عمدة "هوداك" برومانيا يكرم طلاب جامعة سيناء الفائزين بالجائزة الذهبية في مهرجان الفلكلور الدولي    تنفيذ 87 مشروعًا خدميًا وتنمويًا خلال أسبوع لخدمة 400 ألف مواطن بالوادي الجديد    وفاة العشرات بسبب سوء التغذية في ولاية جنوب كردفان السودانية    الدوري الإنجليزي، توتنهام يواصل تقدمه على مانشستر سيتي بعد 75 دقيقة    بمشاركة فريق مصري.. تعرف على المشاركين في البطولة العربية للأندية لليد    "مكافحة الإدمان": 2500 شاب وفتاة جدد تقدموا للانضمام إلى رابطة متطوعي الصندوق    نائب وزير السياحة وأمين المجلس الأعلى للآثار يتفقدان أعمال ترميم المواقع بالإسكندرية    مذكرة تفاهم بين جامعتي الأزهر ومطروح تتضمن التعاون العلمي والأكاديمي وتبادل الخبرات    الإتجار في السموم وحيازة خرطوش.. جنايات شبرا تقضي بسجن متهمين 6 سنوات    وزير الصحة الفلسطيني: فقدنا 1500 كادر طبي.. وأطباء غزة يعالجون المرضى وهم يعانون من الجوع والإرهاق    الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات خلال يوليو    قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    إطلاق نار على الحدود بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    تكريم الفنانة شيرين في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته ال41    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    منال عوض تناقش استعدادات استضافة مؤتمر الأطراف ال24 لحماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    محافظ أسوان يتابع معدلات الإنجاز بمشروع محطة النصراب بإدفو    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    ورش تدريبية للميسرات العاملات بمركزي استقبال أطفال العاملين ب«التضامن» و«العدل»    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستعباد الخفي
نشر في الواقع يوم 04 - 08 - 2012


بقلم أحمد أبو رتيمة
أخطر أنواع الاستعباد هو ذلك الاستعباد الخفي الذي تتوهم معه بأنك حر في اختياراتك بينما لا تستطيع أن تختار إلا ما يرسم لك..
هذا النوع من الاستعباد يمارسه الإعلام ضد الجماهير فيعبئهم بمعلومات صحيحة أو خاطئة بشكل انتقائي وممنهج لصياغة وعيهم في اتجاه محدد بما يخدم سياسات معينة..
هذا الاستعباد أخطر من الاستعباد الواضح المكشوف الذي يحكم فيه الطغاة بالحديد والنار لأنه في الحالة الثانية تكون الشعوب متنبهةً بأن هناك من يصادر حريتها فيكون ذلك مستفزاً ومحرضاً لها على الثورة أما في الحالة الأولى فتتوهم الشعوب أنها تملك الحرية الكاملة في اتخاذ قراراتها وهي غير متنبهة لأثر المصادر التي تستقي منها معلوماتها في تشكيل وعيها في اتجاهات محددة..
كثيراً ما نظن أننا مخيرون بينما نحن مسيرون في مساحات كبيرة..فالطفل ينشأ في بيت أبويه فيشكل أبواه مصدر وعيه الأول فيهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ويشربانه قيمهم وسلوكياتهم، فينشأ كما عوده أبوه يوالي من والاه ويعادي من عاداه وهو يظن أنه حر في قراراته وأنه اتخذها بمحض إرادته ولو خلا مع نفسه في ساعة صفاء لأدرك أنه يسير في اتجاه حتمي دفعته إليه البيئة التي نشأ فيها ولو قدر له أن ينشأ في بيت تلك العائلة التي يعاديها أبوه لاتخذ نفس موقفها ولعادى أباه الذي يواليه الآن..
وما ينطبق على حالة الفرد ينطبق على حالة الشعوب فنحن نظن أن الشعب الأمريكي مثلاً ينعم في حرية مطلقة وأن للمواطن حق التفكير وتقرير اختياره دون قيود لكن حقيقة الأمر أن حرية الشعب الأمريكي لها سقف معلوم لا يستطيع تجاوزه، لكن المواطن الأمريكي لا يشعر بأن هناك من يتحكم في إرادته فهو حين يتوجه إلى صندوق الاقتراع ويختار أحد المرشحين الديمقراطي أو الجمهوري لا يدري بأنه مأسور داخل صندوق، وأن الدنيا لا تنتهي عند هذين المرشحين وحدهما بل كان يفترض أن تكون هناك خيارات أوسع، وأن ما يظن أنه قراره الذاتي الحر ما هو إلا نتاج الضخ الإعلامي المتواصل ليلاً ونهاراً من ماكينات الإعلام الضخمة التي تصب في عقله الباطن وتسرب إلى لا شعوره ما تريده من معلومات منتقاة وتخفي عنه ما لا يتناسب مع أجندتها، إنه في حقيقة الأمر يفكر تبعاً لما تمليه عليه السي إن إن أو الفوكس نيوز، ومقتضى الحرية هو أن يخرج من الصندوق وأن يستكشف آفاقاً جديدةً وأن يسير في الأرض ليرى الحقائق التي لا تعرضها هذه الوسائل الإعلامية الضخمة التي تقوم بدور سحرة فرعون: "وسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم..
يتشكل وعينا وفق المصادر التي ننهل من معينها، والعكوف على مصدر واحد أو مصادر متعددة ذات اتجاه واحد أو تنهل من نفس المعين الثقافي يبقينا في أسر الجبرية وإن توهمنا أننا أحرار، ومن أراد أن يتحرر حريةً حقيقيةً فإن عليه أن يخرج من الصندوق وأن يسير في الأرض فيرى المسائل من زوايا جديدة ويستشرف آفاقاً أوسع..
في عالمنا العربي نضرب مثالاً قناة الجزيرة، فهذه الآلة الدعائية الضخمة تمارس توجيهاً لوعي الجماهير في الاتجاه الذي يخدم الخط السياسي للجهة الممولة فكثيراً ما نفكر ونقرر ونرتب أولوياتنا كما ترسم لنا قناة الجزيرة، مثلاً هي التي قررت إثارة قضية مقتل عرفات في الوقت الذي رأته، فلم يسعنا إلا أن نتلقاه تلقياً سلبياً ونسارع إلى إصدار ردود الفعل ظانين أننا نفعل ذلك بخالص حريتنا بينما حقيقة الأمر أننا لم نخرج قيد أنملة عن الخط الذي رسمته الحسابات السياسية لقناة الجزيرة.
إن تركيز هذه الآلة الدعائية الضخمة على موضوع محدد وتعمد إثارته وتضخيمه يشعرنا بأهميته ويضعه في دائرة أولوياتنا ونحن نظن أننا أحرار في اختيارنا ولكن لو لم يثره الإعلام لما تنبهنا له..
ناقشت ذات مرة شباناً مصريين فوجدت نظرتهم سوداويةً تجاه الحركة الإسلامية ويخشون من وصولها إلى الحكم-قبل فوزها- مع أنهم لم يقابلوا في حياتهم ولو عنصراً واحداً من الحركة الإسلامية ولم يقرءوا أفكارها، ففطنت إلى المصدر الذي استقى منه هؤلاء نظرتهم السلبية وهو القنوات المصرية الرسمية أو شبه المستقلة التي لا يشاهدون غيرها، فقلت لهم: معكم حق في أن يكون هذا هو انطباعكم، وأنتم لم تختاروا هذه القناعات بل اختيرت لكم وأمليت عليكم.أنتم تظنون أنكم أحرار في تفكيركم بينما لا تفكرون إلا وفق ما يريده الإعلام المصري، فهذا التفكير تفكيرهم ولكنهم سحروا أعينكم وزيفوا قناعاتكم حتى ظننتم أنكم تفكرون بخالص حريتكم.
إن هذا النوع من تزييف الوعي خبيث لأنه يخدع الجمهور فيغرس فيه أن هذه هي قناعاته الذاتية التي يجب أن يتحمس لها ويدافع عنها وربما يموت من أجلها، بينما قد حول الجماهير إلا أبواق تردد ما يريده منها..
ليست الحرية في أن تتخلص الشعوب من الأنظمة التي تحكمها بالحديد والنار وحسب، بل من مقتضيات الحرية كذلك أن تتخلص من سحر فرعون المتمثل في الآلة الدعائية الضخمة التي تواصل حشو دماغ الإنسان ليلاً ونهاراً دون أن تسمح له بساعة صفاء يخلو فيها مع نفسه ليتخذ قراره بإرادته الخالصة.
إن من مقتضيات الحرية أن تتاح أمام الشعوب فرص متساوية للاستماع إلى مختلف الألوان والاتجاهات، ونصيحتي للأفراد حتى يكونوا مستقلين في تفكيرهم أن يعددوا مصادر معلوماتهم، وألا يرتهنوا إلى مصدر واحد مهما كانت مصداقيته حتى لا يقعوا في أسره فتصادر حريتهم وهم لا يشعرون.
والله أعلم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.