هلْ العاشقُ حين يعشقُ يُمكن أن يُحاسب؟! مَن يحاسبُ العشاقَ على عِشقهم؟ّ! هل هناكَ إنساناً عاشقاً سوياً؟! هل يغفرُ اللهُ للعشاقِ؟! أليس العشاقُ قوماً يعيشون خارجَ نطاقِ الزمانِ والمكان؟! صرخَ ذات يوم : أين النّاس من أسئلتى؟ حينَ ذهب لينامَ ذاتَ ليلةٍ.. نامَ بين جفونها ككلّ ليْلة.. نظرَ فى الظلام فرآها.. أرادَ أن يناديهَا بِاسمِهَا..لم يستطعْ خوفاً أن تسمعه القلوب المتربصه به.. تحركَ الألم فصرخ من معدته تباً للعشق.. أرادَ أن يصرخَ بصوتٍ عالٍ .. تعالى قرّر أن يخرجَ من شقتهِ بالبيجامةِ فى الرابعةِ صباحاً ..يدْفعَهُ إلى الجنونِ جنونا مجهولَ الهوية.. لكنه تراجع ..لا يعلم لماذ قرر.. ولماذا تراجع.. مسجلَ خطرٍ هوفى دنيا الغرام .. لم يكنْ يريدُ أن يذهبَ إليها ليراها ولكن.. فقط..فقط لينامَ على بابِ مكانها حتّى الصباح.. أجنونٌ هو؟! .. يتساوى فيه الجهلاء مع العقلاء.. الإغنياء والفقراء .. الصالحون والطالحون..ربما لا تقل لا ..حتى لا أتوجهُ إلى الله بالدعاءِ أنْ يجعلكَ عاشقاً قال لها : كونى لى فى الحياةِ بروحك ..بقلبك وحبك ..كونى أنتِ.. أسألك أن تكونى العمر رغمَ أن عمرى معكِ أياماً قالت : أبداً هذا مستحيل قال : لكنها الحقيقة .. يوم أن ضاع من رئتيك الهواءُ فشكوتِ الاختناقَ وليس ذلك ببعيد حين رأيتك لأول مرة قلتُ : ماهذه العظمة؟! وهذا البهاءُ ..وهذا الجمالُ الآخاذ ..سلبتى العقل.. فذهب إلى حيث لا أدرى .. يوْمها خجلتُ مِن وقوفى أمامكِ .. قلتُ لنفسى مكانى ليس هنا بل على باب القصر بعيداً بعيداً .. مع الخدمِ والحراسِ ..فهربتُ داخلى وهربت عيونى فى كل مكان قالت : حاولتْ أن أبحثَ عنهما لأسافرَ إلى الحلم البهى فيهما فلم أفلح لقد خجلتُ مِنكِ حبيبتى؟ قالت :أمعنى الخجل الكسوف؟ ثم استطردت قائلةً فى دلالٍ مُداعبةً : أأنت الشمسُ التى تتكسف؟! .. يومها جلستَ على مسافةٍِ قريبةٍ منّى لكنكَ كنتْ بعيداً بعيداً.. فلمْ أستطعْ الوصولَ إليك.. كنتْ أودُ أن أغادرَ المكان.. لكنك لم تفعلى .. لا أدرى لماذا لمْ أفعل..شيئ ما الصقنى بالمقعِد وشلّ تفكيرى عمن حولى إلا أنتَ ..من أنتَ لأفكر فيكَ ولم أرك فى العمر كله إلا دقائقاً ؟ أسف لهذا التصرف الغبى ..فقط خفتُ عليكِ؟ ضاحكة : أسفكَ مرفوضاً سألتُها :أأنتِ السحر؟! تجاهلتْ سؤالى وقالتْ : أنتَ قاسٍ على ّ جداً منذ اللحظةِ الأولى وأنا أخافُ عليكِ ..أتلومنى على ذلك؟ قالت : حنيتك وخوفك علي هما القسوة لكنى أعشقكَ وأتجولُ بين شراينكَ وأسبحُ فى دمك .. فى محاولة منى لمعرفتكَ أكثر ولا أعرف لذلك سبباً حتّى الأن هذا الكلام الجميل فيه العذاب.. وماذا أفعلْ وأنتَ الواضحُ حدّ الغموض.. صرخ : غموضا ..اللهُ لهؤلاء العشاق .. لايبصرون فى وضح الشمس ..وتضيع منهم البصيرة على مدار اليوم معكَ أنتَ أحاول أن أجدَ الطريق قاتلةً روحى ليحيا الجسد بل ابعثى الروح وانسى الجسد وكونى بخير ..