجوهر الأشياء ، و بحقيقة الخلق .. أنك تمتطي تلاً أزلياً في اللجة ، حيث بدأ الكون ونطقت الكلمة المقدسة " كن "؛ فكان البدء وعرف الخلق نفسه بالأرض البكر . . قالت يأتي بحصان عربي راقص ، مكتوب عليه منتصر، ومعه طيرورجل وامرأة ، وطفل يمنحه القيادة ويلبسه مفتاح الحياة ، و ثلاث بيضات حبلى مكنونة والأهرام وقرص الشمس .. نعم سيدي الشهيد .. والله رسمتك النبوءة هكذا في بشارتها التى تتطلع من وراء السحب عند نهاية الأفق المزدان بك .