مجلس الأمن يصوت على قرار أمريكي بشأن غزة يوم الإثنين    رسميا، فوز العميد محمد البسيوني برئاسة نادي المنصورة وقائمته لدورة ثانية    اليوم.. نظر محاكمة 56 متهما بخلية التجمع    محاكمة خادمة بتهمة سرقة مخدومتها بالنزهة.. اليوم    أولى جلسات محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها في مصر القديمة.. اليوم    رفع أسعار كروت شحن المحمول| شعبة الاتصالات تكشف "حقيقة أم شائعة"    مواجهات مرتقبة ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026    تيسيرات كبيرة لتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل بمحافظة الغربية ضمن مبادرة حياة كريمة    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 15 نوفمبر 2025    84 دولار مكاسب الأوقية ببورصة الذهب العالمية خلال أسبوع    ضبط المتهم بصفع مهندس بالمعاش والتسبب في مصرعه بالهرم    مصطفى كامل يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    حورية فرغلي تشعل السوشيال ميديا وتكسر تريند جوجل بعد شائعة زواجها... والفنانة تحسم الجدل ببيان رسمي    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    اليابان تدرس حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة 17 تريليون ين بقيادة ساناي تاكايتشي    ترامب: سنجري اختبارات على أسلحة نووية مثل دول أخرى    ترامب: أشعر بالحزن لرؤية ما حدث في أوروبا بسبب الهجرة    فلسطين.. جيش الاحتلال يعتقل 3 فلسطينيين من مخيم عسكر القديم    انفراد ل«آخرساعة» من قلب وادي السيليكون بأمريكا.. قناع ذكي يتحكم في أحلامك!    مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة حلوان حول دور الرياضة في تعزيز الأمن القومي المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    عضو جمهوري: الإغلاق الحكومي يُعد الأطول في تاريخ الولايات المتحدة    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    تفاصيل مشروعات السكنية والخدمية بحدائق أكتوبر    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    ترامب يعلن نيته اتخاذ إجراء قضائي ضد "بي بي سي" ويعلق على الرسوم الجمركية    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    طقس غير مستقر وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف توقعات السبت 15 نوفمبر 2025    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    سيارة طائشة تدهس 3 طلاب أعلى طريق المقطم    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    عصام صفي الدين: السلوكيات السلبية بالمتاحف نتاج عقود من غياب التربية المتحفية    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشريح نتائج الجولة الانتخابية الأولى في مصر
نشر في الواقع يوم 30 - 05 - 2012


بقلم علي بدوان
حفلت النتائج النهائية للجولة الانتخابية الأولى من الانتخابات الرئاسية في مصر بدروس صارخة، وبمفاجآت أذهلت المتابعين والمراقبين، كما قلبت رأساً على عقب مؤشرات واستطلاعات الرأي في جوانب هامة منها. فما هي أبرز استخلاصات الجولة الانتخابية الأولى التي استمرت ليومين متتاليين بين 23 24 مايو 2012، وماهي التقديرات للجولة الثانية والمتوقعة في الثلث الأول من يونيو القادم ...
نسبية مشاركة الناس
في البداية، لابد من القول بأن حجم المشاركة العامة للناس في الانتخابات لم يرتق الى مستوى الحدث في انتخابات ديمقراطية وفي اطار تجربة حقيقية هي الثانية في مصر منذ عقود طويلة. فنسبة المشاركة من الكتلة الانتخابية لمن يحق له الانتخاب لم تتجاوز نسبة ال «50%» من ال«50» مليوناً الذين يحق لهم التصويت، وهي نسبة متواضعة بكل الحالات، كان يتوقع لها أن تزيد على (75%) في بلد خرج لتوه من انتفاضة وثورة حقيقية قادها عامة الناس ومثقفوهم وشبابهم في الشارع ضد نظام أَفقر مصر، وأذلها وأخرجها من دائرة الفعل والتأثير طوال أكثر من ثلاثة عقود ونيف من الزمن.
