بقلم رمضان الحلواني القضاء عند الأمم رمز لسيادتها واستقلالها..وعنوان تآلفها ووحدتها .. والأمة التي لا قضاء فيها لا حق ولا عدل فيها وهي بذلكأشبه ما تكون بمجتمع الغابة أو أضل سبيلا .. فرسوخ القضاء في أمة من الأمم دليل علىثباتها واستقرارها ودليل على تطور العقل فيها ودرجة مستوى التفكير التي وصلت إليها.. والقضاء والعدل هما المعيار الدقيق والحاسم للحكم على الحكام والقادة والمسؤولينمن حيث صلاحهم أو فسادهم .. فبالقضاء والعدل يكون أساس الملك وبهما تصلح الرعيةوتسمع وتطيع عن طواعية واختيار لا عن قهر وإجبار .. ولا يقتصرتأثير العدل على القضاة والمتقاضين وإنما يمتد إلى الناس جميعا.. الإحساس بالعدالةهو الذى يطلق طاقات الإنسان ويحثه على الاجتهاد ويجعله يحلم بالمستقبل وهو واثق منتحقيق هدفه .. العدل معناه وجود مجموعة من القيم الإنسانية المتفق عليها تنعكسكلها فى قانون يتساوى أمامه الناس جميعا.. ولكي يصدر القاضي حكمه في أي منازعه قضائيه يرتكز علي ركيزتينأساسيتين .. الركيزة الاولى هى القانون ومواده ونصوصه وهي مرتكز ثابت لايتغير ..والثانية هى ضمير القاضي والذي يرتكز ويركن اليه حال اصدار حكمه والذي يطابقويتوافق مع نصوص وروح القانون والوقائع والمستندات المعروضه امامه .. وعندمانتحدث عن الضمير فالكلام هنا إما قاضي عنده ضمير أو قاضي ليس عنده ضمير والقاضيالذي بدون ضمير كالذي يصدر الاحكام عندما تاتيه أوامر من السلطات العليا وهو يعلمانه يصدر احكام خاطئة .. من هنا .. ومن هذا المبدأ ننظر ونفكر ونتمعن فى حيثياتحكم النقض برفض طعن أيمن نور فى تزوير توكيلات حزب الغد .. حيث قالت المحكمة أنهرغم ظهور أدلة جديدة تبرئ نور فى التهم الموجهة إليه بتزوير التوكيلات .. إلا أنالمادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوىالجنائية بعد الحكم فيها نهائيا .. بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أوبناء على تغيير الوصف القانونى للجريمة .. فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان الحقيقة بلأقوى من الحقيقة نفسها .. مما لا يصح النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة .. كما لايجوز أن تكون محلا للمساومة بين الأفراد والقول مما يكون ذلك مضيعة لوقت القضاءوهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه معلقا بمشيئة المحكموم عليهم .. كلما حلا لهم تحديدالنزاع وإعادة طرحه على القضاء ..بالله عليكم كيف أن المحكمة تبرئ ايمن نور من التهم المنسوبة اليه وتقوم فى نفسالوقت بالحكم بأدانته برفض الطعن معللة بالمادة 455 من قانون الاجراءات الجنائية.. فطالما الوضع كذلك كيف قامت المحكمة بقبول الالتماس فى اعادة النظر .. وهليعقل أن تقر المحكمة بالبراءة .. ثم تعود وتتحدث عن نص الماده 455 المغايرة للمادةالخاصة بإعادة النظر وهى المادة 441 من الباب الرابع .. باب فى إعاده النظر ..وتستند للمادة الواردة فى الباب الخامس .. قوة الأحكام النهائية .. ثم أن المادة التى قام عليهاالالتماس وقبلته المحكمة شكلاً .. وقبلها وافقت عليه لجنة من محكمة الإستئنافوالنقض ..وقبلهما النائب العام هى الماده رقم 441 الفقرة الخامسة التى تقول .. يجوزطلب إعادة النظر فى الأحكام النهائية إذا حدث أو ظهر بعد الحكم وقائع أو قُدمتأوراق وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق براءة المحكوم عليه .. تلك هى المادة المسند إليهاتقديم الالتماس وعلى أثرها أحال النائب العام بناءً على الظروف التى طرأت علىالقضية إلى لجنة سباعية من محكمة النقض والاستئناف وبناءا عليه وافقت اللجنة شكلاًومضموناً.. عموما ليس هناك حاجة في رأيي للدخول في مماحكات سفسطائية حول تحديد تعريفمانع جامع للحيثيات ومنطوق الحكم لأن السر الحقيقي وراء القضيةبرمتها منذ بدايتها يعلمها الجميع وهي رغبة النظام في إبعاد نور عن السياسة ويستكمل المجلس العسكري المهمة بشكل مذهل حيث لم يتخيل عاقل أن يكون هناك قاضييعترف بالبراءة ويحكم بالادانة. يا ساده .. القضاء في كل بلد هو أساسالملك وأهم ركائز الدول .. وعلامة صلاح الأمم وتطور المجتمعات ورمز رقيها عبر العصور .. وكتب الله أن يعز الدولةالعادلة ولو كانت كافرة وأن يذل الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة .