للواقع : سحر عمرو أطلق الأزهر الشريف مبادرة جديدة تحت رعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لإعداد مقترحات استرشادية تتضمن معايير ملائمة لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، لتقديمها للهيئة البرلمانية المنتخبة لمجلسى الشعب والشورى للاسترشاد بها عند إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية بما يضمن تمثيل مختلف فئات الشعب وتحقيق أقصى درجة من الإفادة من الكفاءات الوطنية، واحترام النصوص الدستورية. وجاءت مبادرة الأزهر في ختام سلسلة من اللقاءات مع رموز الأحزاب القوى السياسية والتيارات الفكرية والإسلامية التي جرت بمشيخة الأزهر خلال الأسبوع الماضي والتي اختتمت أمس بلقاء هو الأول من نوعه بمشيخة الأزهر، بين الطيب وقيادات الدعوة السلفية. وقال الأزهر في بيان صدر اليوم إن اللحظة الراهنة فارقة في مسار العمل الوطني، وتتطلب أعلى درجة من التوافق لمواجهة التحديات المطروحة، مما يقتضى تنازل جميع الفرقاء عن جانب كبير من تحيزاتهم ومصالحهم ورؤاهم، حتى يلتقوا في منتصف الطريق، وينجحوا جميعًا في تحقيق أهداف الثورة النبيلة، في العيش المشترك والعدل الاجتماعي والحرية والكرامة، ويتمكنوا من صناعة مستقبلهم على أساس متين دون إحباط أو إخفاق. وأكد شيخ الأزهر أن التوافق المنشود يتطلب الاحتكام لما استقر في الأعراف الدستورية في التجربة الحضارية المصرية والبناء عليه دون نكوص أو تراجع لاجتياز هذه المرحلة بسلام، والنجاح في إقامة مؤسسات الدولة كلها واستكمال بنائها، وتحقيق أهداف الثورة مطالبا كافة القوى والتيارات والأحزاب بالتجاوب مع هذه المبادرة. وأوضح البيان أن تلك المبادرة تأتي استجابة لتطلعات المصريين في هذه المرحلة الدقيقة، ومناشدتهم الأزهر الشريف لمواصلة سعيه الحثيث نحو التوافق الوطني، والوصول إلى كلمة سواء في الشأن العام، تلتقي حولها القلوب، وتطمئن إليها العقول. وكشف البيان أن تلك المبادرة جاءت تتويجا لاجتماعات ولقاءات متواصلة بمشيخة الأزهر بين نخبة من كبار علماء الأزهر وبعض المثقفين المشاركين لهم، تم خلالها تدارس الموقف الراهن من كل جوانبه، وما تمليه الضرورة من احتكام جميع الفرقاء للعقل، وتغليب الصالح العام، واستلهام منطق الوسطية والتسامح والمحبة في تراثهم الديني وثقافتهم الحضارية، وتقاليد العيش المشترك الودود فيما بينهم، وإعمالاً لما أنجزه الأزهر والمثقفون من وثائق استرشادية، ارتضاها الجميع ووجدوا فيها بغيتهم، وظفرت باحترام وتقدير القاصي والداني، استجابة لذلك كله اتفق المجتمعون على مناشدة المسؤولين وعقلاء الأمة بضرورة التأكيد العملي على سيادة الحق والقانون، وخضوع المواطنين كافة لأحكامه، والامتثال لأوامره ونواهيه، باعتبارها مناط الاستقرار، ودعامة الحل للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعدم التهاون في تطبيقه على الجميع، حفاظًا على هيبة الدولة، وإقرار العدل، وتعزيز التكافؤ وحق المواطنة وضمانًا لتقدم المجتمع نحو التحقيق الأمثل للتحول للديمقراطية المنضبطة بسيادة القانون . كما طالب البيان بالاحتكام في هذا المسار القانوني للقضاء المصري الرصين ذي التاريخ المشرف العريق، في كل القضايا والتقلبات، مع الحرص الكامل على مراعاة استقلال القضاء ونزاهته، والحفاظ على هيبته، وتجنب ما يؤدى إلى زعزعة الثقة به، أو النيل من مكانته، تأكيدًا لدوره التاريخي في بناء الدولة المصرية الحديثة، وصيانة مؤسساتها، وتطبيق منظومات القوانين العادلة فيها على الحكام والمحكومين معا؛ الأمر الذي يوجب على جميع السلطات توفير مناخ الأمن والطمأنينة للقضاء، لكي يباشر مهامه دون ضغط من مسئول أو ترويع من الجماهير، لكي تتم ممارسة جميع درجات التقاضي الضامنة للعدل بسلاسة وسرعة، وتصبح عنوانا للحقيقية كما هو الشأن فيها دائما. وطالب البيان بضرورة الحفاظ في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، في إطار التكامل الحقيقي والتوازن التام بينها، دون السماح بأن تطغى سلطة على أخرى أو تتدخل في شئونها، حتى لا ينتشر الفساد والطغيان ويختل ميزان العدل