بقلم رانيا مسعود مجرد أن تتسرب إلى الإعلام بوسائله المختلفة أسماء وزراء تريد أن تختارهم حكومة تسيير الأعمال التي لا يثقُ الشعبُ و الشارعُ المصريُّ في مشروعيتها و لا في تسييرها لأعمالهم، تجد الكثير من الأبواق تُطلقُ نفيرها المزعج تجاهها و ينطلقُ الجميعُ ما بين مؤيدٍ و معارضٍ لأي شخصية يُذكر اسمها لتولي أي منصبٍ أو لشغل كرسي الوزارة الشاغر، دون مراعاة لمخطط أو لمنهج هذه الشخصية للحكم عليها و على ولائها للشعب دون سلطته البائدة. و أنا مع كامل احترامي لكافة آراء الشعب بمعارضيه و مؤيديه، رغم كوني من المعترضين على الطريقة التي تنتقي بها الحكومة الحالية شخصياتها، أرى أن الحكم لمجرد إطلاقه على إحدى الشخصيات دون الأخرى لا ينبغي لنا الآن، و إنما ينبغي أن نترك الأيام تدلي بحكمها علها تُصلحُ شأنًا لا تراهُ كلُّ الأعين اليوم و تراها هذه الشخصية بمنظورٍ مختلف. لن أذكر في كتابي هذا شخصية من الشخصيات و لا منصب من المناصب، و لكنني أريد فقط أن أتخير منصبًا شاغرًا لأشغله لفترة بسيطة و ليكن على سبيل المثال الثقافة، و لِمَ لا؟ فالثقافةُ ليست حِكرًا على أحد و ليس لأحدٍ سلطة عليها. و من باتَ يحكمها ثلاثين عامًا حتى لم يستطع إيقافها و إجهاضها لدينا بأية وسيلة. و لكنني رأيتُ فيما أرى أنني وزيرةٌ لها أسعى بين قصورها الحكومية لأكتشف قصورها في تقديم الخدمات الثقافية و سعيتُ كذلك بين شخصياتها لأجدهم يسطون على كل ما هو جديد و على فكرِ و آراء الكثير من الشباب الحر لينسبوه إلى أنفسهم. و أردتُ في النهايةِ أن أستقل بها فأنشأتُ مؤسسةً ادعيتُ أنها ترعى الثقافة و كانت مؤسسةً ربحيةً في المقام الأول أسعى من ورائها إلى كسب كل دقيقة فكر للشباب و كل قرش في جيوبهم لأستنزفهم ماديًّا و عقليًّا و أهدر طاقاتهم البناءة و أُصيبهم باليأس و الطموح و الإحباط. و عندما فعلتُ، وجدتُني أندم على فعلتي و أراجعُ نفسي لأبني المؤسسة من جديد و أولي فيها من لا يَصلحُ في إدارتها و أجعلهُ سيِّدًا فوق الجميع و أعطيه من الصلاحيات ما يقتلُ به فكر و آراء الشباب ليستولي بكل ما أوتي من منصبٍ على طموحاتهم و مقدراتهم. تلك كانت مهنتي عندما توليتُ منصبًا وزاريًّا لأكونَ به رئيسًا لجمهورية نفسي كما يُقال و يترددُ بين الشباب. و أنا لا أرى في نفسي أكثر من كوني دكتاتورة كبيرةً و رئيسة للشأن الخاص بنفسي. أتجولُ بين الأرفف و الكتب و أسعى بينها لأثقف نفسي بما يحلو لي و لا أرى لنفسي بُدًّا من مهاجمة الآخر لكي أثبت لنفسي أنني من يمتلك الثقافة التي لا يمتلكها غيري. سعيتُ بالفعل بين قصور ذاتي لأرى القصورَ في تهيئتي ثقافيًّا فإذا بي أجدني قاصرةص على أنواعٍ من المعرفة دون الأخرى و النفسُ تشتهي كما تشتهي البعيرُ. و سعيتُ بين شخصياتٍ كنتُ قد ارتبطتُ بها و آثرتُها على غيرها من الشخصيات الأخرى سواء لإعجابي بسيرتها الذاتية أو لقربها من ذاتي الشخصية و ظروفي. و فتحتُ كل الكتبِ لأستولي على ما بها في ذاكرتي رغم نسب الأفكار لأصحابها إلا أنني أنسى من قام بها و فكر فيها فأنسبها مباشرةً إلى نفسي. و أردتُ أن أُنشيء مؤسسةً ثقافية لنفسي داخل عقلي و فكري فوجدتني أنهل من أفكار الآخرين و أدعي أنها خالصةً لي. و أولي على فكري و عقلي و مؤسستي الداخلية من لا يصلح و أنتزعُ الرغبةَ من نفسي في أن أسيطر عليها أو يسيطر عليها آخرون. و هكذا أسعى لأكونَ وزيرة. و ها هي مخططاتي. و لكن عفوًا فكل ما سبق هو لكوني رئيسة وزراء و رئيسة جمهورية و وزيرة نفسي. دعوة أتوجهُ بها إلى كل صاحب مبدأ حر و فكر و كرامة أن يُراجع نفسه و لا تكون له سيطرة إلا على نفسه مُسبقًا ليصبح وزيرًا لتعليم و تربية و تثقيف و توعية و رياضة و زراعة و صحة و مال و اقتصاد و خارجية و داخلية نفسه. لا ليُصلحَ من نفسه و ذاته الفردية فقط، بل ليُصلح من شأن المجتمع الذي هو ترسٌ آليٌّ فيه. و عُذرًا إذا أطلتُ عليكم. فالكتابةُ هنا نابعةٌ من نفسي و أنا وزيرة كتابة نفسي. مَن أراد لنفسي شيئًا فليُطلق العنان لنفسه أن تتقبل نفسًا أخرى تختلفُ تمامًا عن نفسهِ.