"حقوق أسيوط" تحتفي بمتفوقيها وتستعد لدعمهم ببرنامج تدريبي بمجلس الدولة    خسائر أسبوعية عالميًا.. سعر الذهب اليوم السبت 16 أغسطس 2025 وعيار 21 الآن بالصاغة    بعد حريق محطة الحصايا.. إعادة تشغيل الكهرباء بكامل طاقتها بمركز إدفو    محافظ بورسعيد يناقش آليات الارتقاء بمنظومة الصرف الصحي ومياه الشرب    وزيرة البيئة: اتخاذ إجراءات تطويرية خاصة بمحمية وادي دجلة تعزيزًا لحمايتها    منذ بداية الحصاد.. 520 ألف طن قمح تدخل شون وصوامع المنيا    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره الجزائري    «حادث وادي الحراش».. إعلان الحداد الوطني وتنكيس الأعلام بعد مصرع 18 شخصًا في الجزائر (فيديو وصور)    نجم باريس سان جيرمان بين قطبي مانشستر    «شعرت بنفس الشعور».. سلوت يعلق على بكاء صلاح بسبب تأبين جوتا    «شرف ما بعده شرف».. مصطفى شوبير يحتفل بارتداء شارة قيادة الأهلي    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    ضبط 6003 قضايا بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    رابع سهرات مهرجان القلعة.. يحييها هشام عباس وكايرو كافيه الاثنين    والدة الفنان صبحي خليل أوصت بدفنها بجوار والدها في الغربية    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    وزير التعليم العالي يبحث مع نائب حاكم الشارقة سبل زيادة التبادل العلمي    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يوسّع دائرة اعتداءاته جنوب لبنان    انطلاق البطولة العربية الأولى للخماسي الحديث للمنتخبات والأندية تحت 15 عامًا    بدء اجتماع مجلس المحافظين.. وقانون الإيجار القديم الأبرز    انطلاقة قوية لفيلم "درويش".. 8 ملايين جنيه في أول 72 ساعة عرض    جريئة أمام البحر.. أحدث ظهور ل ياسمين صبري والجمهور يعلق (صور)    وكيل الصحة بسوهاج يحيل المتغيبين بوحدة جزيرة شندويل للتحقيق    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    حازم الجندى: بيان ال31 دولة عربية وإسلامية يمثل تحولا نوعيا في آليات المواجهة السياسية والدبلوماسية مع إسرائيل    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    بالتعاون بين الشركة المتحدة والأوقاف.. انطلاق أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية    تقليل الاغتراب 2025.. أماكن الحصول على الخدمة للمرحلتين الأولى والثانية    ماذا حدث في أوكرانيا خلال قمة ألاسكا بين بوتين وترامب؟    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    تشييع جثمان شاب لقي مصرعه غرقا داخل حمام سباحة ببني سويف    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    علماء يلتقطون أول صور ثلاثية الأبعاد لزرع جنين داخل الرحم    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    إنقاذ سائق وتباع بعد انقلاب سيارتهما أسفل كوبري أكتوبر| صور    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتفقد 5 مستشفيات بالمحافظة لمتابعة الخدمات    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    عملة ترامب الرقمية ترتفع بنحو 2.3% على إثر قمة بوتين- ترامب    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    وزير الدفاع الروسي: المزاج ممتاز عقب المفاوضات في ألاسكا    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصالحة الفلسطينية واقعٌ أم سراب
نشر في الواقع يوم 13 - 06 - 2012


بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
هل يجب على الفلسطينيين أن يصدقوا هذه المرة قادتهم والمتحدثين باسمهم، الجاثمين على صدورهم والرابضين في مواقعهم، والمتمسكين بمناصبهم، والخائفين على وظائفهم، والساعين لمصالحهم، ممن لا يهمهم الوطن، ولا يعنيهم الشعب، إذ لا يحسون بمعاناتهم، ولا يشعرون بألمهم، ولا يشكون مثلهم، ولا يصطفون طوابير كأهلهم، ولا تعتم بيوتهم وتتوقف أجهزتهم، ممن يتشدقون بالمصالحة، ويدعون التوافق، ويعلنون دوماً التوصل إلى نهاية سعيدة لأحزان الشعب المعنى والوطن المقطع الأوصال، دون أن يكون لديهم اليقين بتمام التوصل إلى اتفاق نهائي، يحل المشاكل ويتجاوز العقبات، ويكون في حقيقته اتفاقاً ناجزاً مختلفاً عما سبقه، ومغايراً عما اعتاد عليه المواطنون الفلسطينيون، وأنه واقعٌ لا سراب، وحقيقةٌ لا خيال.
