يواصل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمدالطيب شيخ الأزهر الشريف عقب انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك لقاءاته مع المثقفين والمفكرين والمختصين من مختلف الانتماءات للاتفاق علي اقتراح وسائل تنفيذية لتفعيل وثيقة الأزهر بعد أن أقرها المجلس الأعلي للقوات المسلحة واتفقت عليها كل القوي السياسية والحزبية كإطار استرشادي للمرحلة المقبلة بما يساهم في تعزيز الاستقرار بالمجتمع والانطلاق إلي أفق واسعة جديدة لصياغة مستقبل مصر وفق متطلبات تلك المرحلة. ومن المقرر أن تتركز تلك اللقاءات علي ملفي الثقافة والتعليم لوضع مقترحات لتطوير هذين الملفين لأهميتهما خلال المرحلة المقبلة واقتراح رؤي المثقفين والمفكرين والمتخصصين للنهوض بالبرامج الثقافية والتعليمية بما يتفق ومتطلبات المرحلة المقبلة ووفق ما اقترحته وثيقة الأزهر التي شددت علي ضرورة اعتبار التعليم والبحث العلمي ودخول عصر المعرفة قاطرة التقدم الحضاري في مصر، والعمل علي تكريس كل الجهود لتدارك ما فات في هذه المجالات وحشد طاقة المجتمع كله لمحو الأمية واستثمار الثروة البشرية، للمساهمة في المشروعات القومية والاستثمارية. كما تتركز لقاءات الإمام الأكبر مع المثقفين لتطوير الرؤي الثقافية للمرحلة المقبلة في إطار الحرص التام علي صيانة حرية التعبير والإبداع الفني والأدبي ووفق منظومة قيمنا الحضارية الثابتة وهي الأطر التي ركزت عليها وثيقة الأزهر ولاقت استحسانا وقبولا كبيرين من كل المثقفين والكتاب وقادة الرأي الذين شاركوا في لقاءات شيخ الأزهر السابقة والذين أشادوا بتوجه الإمام الأكبر شيخ الأزهر ورؤاه المتجددة بعدم حظر أي منتج ثقافي أو إعاقة أي فكر إبداعي طالما التزم بقيم المجتمع وشريعته بما وفر أرضية مشتركة طيبة بين الأزهر والمثقفين لصياغة رؤي جديدة لمرحلة ما بعد ثورة 25 يناير. وأوضحت مصادر مطلعة بمشيخة الأزهر أن التوافق الكبير بين الأزهر ومختلف ممثلي القوي السياسية والفكرية والحزبية وشباب ثورة 25 يناير والذين شاركوا في الاجتماع الذي دعا إليه الإمام الأكبر بالمشيخة قبل نحو أسبوعين وفي أجواء شهر رمضان المبارك حول وثيقة الأزهر سيساهم في البناء علي ما تحقق من ذلك التوافق بما يدعم الاستقرار في المجتمع والتفاف كل القوي علي ما اقترحته الوثيقة خاصة فيما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة وتأكيدها علي دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة. وأشارت إلي اهتمام الوثيقة بأن تعتمد تلك الدولة الوطنية علي دستور ترتضيه الأمة يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها وكذلك وفي نفس الوقت اعتبار المباديء الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وهو ما لاقي استحسانا من ممثلي التيارات الإسلامية بكل توجهاتها مع عدم إغفال ضمان احتكام اتباع الديانات السماوية الآخري لشرائعهم في قضايا الأحوال الشخصية. ونبهت المصادر إلي أن تأكيد الإمام الأكبر خلال لقاءاته مع ممثلي مختلف التيارات والقوي والمثقفين بأن الأزهر لا يرغب العمل السياسي أو الحزبي ولا يسعي إليه كما لا يفرض علي أي أحد رؤاه ولا يركن إلي حزب أو تيار دون غيره بل يقف الأزهر بحيادية ووطنية في علاقاته مع الجميع دون تأييد أحد أو رفض آخر ساهم في تهيئة أجواء الحوار مع الكل وفاعلية التوصل لتوافق حول مضمون الوثيقة. وشددت المصادر علي أن قيام الأزهر بهذه الرسالة في تلك المرحلة إنما ينبع من دوره الوطني والتاريخي والحضاري علي مر الزمن واعتمادا علي خبراته المتراكمة وتاريخه العلمي والثقافي الذي ارتكز علي الأبعاد الفقهية في إحياء علوم الدين وتجديدها طبقا لمذهب أهل السنة والجماعة وقيادة الحركة الوطنية نحو الحرية والاستقلال ، وسعيه لإحياء مختلف العلوم. يذكر أن وثيقة الأزهر التي أطلقها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب باتفاق مع نخبة من المثقفين والمفكرين والمعنيين اهتمت بكل الجوانب ومنها تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية ومواجهة الاستبداد ومكافحة الفساد والقضاء علي البطالة، وتفجير طاقات المجتمع وإبداعاته في الجوانب الاقتصادية، والبرامج الاجتماعية والثقافية والإعلامية والاهتمام بالرعاية الصحية الحقيقية مع ضرورة بناء علاقات مصر بأشقائها العرب ومحيطها الإسلامي ودائرتها الأفريقية والعالمية.