تقبله وتحتضن رأسه بين صدرها ورأسها وتطل بشفتيها علي حرارة جسده .تبدل وضعه فرأسه الآن تنام بارتياح علي حواف كتفها. يومأ لها عن سروره وهو يكاد يهذي من ارتفاع حرارة رأسه .تلتهم خطوه قدمها الطريق إلي مستشفي الحميات وتسأل كل من يصادفها الباب فين ؟ باب إيه يا ست ؟ باب الاستقبال ؟ قدام شويه ؟ لمحته بالبالطو الأبيض الرشيق يسرع غير عابئ بالأعداد التي تجمعت أمام باب عيادة المستشفي .تنده يا دكتور .لا يلتفت يعبث عامدا بجيب البالطو الفارغ ثم يدس قدمه إلي غرفه الكشف .تقفز الممرضة مردده للواقفين .بالدور الدكتور. وصل . ..انتظرت مرتقبة دخولها عند جلوسها أمام مكتبه علي الكرسي الوحيد بالغرفة انتبه إليها ولون طفلها يقارب السواد. انتي ؟ ايوه. ابني نار مولعة من الليل ؟ هاتيه هنا . فحصه جيدا .علا صوته مناديا علي الممرضة .إجراءات دخول سريعة .اصل يا دكتور .مفيش اصل اتصرفي بعد لحظات مرت كان علي جهاز الأكسجين وهي بجواره تبلل جسده بمنديل رطبته من كاس الماء الذي أعطته لها أم الطفل الذي يرقد بالغرفة . عندما هدأت أنات الطفل وعاد لوجهه لونه كان يقف معها لاصقا كفه بجسد الولد يتحسسه .كان يود ان يمسح دموع عينيها ويزيل ندي الماء المتحجر علي جبينها الناصع تلتهمها عينه بشوق .مندفعا بالحديث وهي لاترد إلا قليلا . دس بيدها ما خرجت به يده من قميصه الزاهي رفضت أن تقبل وبإلحاح قبلت ودموعها تبلل يده .لفت نظره بهاء الطفل وهو يبتسم لدموع أمه ويحاول أن يمد يده ليزيلها رأي صورته في الطفل وهو يحاول نزع غطاء انفه نحيلا بهي الوجه اخضرار عينه الزاهي يلفت نظر كل من مر عليهم طالت وقفته فأنتبه مغادرا الغرفة تاركا لها كارت يحمل اسمه . "كل من بسكن الأطباء يتهافت عليها لما قدمت إليهم. مكثت يومان تتداولها كل الغرف وذهبت كما آتت افرغوا معها شحنتهم من الهموم إلا هو. رآها وهي تخرج من حجره زملاءه متدثرة ببالطو ابيض فانتبه لوجهها الجميل .لم يمحى من ذاكرته . ظلت ممسكه به حتى التحم بيدها . مساءا حملت وحيدها إلي عيادته .دخلت. هم واقفا مقبلا عليها من أول لفته إلي الطفل" حمد الله". ملأ لها حقيبة صغيره بمجموعه من الفيتامينات والادويه .همس لها ان لا تتردد في القدوم إليه في أي وقت ابتسمت حملته وخرجت إلي الشارع تمشي تجرها أحلامها وهي تتمايل طربا تملا عينها من وجه طفلها الضاحك وتدغدغه بأنفها فيضحك ممسكا بطرحتها السوداء ليخفي وجهه منها وهي تجذبها . يعلو في ضحكته أكثر فأكثر . دخلت حجرتها دون أن تلقي السلام علي احد .ألواد عامل إيه .ردت في اقتضاب." كويس الحمد لله" منذ مات زوجها وهي تدبر شئون بيتها جمتعها محطة قطار كانت تبكي متكورة الجسد علي مقعد بالمحطة سألها مسافرة فين؟ بكت, آخذها معه لتنام في حجره أمه حتى الصباح .رأي وجهها الخمري يطل منه عينان كما الحسن ابدي بعد الغذاء سألها عن مكان أهلها هزت رأسها." ليس لي احد" حمل في المساء هويتها متمليا في البيانات" حسناء زاهر الطوخي" ذهب لمأذون القرية مجال بحث بعد ان عقد عليها وفي حجرته المتواضعة بفراشها المهلهل التهمها قمرا سقط م السماء تجاوز عن بكارتها كما تجاوز عن المعلومات التي احضرها المأذون ..يعني مهيش علي ذمه حد ؟ ..ايوه هوا ده المهم دي مراتي وعقد وقبول وخلاص .غمرها سعادة علي بساطه حاله وغمرته هي ماحرمه فقره منه ؟ تحولت غرفه الفقر الي قصر وثير وبعد 7 شهور كان طفلها البهي يملا الحجرة غناءا وهو يتلقى التهاني به جلس مزهوا بين أصحابه في مدخل البيت يوزع حبات الفول السوداني والبلح والملبس .. عندما لمحها رئيس الوردية وهو يضع في يد الطفل خمسه جنيهات اتسعت حدقة عينه وتحجرت وهو يقرأ تفاصيل وجهها .صمت بعدها لكنه أباح السر لعمال الشركة فانتشر الخبر كالريح وعند أذنيه كانت تسقط الحكايات فلا يلاحظ إلي ان همس له احدهم بالسر فارتبك وخرج ساخطا مندفعا .لم يدرك القطار فاندفع خلفه مسرعا الي ان تشبثت يده بباب العربة الاخيره وعندما مال بجسده للدخول زلقت قدمه ليهوي أسفله .حملوه إلي قريته انتهت مراسم الدفن لتبقي هي ووحيدها بالبلد التي حضنت سرها للأبد والابن الذي وجد آب يحمل اسمه فقط ووجوه كثيرة لأتعلمها .