لقد تابع الجميعُ محاكمة الرئيس السابق على الفضائيات و التليفزيون المصري و التي أنكر فيها إعطاء أوامره للشرطة أو الجيش باستخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين بقتلهم. و جميعنا استند إلى أقوال المشير/ طنطاوي لدى المؤتمر الأخير الذي كان بحضور السيد اللواء/ منصور عيسوي وزير الداخلية الحالي. و نعود إلى ذاكرتنا جميعًا قبل أحداث الخامس و العشرين من يناير الماضي لنرى مشهدًا يتكرر في كل عامٍ بحضور الرئيس السابق لتهنئة جهاز الداخلية بعيد الشرطة، و هذا العام سبق الاحتفالُ موعده بيومين على غير المعتاد، و قد كانت هذه بداية المؤشرات التي قد يُستند إليها كدليل على مخططٍ للقضاء على الثورة بكافة وسائل القمع الأمني. نتركُ هذا الدليل الذي ربما لم يثير عدالة المحكمة و هيئة القضاء لنرى دليلًا أكثر منه وضوحًا؛ ففي أثناء اندلاع الثورة و الشعب يصر على موقفه من الرئيس و حكومته، زار السيد/ محمد حسني مبارك باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة سابقًا قاعدة جوية، و هذه الزيارة تأتي كردة فعل للغضب الجماعي الذي اجتاح كافة المحافظات في مصر من شرقها لغربها و شمالها و جنوبها، و قد ظهر سيادته على شاشات التليفزيون المصري المحلي و الفضائي بزيارته و هو يتفقد القاعدة الجوية في وقتٍ لم تكن هناك أي مبرراتٍ من زيارته هذه التي كان من المفترض أن تستبدل بها كلمة لسيادته ليوضح فيها موقفه من الثورة و من الثوار. و إذا أنكر أيٌّ من المتهمين محمد حسني السيد مبارك و السيد حبيب العادلي، أو أنكر حتى السيد المشير/ حسين طنطاوي القائد الحالي للمجلس العسكري، فإنَّ الجميع لا يستطيع إنكار هذه الزيارة كما أنه لن يجد مبررًا لهذه الزيارة سوى التهديد المباشر لكافة المصريين باستخدام السلاح العسكري ضد الشعب. إذا سلمنا أن مبارك و المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يستخدما السلاح العسكري ضد المتظاهرين مباشرةً لقتلهم، فإننا لا ننكر أنَّ ظهورهم جميعًا في هذه الزيارة في هذا التوقيت كان مبعثًا لجميع الطغاة و القادة العرب لاستعمال الأسلحة العسكرية من طيران و قوات مسلحة لإبادة شعوبهم. و هنا فظهور مبارك بهذه الطريقة في هذا التوقيت و إن أنكره، فهو ليس فقط الدليل على قمع و قتل المتظاهرين و استخدامه القوة ضد المدنيين العزل الأبرياء، و إنما هو دليلٌ يُدينه أمام الله أنه كان مبعثًا لإبادة الملايين في الشعوب العربية كافة و المتمثل في الشقيقة ليبيا و سوريا و اليمن و البحرين و غيرهم من البلاد التي راح ضحية خروج المدنيين العزل فيها على طغاتهم نحو الملايين. ..