ما الذي اختلف هذه المرة حتى يصدق الشعب ويؤمن الفلسطينيون بأن اليوم ليس كالأمس، وأن الحوار هذه المرة جديي وصادق، وأن نتيجة الجدل القائم، واللقاءات المتكررة، والزيارات المكوكية، ستكون مختلفة عن القاهرة بكل طبعاتها، ومختلفة عن مكة ودكار ودمشق والدوحة، فما الذي اختلف وما الذي استجد، ولماذا يلزم الشعب بأن يصدق ويبني آمالاً على هذه المرة، ويعتقد أن ما مضى لن يعود، وأن ما كان لن يتكرر، وأن الفشل لن يعرف طريقه من جديدٍ لهذا الاتفاق، لأنه مغايرٌ ومختلف ظرفاً وزماناً، رغم أنه متشابهٌ ومتكررٌ مكاناً، الحقيقة ألا شئ يشجعه على التصديق والإيمان بأن ما سيحمله يوم العشرين من الشهر الجاري سيكون بلسم الجراح، ونهاية الآلام، وخاتمة الأحزان، وأنه ستأتي حكومة توافقية، يتآلف أعضاؤها لخدمة الشعب، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار، والنهوض بشؤون البلاد، وسيتضامنون معاً إلى جانب القوى والأحزاب للخروج من الأزمة التي طال أمدها، واستعصت حلولها، وتفاقمت مفاعيلها، وسيلتفتون إلى المستقبل الخطر الذي يكشر فيه الإسرائيليون عن أنيابهم مصادرةً للأراضي، وتوسعةً للمستوطنات، واعتداءاً على المقدسات، واعتقالاً لمزيدٍ من المواطنين.
فهل ستنجح الحكومة التوافقية العتيدة فعلاً برئاسة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في تفعيل لجنة الانتخابات، والانتهاء من وضع القوائم الانتخابية، والتحضير لإجراء انتخاباتٍ تشريعية وأخرى للمجلس الوطني الفلسطيني، وستنتج صيغةً توافقية تجري على أساسها الانتخابات، في كل المحافظات الفلسطينية بما فيها مدينة القدس، بما يحقق العدالة في التوزيع، والشمولية في التمثيل.
وهل سيقوم أطراف الأزمة بتسهيل عقد دورة استثنائية للمجلس التشريعي الفلسطيني، ليساهم بدوره في تذليل العقبات وحل المشاكل، وتيسير عمل مختلف اللجان المشكلة إلى جانب الحكومة العتيدة، التي ستكون مهمتها "إخراج الزير من البير"، وتبييض كل صفحات الانقسام والاختلاف السابقة، إعادةً للحقوق، وإرضاءً للنفوس، وتمكيناً من العمل وإعادةً للموظفين، ومنحاً لرواتب المحرومين، وعودةً للهاربين والفارين، وإصداراً لجوازات الممنوعين والمعاقبين، وغيرها الكثير مما تحمله أجندة المواطن الفلسطيني البسيط.
هل ذابت المشاكل العالقة، وهل زالت العقبات المستعصية، أم يئس المفاوضون، وتعب المحاورون، وأصبح عليهم لزاماً أن يأخذوا قسطاً من الراحة، يستريحون فيه من عناء الضغط والمتابعة، ومن حرج السؤال والملاحقة، خاصةً أن الشعب الفلسطيني قد مل التأجيل، وعاف الفشل، ويئس من الحل، وبات يهدد بالثورة والخروج إلى الشوارع والميادين شأنه شأن أي شعبٍ عربيٍ آخر ثار وانتفض، وهو السباق في ميدان الثورة، والأول في مضمار الانتفاضة، والأقدر على التضحية والفداء، وليس أقدر منه شعبٌ على الصبر والثبات والتضحية والفداء، ولعله يعرف أهدافه، ويدرك مشاكله، ويعرف أين تكمن الصعاب، ومن الذي يضع العقبات ويحول دون الاتفاق تأخيراً أو إعاقة، ومن الذي يسعى بصدقٍ، ومن الذي يحاول تمرير الوقت واجتياز المراحل، ولن يرحم التاريخ رجالاً كانوا عنواناً للانقسام وعلامةً فارقة للاختلاف، في الوقت الذي كانت فيه كل الأهداف بينة، وكل وسائل الاتفاق معروفة، ولكن النأي كان لهدف، والالتفات كان لغاية، والتأجيل كان لانتظار غيبٍ قد يحدث ومعجزةٍ قد تقع.
أم أن هناك أطرافاً خارجية وتدخلاتٍ دولية، وتغييراتٍ إقليمية أملت على الأطراف أن يتفقوا، وأجبرتهم على أن يتصالحوا، وأنبأت الجميع بأن السنوات القليلة القادمة مسخرة للقضايا الداخلية، وحل الأزمات الوطنية، وإثبات نجاح الثورات، وتصحيح المسارات، ومحاسبة الفاسدين، واستعادة الحقوق والمهربات، والالتفات إلى هموم الشعب الملحة في رغيف الخبز واسطوانة الغاز والوقود وآفاق العمل ومحاربة البطالة وحل مشاكل العشوائيات وإيجاد مساكن كريمة وملائمة، وغيرها من الاستحقاقات الداخلية التي تصرف النظر عن كل قضية خارجية مهما عظمت، وتلفت الانتباه عن كل مسألةٍ أخرى مهما كانت أولويتها وضروريتها، فلا أولوية لغير القضايا الوطنية، ولا تقديم للعام على الخاص، ولا اهتمام بالخارج على حساب الداخل، ولا مكان للإيثار وتفضيل الغير على الذات، ولا مخاطرة بمستقبلٍ قد لا يجود الزمان بمثله، ولا تكرر الأيام شبيهه.
على المفاوضين أن يدركوا أن هذه هي فرصتهم الأخيرة، وأن عليهم أن يصدقوا ثورة الشعب وتهديده، وأن يدركوا أن الفرصة المتاحة أمامهم هذه المرة لن تتكرر، فلم يعد لدى الشعب المعنى أي فرصةٍ للصبر، ولن يقبل أن يكون محطاً للسخرية والتهكم، وأن يكون حقلاً للتجارب والأهواء، ومجالاً للمناورات والانقلابات، فهو وإن كان لسانه حاله يقول "كيف أصدقك وهذا أثر فأسك"، فإنه في الوقت نفسه قد أخرج سهمه من كنانته وبراه، ووضعه على القوس وشد وتره، محذراً أنه لن يقبل هذه المرة أن يكون محلاً للسخرية والتهكم، وأنه لن يقبل أن يعبث أحدٌ بمشاعره وأحاسيسه، وأن يخدعه ويضلله، فقد مل الاستعداد للاحتفالات، وفسدت عنده أدوات الزينة التي أعدها وجهزها أكثر من مرة للاحتفاء بالاتفاق، وبهتت الكلمات التي كان يتهيأ لتريديها، والأغاني الذي كان يستعد للتدريب عليها، فهذه الفرصة هي الأخيرة، وهذه المحاولة هي النهاية، فإما صلحاً يكيد الأعداء، أو خلافاً يكشف الحقائق ويفضح العابثين والمتآمرين، فمن كان صادقاً فليمض، ومن كان لاعباً مخادعاً فليحذر، فإن السهام التي انبرت، قد تغادر قوسها وتصيب كل من ظن أنه ناجٍ بألاعيبه، وفائزٌ بخداعه، وويلٌ لقائدٍ يغدر بشعبه ويكذب على أهله، ويسوقهم إلى الخراب ويوردهم بالخلاف موارد الهلاك.
[Share/Bookmark]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.