بقلم محمود عبد ربه الاستبداد لو كان رجلا وأراد أن يحتسب وينتسب لقال ( أنا الشر وأبي الظلم وأمي الاساءه ،وأخي الغدر ، وعمي الضر ، وابني الفقر ، وابنتي البطالة ، وعشيرتي الجهالة ، ووطني الخراب ، أما ديني وشرفي وحياتي فالمال المال المال ) .فتحيه للكوكبي وطبائع الاستبداد. من هنا بدأت قصه الشاب التونسي محمد بوعزيزي ، الذي أشعل النار في نفسه بعد معاناة مع الحرمان والفقر والشعور بالظلم ، لم يكن هذا الشعور الوحيد في هذه الحادثة التي سطا فيها الأمن التونسي على عربه بوعزيزي بالمصادرة تطبيقا للقانون المزعوم ،هذه العربه التي يبيع عليها الخضار لتوفير أدنى درجات العيش الكريم والحصول على قوته وقوت عياله ، مما زاد من إحساسه بالظلم والقهر الذي نستعيذ منه صباح مساء ونقول ( الهم إنا نعوذ بك من غلبه الدين وقهر الرجال) . انه نموج لمعاناة الملايين في تونس وغير تونس من البلاد التي لا زال الظلم والقمع جاثما" على صدور أبنائها ، وتستأثر بالثروه أقليه من أصحاب السلطان والمال ، فتسطو على الشطر الأعظم من الدخل القومي والثروه الوطنيه ، بينما تعيش الأغلبية على الهامش والفتات ، وبذلك تحول الاقتصاد التونسي الى رهينه في قبضه حفنه من كبار المضاربين المتاجرين في الاوراق المالية والعملات ، اضافه الى المتاجرة في أرزاق الناس ومقدرات البلاد والعباد ، عندها ظهرت على السطح مشكلات اقتصاديه واجتماعيه خطيره ، فتفشت البطالة ، وانخفضت الأجور ، وتدهورت مستويات المعيشه ، وتقلصت الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدوله ، فتفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروه ، وتلاشت الطبقه الوسطى لصالح الأغلبيه الساحقه من الطبقه الفقيرة ، ولم تتدخل الدوله الا لفرض مزيد من الضرائب ، وسن تشريعات تساعد القوي في أن يلتهم الضعيف، حينها كان بوعزيزي القطره التي أفاضت الكأس المترعه ، والقشه التي قصمت ظهر البعير . ومن هنا برهن الشعب التونسي بانتفاضته العفويه ، أن الاعوجاج مهما طال ، فلا بد أن يأتي اليوم الذي يقيض الله له من يعدله ، رحم الله شاعر تونس الكبير أبا القاسم الشابي عندما قال (اذا الشعب يوما أراد الحياه ..فلا بد أن يستجيب القدر ).