بقلم محمد غالية دائما حينما يذكر الدعاة والعلماء فى خطبهم ومحاضراتهم إنجازات المسلمين تراها منحصرة فى أفعال أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وباقى الصحابة _ رضى الله عنهم جميعا _ ثم ربما انتقل إلى إنجازات العلماء المسلمين فى العصرين الأموى والعباسى وهذا قلما يحدث إلا مع الدعاة المثقفين والقارئين الجيدين للتاريخ وبعدها ربما ركز على حضارة الأندلس لينعى جنة المسلمين فى الأرض التى فُقدت ولينعى علماءها وحضارتها ، ثم إذا ما انتقل للعصر الحديث ، ستجد كارثة كبرى وهى أننا لا نملك شيئا نفعله الآن !! نعم صدقنى نحن الآن لا نفعل أى شىء نحن فقط نظل نتحاكى ونتباهى بأفعالنا القديمة مكتفين بمصمصة الشفاه والترحم على تلك الأيام التى ساهمنا فيها فى بناء حضارة أخذها منا الغرب وأتمها وسبقنا؛ تماما مثلما يتباهى المصريون بحضارة الفراعنة وآثارهم من الآثار ثم إذا نظرت إلى ما يصنعون الآن لوجدتهم بلا أى حضارة . الشىء المؤسف بحق أن تتحول حضارتنا الحديثة إلى مجرد بكاء على الأطلال وذكر قصص ونجاحات السابقين ، ثم إذا نظرنا أين نحن الآن من العالم ، لوجدنا أن الكثير منا لا يزال يعتمد على المعونة الأمريكية وأنه لا توجد دولة عربية واحدة تستطيع تصنيع سلاحها بأيديها ، كيف تدين لنا كلماتنا وتصبح من رأسنا ولا يزال القوت والسلاح يأتى من عدونا ، قمة الهذيان أن تدعى أنك فى مركز قوة وأنت تمد يدك إلى عدوك ، فالعلاقات لا تكون إلا بالندية أنت قوى وهو قوى ، لنقف ساعتها على مساحة واحدة لنبدأ المفاوضات . الله عز وجل رزقنا الدين ليكون مسألة آخرة ومسألة دنيا ، فعالم الدين به تتم مسائل الآخرة وعلماء الدنيا بهم تستقيم مسائل الحياة وبهم تبنى الحضارات ، شىء مؤسف أن يكون المسلمون مليار و300 مليون مسلما ولا يزال أعظم إنجازاتهم امتلاكهم لنادى كبير أو بنيانهم لأكبر برج تجارة عالمى ، ثم إذا بحثت فى تقدمهم وعلمائهم وجدتهم فى مؤخرة الجدول . إن الدين أمانة كبرى ، مع العبادات الخمس أنت مطالب بأن تكون كعقرب الثوانى فى الساعة نتحرك سويا لنكمل عدد الدقائق ثم الساعات حتى نتم مهمتنا فى هذا العالم فإما أن نضيف فيه أو أن نكون كما أتينا رحلنا ، ولكن هذه عيشة من لا هدف ولا همّ له ، وديننا أعظم من هذا ، نحن نعيش لغايتين العبادة والبناء ، أن نرفع راية الإسلام بالعبادة والعمل والبناء وبحسن المعاملة مع كل الأديان والطوائف ، نحن قوم ابتعثنا الله لنكون رحمة للناس جميعا ،لا لنكون فى مؤخرة الركب . صدقنى أنا لا ألوم أحدا بعينه على ما نحن فيه ، فهى رسالة عتاب لنفسى قبل أن تكون لأحد ، فنحن جميعا مقصرون فى بناء المجتمع ، الكثيرون منا لا يشغلهم سوى المأكل والمشرب ، ولكن الأمل قد أتى ، والربيع العربى قادم بإذن الله ، وغدا سنسير إلى حيث التقدم رغم أنف الحاقدين والمخربين ومن يحاولون تعطيلنا عن دورنا ، المهم أن لا نكون نحن سببا فى تعطيل أنفسنا لأن الإنذار جاء ربانيا حينما قال الله عز وجل (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد : 38). اللهم استعملنا ولا تستبدلنا ، اللهم علمنا وارزقنا فقه الحياة مع فقه العبادة ..