بقلم محمد غالية هذه رسالتى أبعث بها إلى كل أهل الأرض مسلم ومسيحي ويهودى ، فكلنا وان فرقتنا الأديان نشترك جميعا فى كوننا أخوة فى الإنسانية ، وستظل تلك الأخوة إلى ابد الآبدين إلى أن تفنى الأرض ومن عليها ، ونذهب إلى الله خالقنا ، وساعتها يكون الفراق أو التفريق ، فلله الأمر وحده . أما هذه فرسالة اهمس بها إلى اخوتى جميعا فى الإنسانية فرجاء افتح لى صدرك قليلا وقلبك ، فربما اتفقنا هذه المرة وقلت خلافاتنا ونزاعاتنا المتكررة وأدركنا معنى إنسانيتنا . معنى الإنسانية : ليس للإنسانية معنى محدد .. فكل إنسان يمكن أن يتغير إذا تغيرت ظروفه وتغيرت الأرض التي يقف عليها والمقعد الذي يجلس عليه أو تحته أو أمامه.. ضع أشجع إنسان في النار يصرخ كالطفل.. فلا أحد خير بطبعه.. ولا شرير بطبعه.. ولا شجاع ولا جبان.. ولا كريم ولا بخيل.. وإنما الإنسان يصير كريما وشجاعا وخيرا.. والطبيعة الإنسانية نحن الذين نصنعها.. فنعلم الطفل الصغير ألا يكذب.. ونعلم الكبير إلا يكون صريحا.. وإنما أن يلف ويدور، لأن الناس لا يحبون الصراحة.. ونعلم الصغير أن يكون شجاعا ونقول للكبير لا تكن مقهورا.. ونقول للصغير لا تكن بخيلا.. ونقول للكبير لا تكن مسرفا. فإنسانيتنا دوما تنبع من البيئة التى نعيش فيها . والأصل أن الإنسان خلق فى هذه الدنيا على التعب ليعمل ويجد ويجتهد ليصل إلى الآخرة بأمان قال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في كبد ( . أبناء دين واحد ويختلفون : إن الدين هو أعظم ما يمتلك الفرد وكل يعيش فى ظل تعاليم دينه أي ما كان هذا الدين ولكن الأديان دوما ما تصاحب بالاختلافات بين معتنقيها . فإذا بحث فى الدين الإسلامي ستجد المسلم السنى والصوفي والأشاعرى والشيعي ، ثم ستجد الخوارج والمعتزلة وغيرهم الكثير من الفرق. وستجد فى الدين المسيحي ثلاث طوائف رئيسية الأرثوذكس و الكاثوليك و البروتستانت. وستجد فى اليهودية ، اليهود الأرثوزوكس ، واليهود الإصلاحيين ، والمحافظين .وتوجد أشهر حركاتهم فى الصهيونية . وستجد خلافات بينهم تصل إلى حد الاعتداء ولن نفصل فى من المخطأ ومن معه الحق لأنه ليس موضوعنا ، فقد اتفقنا منذ البداية على أننا نتحدث من باب الإنسانية لا أكثر . الانقسامات إلى أين ؟ وبعد أن تاهت إنسانيتنا وتغيرت الأحوال وسادت الانقسامات كل البلاد العربية بلا أى استثناء ففى العراق ستجد انقسامنا بين السنة والشيعة وبين الحكومة والأكراد وفى السودان ستجد انفصالا بين الشمال والجنوب وفى فلسطين ستجد بين فتح وحماس وعلى حدود السعودية ستجد نزاعا بين السعوديين واليمنيين وداخل اليمن صراع بين الملك والحوثيين وستجد صراعا فى اليمن بين السنة والشيعة وكذلك فى مصر ستجد صراعا بين الحكومة والأخوان وانقساما بين المسلمين والمسيحيين ومؤخرا ثورة الشعب الجزائري ضد الحكومة ، وهكذا ستمر على الدول العربية بلدا بلد ستجد فى كل بلد أزمة ما ولن تخلو واحدة منها من تلك الأزمات ما سيختلف فقط هو حدة الأزمة فهناك أزمات تنتهي عند مجرد كلمات على صفحات الجرائد أو مظاهرة وهناك أزمات تستمر حتى المواجهات المسلحة . لماذا انقسموا؟ لما طغت الماديات على الناس وتغيرت النفوس طمع الكثير والكثير فى منصب أو مال ففتن الناس بالدنيا فظهرت الانقسامات وتخلى الجميع عن مبادئه بل وباعوا دينهم بعرض من الدنيا وأمام سطوة العدو سواء كان خارجيا ام داخليا ضعفوا ولم يستطيعوا المقاومة فللمال بريق خاص وللشهرة والكراسي بريق أكبر وأمام إغراءات خارجية نجح من لديهم مصلحة فى كل تلك الخلافات فى أن يوقعوا بين الجميع وسقط الجميع فى الفخ بكل قوة ، ليتهاوى فى بئر عميقة لا قرار لها ، فلا أحد يريد أن يضحى كل يعمل لمصلحته فقط لا يهمه دين ولا وطن ولا أرض فأنا ومن بعدى الطوفان ، والكل يعرف عدوه جيدا لكنه على استعداد ان يضع يده فى يد الشيطان للوصول إلى مطامعه الشخصية ، إن اللعبة الآن أصبحت مكشوفة والجميع يدركها لكنهم يكابرون من أجل مصالحهم الشخصية , ثم بعد ذلك نصل إلى جشع أشخاص أنفسهم هذا الجشع نابع من داخلهم وليس لتسليط عدو من الخارج ولكنهم يفعلون اى شيء فى مقابل أن يحافظوا على كراسيهم ولا يهمهم وطن ولا شعب ولا إنسانية ، إن هؤلاء بكل طوائفهم هم من يوقعون العداوة والبغضاء وهم من يمسحون كل معاني الإنسانية بكامل إرادتهم ومع سبق الإصرار والترصد ، فهؤلاء هم المجرمين الحقيقيين لهذه الخلافات ولخنق كل معانى الإنسانية ولأن يتحول الناس إلى شريعة الغاب مرة أخرى ، وليزرعوا بداخل كل أرض فتيل لفتنة قد تشتعل فى أى وقت . قليلون يسيئون فيتُهم الجميع: قليل من أصحاب تلك الديانات هم من يقومون بأفعال تخالف الإنسانية فالحق جلي ظاهر ، إلا ان تلك القلة هى من تعلو فى الأفق لتعلن عن نفسها بكل قوة ، فيتصور الناس أن هذا هو الغالب على اهل هذا الدين ، والناس لا يهتمون إلا بالمظهر الخارجي فقط ، لا يعنيهم التعاليم التى بداخل الدين بقدر ما يعاملونه بهم أصحاب تلك الديانات . الله أرسل لنا التوراة والإنجيل والقرآن وكل الأديان نزلت من عنده فلا يوجد تعاليم دين سماوي ستحرض أبدا على سفك دماء بريء أو قتله ظلما وجورا أو سرقة أحد أو استباحة عرض ، فتعاليم الله واحدة ، ولكن الانسان هو من يفسدها ويغير ويبدل ، فمن يقتلون المسلمين فى كشمير والشيشان والبوسنا وفلسطين وباكستان ويحرقونهم فى الصين هم أناس لم يعرفوا ولم يتذوقوا طعم الإنسانية لأنه بكل المنطق والعقل لا يوجد دين يبيح هذا ، ومن يقتل ذميا من أهل الكتاب فهو أيضا لا يعرف معنى الإنسانية ، ولا يدرى عن تعاليم إسلامه شىء ، فلا نريد أن نندفع و راءهم حتى لا تكون فتنة فهذا والله زمن الفتن يقول حذيفة بن اليمان ( تكون فتنة تعرج فيها عقول الرجال حتى ما تكاد ترى رجلا عاقلا )). ويقول أيضا (( لا تضرك الفتنة ماعرفت دينك ، إنما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل ) وقفة : الإنسانية دوما ما تدعو إلى التسامح والعيش بود وحب يشمل جميع الناس ، ولكن أحيانا من يملكون دوافع هم يظنونها حسنة ولكنها تؤدى على الهلاك يقول سارتر ( الطريق إلى الجحيم محفوف دوما بالنوايا الحسنة ). دعوة : هذه يد أمدها إليك ، يد ممتلئة بالسلام بغض النظر عن لونك أو ديانتك فأنت أخى فى الإنسانية ولن أتعرض لك بسوء ما حييت ، سنكون سويا من أجل أن نعيش عالما مسالما لنبدأ من جديد فلقد اتضحت الرؤية وعلم الجميع من عدوه الحقيقى ومن يريدون ان يوقعوا بيننا لأنهم يريدون وطنا مشرذما وأوطان متهالكة ملأها التعب والنصب من محاربة بعضهم البعض ، فهيا أخى فى الإنسانية هذه يدى أمدها إلى يدك فأشهد الله انى بريء من اى دم قد مسك ، فلتمد يدك فهذه يد السلام ، ليست عن ضعف وإنما عن قوة وعزة ، قوة وعزك لى ولك ، لنمد ايدينا معا ولننبذ الفرقة ولنكن جسدا واحد ( لكم دينكم ولى دين ) ولكن فى النهاية كل يكمل بعضه البعض فى تكوين جسد الوطن .