قالها وأحشائه تتمزق أعتذرُ لكَ أن ضيعتْ وقتك معى نزلتْ دمعةً من عينيهِ لم ترها سألها : ألسنا أصدقاء؟! لا أعلمْ أشكُركِ عندما رأيتكَ المرةَ الأخيرة .. اعتقدتْ أننا لن نستطيعَ البعادَ لحظةً .. لكتك منذ هذا اليوم وأنت تستبيحُ روّحي .. وتزيدُ في البعد هنا نزلتْ دمعة أخرى راح يقول .. فلنجعلْ من الغيابِ حضوراً كيف؟ والحضورُ أصبح غياباً مستمراً بل ومقصوداً أيضاً رسائلى لم تنقطعْ لحظةً حبيتى وتشهدين على ذلك ربما كنت أطمع في المزيد ..لا أعرف .. ربما كنتْ ظالمة .. ربما كنتْ عاشقة ..لا أعرف ..لا أعرف ..سكتتْ برهةً ثم استطردت أنا لمْ أنمْ . قلت : ولا أنا .. فهونى على نفسكِ الأمر سقطتْ دمعة فى القلب ثقيلة ثقلَ الأيامِ الحزينةِ قالتْ فى هدوء يشوبه الحذر: أتقبلني عاشقة؟ قلتُ متمزقاً : رّوحُ عاشقةِ ليس من حقهِ الجسد أنا لا أطلبُ اكترَ من روحكِ هى معكِ منذ اللحظة الأولى.. أجدّها حين أتلكم معكِ فقط فلما الاختلاف اذن لا اختلاف هناك لقد قلتُ لك أريدكِ بالحياة وفى هذا الكثير والكثير قلتْ لكَ أحبكَ فكرهتها منى خِفتُ عليكِ مِن الحياة والحياة غادرةً أنتَ الحياة لكنى لست غادراً .. صدقينى أنا ضائعاً بين ما ولى من العمر وما بقى وأنا لقيتكَ وابقيتك بين النبضِ والروح أريدكِ بجانبى أماناً يوازن عندى الضياع وهل وجودي بجانبكَ لايعني الامان؟ هو الأمانُ نفسهُ شعرتكَ جداً فى همسِ لم تسمعه ردّد ..أحببتكِ جداً.. ألماً أنا ينام تحتَ الجلد.. قلماً يحلقُ فوقَ الحروفِ.. عشقا ينامُ تحتَ الجفون.. دمعاً أبكيه فألملمهُ بعباءةِ خوف.. لفظتنى المنايا .. فأحيا على بقايا الذكريات .. والذكريات بقايا جسدى الضعيف النحيل .. قد أكون وردةً تحملُ عبقّ الحبّ. أو كلمةً فيها كل اللغات.. أو حرفاً فيه كل القاموس .. أو دمعةً فيها كل البكاء.. أو كلّ الصفاءِ والنقاء.. أيها المارون من هنا.. أيها العابرون من هذا المكان .. امشوا الهوينا فأنكم تسيرون فوقَ قلبٍ مُعذبٍ.. لن يبقى أحدكم هنا طويلا.. فكونوا أنا .. أو خذونى معكمْ .. أيها الزمانُ .. متّى تكونَ صديقاً جميلاً وتتركها لى .. بقلبها المعطر المغسول بماء المطر.. المُعمد بعطر النقاء والطهر..أحبها أكثر ..وأشتاقُ إليها أكثر.. وأسافرُ فيها أكثر .. وأعشقُ بها الحياة التى لم تعطنى الفرصة لأعشقها من قبل .. لتبقى إن مضيتْ..ولتبقى إن ذهبتْ كلّ الذكريات .. لبقايا الجسدِ الضعيفِ النحيلِ ..فلا تكن أيها الزمان قاسياً ومد يداً.. انتشلنى من البئر المخيف..لأبقى لها فقط تساقط الدمعُ تصحبهُ نوازع كأنه منطقةَ اعصارٍ............ نظرَ فى عينيها التى أطلقت دموعها شلالاً لم يتوقف .. قال أرجوكِ وجسده يرتعش .. إن اقتربتُ منكِ قتلتُكِ.. وإن ابتعدتُ عنكِ قُتلتُ .. فهاتى عينيكِ .. قد قررتُ أن أموتَ عندكِ . فاجعلى من عينيكِ قبراً لى .. فى دهشةٍ حملقتْ ..تساقطَ دمعُها بغزارةٍ.. من دهشتها اتسعت عيناها.. وجدهَا فرصة .. قفز فيهما ...راح هناك ..فى مكان عليه لوحةٌ رخامية منقوشاً عليها اسمه ، و هنا يرقدُ المجنون...