لقد انعكست نسبة مشاركة الناس وعامة الجمهور على النتائج النهائية، ومكَنت بالفعل مرشح النظام السابق الفريق أحمد شفيق من حصد نتائج عالية بالقياس لما كان يتوقع له أن يجنيه في انتخابات بدت وكأنها ستسير على سكة ملاحقة ما اصطلح على تسميتهم بالفلول، وهم انصار ومرشحو النظام السابق، خصوصاً وان الفريق أحمد شفيق هو من ذات القماشة والطينة التي كانت ملتفة حول الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وعليه، يمكن القول بأن أبرز الاستخلاصات والنتائج وحتى المفاجآت تلخصت بالتالي:
أولاً: نجاح ما اصطلح على تسميتهم بالفلول في تحقيق حضور مؤثر لهم، عبر حصول المرشح الفريق أحمد شفيق على نسب عالية من الأصوات قاربت (24%) من أصوات الكتلة الانتخابية التي ادلت بصوتها الانتخابي، وهو رقم مرتفع بكل المقاييس ولا يعكس حقيقية المزاج العام في مصر وهو المزاج المناهض لنظام حسني مبارك ولكل حاشيته وطاقمه السابق. كما خالفت تلك النسبة التوقعات والتقديرات التي تنبأت بشيء آخر قبيل انطلاق العملية الانتخابية، فالتقديرات كانت تقول بأن حظوظ أحمد شفيق ستأتي بالتتالي بعد المرشحين الاسلاميين وبعد المرشح القومي الناصري حمدين صباحي وبعد المرشح عمرو موسى. وتقدر بعض المصادر العليمة بأن جزءاً هاماً وهو الأكبر من الكتلة الانتخابية القبطية صوَتت لأحمد شفيق، وبعضها صوَّت لعمرو موسى، وبعضها القليل صوَّت للمرشح القومي حمدين صباحي. فقد لعب الفريق أحمد شفيق على وتر حساس للحصول على الأصوات القبطية بطريقة استخدامية بإعلانه في دعايته الانتخابية نيته عن تعيين نائب قبطي له حال نجاحه، واعلانه عن نيته ايضاً بتعيين امرأة لتكون نائبة، لذلك تصح الصرخة التي أطلقها أحد المصريين «أفيقوا ايها المصريين، أفيقوا أيها الأقباط لأن هناك من يستخدمكم».
ثانياً: ان النتائج التي أفضت اليها الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وحصول الفريق أحمد شفيق على نسبة من الأصوات خالفت التقديرات والتوقعات، تؤكد وبشكل قاطع أن نظام حسني مبارك وهياكله السياسية مازالت موجودة ومتغلغلة وبقوة لابأس بها في عموم مفاصل المجتمع المصري وأجهزة الدولة ومختلف وزاراتها ومؤسساتها، خصوصاً عند كبار الموظفين والبرجوازية المحلية ومجموعات الكومبرادرو المصرية المرتبطة تجارياً واقتصادياً مع الخارج (مجموعة سماسرة الاقتصاد)، والأرستقراطية العامة في المجتمع المصري التي لا تريد تغييراً حقيقياً في وجهة مصر السياسية والاجتماعية، وتريد بقاء الحالة على ما هي عليه في ظل الامتيازات الطبقية التي حازت عليها طوال أكثر من ثلاثة عقود ونيف مضت. فهي تحن للقديم ولاتريد للجديد أن يطل برأسه، كما تريد في الوقت نفسه المحافظة على مكاسبها وامتيازاتها التي حصلت عليها بطريقة غير شرعية أصلاً، وهي المكاسب التي جعلت (القلة القليلة) من الشعب المصري تستحوذ على ثروات البلاد، وهي تتربع في مصاف البرجوازية والأرستقراطية، وباقي الشعب في القاع الاجتماعي والاقتصادي الطبقي. وعليه، ان تلك التشكيلة الطبقية ذات المصالح المباشرة لعبت دوراً هاماً في تحشيد الأصوات وصبها لصالح المرشح الفريق أحمد شفيق، وهو أمر يجب ان يلحظ بإمعان وتمحص من قبل الاخوة الاسلاميين ومن قبل القوميين واليساريين عموماً.
ثالثاً: صعود المرشح القومي اليساري حمدين صباحي، حتى وان تبوأ المقعد الثالث، فقد استطاع بالفعل أن يجني ثمار موقفه القومي والرائد في الشارع، بحصوله على نسبة جيدة من الأصوات قاربت نحو (21%) من نسبة أصوات المقترعين، خصوصاً وأن المرشح حمدين صباحي بعيداً كل البعد عن المال السياسي، وبعيداً عن ضخ الامكانيات الهائلة التي تمكنه من توفير حملة دعاوية انتخابية مميزة له، فهو ينتمي لحزب قومي، محدود الامكانيات، وحتى محدود التواجد التنظيمي، كما أن الماكينة الاعلامية له كانت محدودة القدرة. لكن برنامجه الانتخابي كان بالفعل برنامجاً استقطابياً لعامة الناس، لامس همومهم وقضاياهم المباشرة، كما كان برنامجاً وطنياً وقومياً وعروبياً بامتياز، ويكفيه قوله لأكثر من مرة وبشكل واضح وصريح بأن وصوله الى موقع الرئاسة في مصر سيدفع به نحو السعي لالغاء معاهدة كامب ديفيد التي ذلت مصر وأخرجتها من المعادلة. وفي هذا السياق، لو قدر لليساريين المصريين ولأصحاب الخط الوطني والقومي أن يتفقوا على مرشح واحد لاستطاعوا بالفعل أن يجنوا نسبة جيدة من الأصوات، فحصول المرشح حمدين صباحي على تلك النسبة يؤكد بأن الوطنيين من القوميين واليساريين المصريين مازال لهم حضور فاعل وسط الناس في الشارع المصري حتى لو كانوا دون تأطير أو تنظيم حزبي. وعليه، فان حالة التشرذم والتفكك التي تعتري صفوف التيار القومي واليساري، لم تساعده على تحقيق نتائج افضل من النتائج التي حصدها المرشح الوطني والقومي العروبي حمدين صباحي.
