بقلم : مصطفى سعيد ياقوت قد يتخيل الكثير منا أن الفساد كان مقتصرا طيلة الأعوام الماضيه على الرئيس السابق و حاشيته فقط ,لكن إذا نظرنا لموضوع الفساد بنظره أوسع و أشمل نجد أن الفساد كان يغطى مصر كلها و من هنا جاء القول بأننا كلنا فاسدون بل و أزيد على ذلك أنى كنت أول الفاسدين. كثيرا ما كنا نراه بأعيننا و نسمعه بآذاننا بل كانت رائحته تزكم الأنوف و لكننا كنا دائما نقولها و بنفس التعبير و كأنه شبه إتفاق "يا عم أنا عاوز أربى العيال" " يا عم أنا عاوز أعيش" "يا حيطه دارينى" و فى النهايه وصلنا إلى أننا أصبحنا نتندر على الشرفاء و الأمناء و أصحاب المبادئ فقد أصبحوا قله لأنهم تمسكوا بمبادئهم و حافظوا على شرفهم و نزاهتهم. و هنا السؤال الأهم ,أليس السكوت عن الفساد فسادا؟؟؟!!. فى البدايه دعونا نعرف الفساد حسب تعريف منظمة الشفافيه الدوليه بأنه " كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته ". أى أن الفساد هو "كل عمل يضر بالمصلحه العامه سواء كان صغيرا أو كبيرا". و من منطلق هذا التعريف ألا تتفقون معى أننا كنا كلنا نقع تحت طائلة هذا التعريف و لو بنسبه قليله إلا من رحم ربى. إذا أخذنا تعريف الفساد السابق بأنه كل ما يضر بالمصلحه العامه سنجد أن تعيين أبنا العاملين فى المؤسسات الحكوميه فساد لأنك بذلك تؤصل مبدأ التوريث الذى قامت الثوره ضده فأنت تحرم من هو أحق من من ابنك من حقه. و الموظف الذى يأتى عمله متأخرا و يغادره متأخرا و فى المنتصف يضيع الوقت بين فطار و شاى و كلمات متقاطعه ثم يأتى آخر الشهر يطلب نظره لمحدودى الدخل هو موظف فاسد فلا عمله أتقن و لا ضميره راعى و لا ربه أرضى فكيف يبارك له الله فى رزقه و قائد السياره الذى يقود سيارته بدون أن يراجعها و يفحصها و يتأكد من سلامتها و يقود السياره بدون حزام الأمان و يسير عكس الاتجاه و يتجاوز السرعه المقرره و الحموله المقرره و يسير بين الحارات على هواه و يسير مخمورا أو مخدرا هو مواطن فاسد بل ان بفساده تضيع أرواح أبرياء و المواطن الذى يسير فى الشارع فلا يسير على الرصيف و لا يحترم اشارات المرور و لا يحافظ على نظافة الشارع و لا يغيث ملهوفا و لا يساعد كبير السن و راكب المترو أو القطار أو السياره الذى يتزاحم بدون مبرر إلا انه لا يعلم سوى ثقافة التزاحم و ذلك دون مراعاة كبار السن و المرضى و اصحاب الاحتياجات الخاصه و التاجر الغشاش و التاجر المحتكر و التاجر الذى ينقص الميزان و التاجر الذى يستغل الازمات فى رفع الاسعار و صاحب الفرن الذى يبيع الدقيق فى السوق السوداء و يقتصد ف حجم الرغيف و ينعم على أقاربه و معارفه بكميات أكثر من الخبز و المهندس الذى يترك كل العمل للمقاول و لا يراجعه و لا يحاسبه و تكون النتيجه كارثه تحدث و أرواح أبرياء تضيع و المدرس الذى يتعمد عدم الشرح الجيد داخل الفصل حتى يعطى دروس خصوصيه للتلاميذ. و الأب الذى لا يراعى اسرته و لا يهتم إلا بنفسه فقط و لا يتابع تربية الاولاده و الأم التى لا تحاول ان تكون قدوه لأبنائها ليتعلموا منها كل ما هو صالح و نافع. و الوزير الذى لا يتماشى مع نبض الجمهور و لا ينزل الى ارض الواقع بعيدا عن التكييف و يضع خططا زمنيه لنفسه و لوزارته و ليس لمصلحة البلد و رئيس الشركه الذى يحاول بشتى الطرق المحافظه على منصبه بمحاولة ارضاء مراكز القوى فى شركته و ارضاء رؤسائه دون النظر الى تطوير الشركه التى يعمل بها و وضع خطط زمنيه محدده و الارتقاء بمستوى معيشة العاملين معه و الطبيب الذى لم يعد محترفا إلا فى تحصيل قيمة الكشف العاليه و تقليل مدة الكشف لاتاحة الفرصه ليس لغيره من المرضى لكى يستفيدوا من خبرة الطبيب و لكن ليستفيد الطبيب من اموال الكشف التى يحصلها و الطبيب الذى ينسي مشرط او فوطه و الطبيب الذى يضرب عن العمل و هو يرى الناس يتلووون أمامه من الالم و هو محافظ على مبدأ الاضراب. و.....و.....و....و كلنا فاسدون بتقديمنا لمصلحتنا الخاصه على المصلحه العامه,كلنا لا نرى إلا أنفسنا و لا ندرك أننا نعيش فى مجتمع نؤثر فيه سلبيا بأنانيتنا وحبنا لأنفسنا و مصالحنا على حساب الآخرين و نتأثر به أيضا لأن أنانية الآخر لا تفيده بقدر ما تضرنا أدعوكم جميعا و أنا أولكم أن نراجع أنفسنا و نكف عن فسادنا و نعلى مصلحة هذا الوطن فوق مصالحنا و نراعى مجتمعنا الذى نعيش فيه و أن ننتقل من القوميه الضيقه و هى قومية النفس والأسره و العائله إلى القوميه الأعم و الأشمل و هى الوطن.