رابعاً: تشتت أصوات المرشحين الاسلاميين محمد مرسي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وهو أمر كان متوقعاً جداً في ظل وجود هذين المُرشحين، وطالما تم التحذير منه، حيث تمنى الحريصون على استكمال الثورة المصرية لمشوارها في التغيير ضرورة الاتفاق على مرشح اسلامي واحد. فوجود مُرشحين اسلاميين، يحظيان بدرجة جيدة من القبول والحضور والاحترام والتأثير في الشارع المصري، جعل من الكتلة الناخبة لهما تنقسم موزعةً أصواتها بين هذين المُرشحين. فالتشتت في أصوات الاسلاميين أضعف كلا المُرشحين الاسلاميين، وقارب من نسبة تحصيلهما الانتخابي مع ما أحرزه مرشح ما اصطلح على تسميته بمرشح الفلول الفريق أحمد شفيق. عدا عن ذلك، فان وجود مرشحين اسلاميين دفع ببعض الناخبين للهروب الى مرشح أخر كنوع من التذمر على وجود الانقسام بين الاسلاميين، فقد كان من الأجدى والأفضل والأنفع أن يكون هناك مرشح اسلامي واحد، في ظل انتخابات كان مقدراً لها أن تكون مرتفعة السخونة، ومفصلية في حياة مصر وشعبها.
ومع انتظار الجولة الثانية
الى ذلك، يتوقع أن تكون الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في الثلث الأول من حزيران/يونيو القادم، والمتوقعة بين المرشح محمد مرسي والمرشح الفريق أحمد شفيق ساخنة سخونة عالية أيضاً، فالعوامل الدافعة باتجاه ترجيح كفة المرشح أحمد شفيق مازالت موجودة، وتتمثل اساساً بدور مفاصل وأجهزة الدولة وحتى المجلس العسكري الحاكم الذي لايخفي تعاطفه مع المرشح أحمد شفيق سليل المؤسسة العسكرية الحاكمة حتى اللحظة في مصر، وهي جهة لاتريد أيضاً نجاح المرشح الاسلامي محمد مرسي وهي مسنودة بمزاج خارجي قائم على الرغبة التي تبديها الولايات المتحدة والغرب عموماً اضافة للدولة العبرية الصهيونية التي ترى بوصول مرشح اسلامي لموقع الرئاسة في بلد عربي كبير أمرا خطيرا يمس تقرير مستقبل ومصائر المنطقة.
وعليه، ان على الاسلاميين اعادة توحيد جهودهم هذه المرة، وصب الأصوات باتجاه المرشح الواحد محمد مرسي، وتشجيع الناس للخروج الى ممارسة حقهم الانتخابي بطريقة حرة ونزيهة، وفي الوقت نفسه تقديم المزيد من الطمأنينة للشارع المصري ولبعض المتذمرين المتأثرين بالدعاية الخارجية وحتى المحلية ممن يخشون احتكار الاسلاميين للمؤسسات الحاكمة، وحتى يشعر الأقباط والليبراليون العلمانيون بأنهم شركاء في الوطن ولاخوف على حرياتهم.
ان خطوات جيدة في هذا الاطار بدت مبشرة مع تعالي الأصوات المنادية بإنقاذ الثورة المصرية، ومنع حدوث انقلاب دراماتيكي يعيد النظام السابق بطربوش جديد اسمه الفريق احمد شفيق. وعلى هذا الأساس فان اعادة بناء اصطفاف جديد من محمد مرسي وعبد المنعم ابو الفتوح وحمدين صباحي وجمهورهما الانتخابي، ينقذ الثورة المصرية ويقطع الطريق على عملية اعادة انتاج النظام السابق، ويمكن من صعود المرشح محمد مرسي في مواجهة مرشح المجلس العسكري الفريق أحمد شفيق.
إن المرشح محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لحركة الاخوان المسلمين، سيخوض جولة الاعادة الشهر المقبل امام احمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية عارمة العام الماضي، في جولة ساخنة قد تحمل معها اضطرابات في الشوارع، فقد بات المصريون في الجولة التالية من انتخابات الرئاسة أمام اختيار حاسم بين «الثورة والثورة المضادة» في جولة هي بحد ذاتها استفتاء على الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.