بعد حبسه.. أردوجان يهتف: تعيش العلمانية!! بقلم: محمد عبدالقدوس منذ 43 دقيقة 30 ثانية أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة دافع رئيس الوزراء التركي عن النظام العلماني، وفي رأيي أن السيد رجب طيب أردوجان علماني جداً.. وأوعي تصدق إنه إسلامي، وصدق أو لا تصدق هذا الرجل برغم شعبيته الكاسحة دخل السجن قبل سنوات ، والسبب أن لسانه أفلت منه وقال ما في قلبه وتحدث عن الإسلام وأبدي عاطفة دينية طيبة، وهذا بالطبع ضد النظام القائم في بلاده، وخرج من محبسه بدرس لا ينساه ليهتف «تعيش العلمانية». وصاحبنا التركي عنده بنات ثلاث زي القمر، لكن «الحلو ما يكملش» بالتعبير المصري فكل بناته محجبات والجامعات هناك لا تقبل المتدينات أصحاب الحجاب، بل الباب مفتوح فقط للسافرات ومغلق بالضبة والمفتاح في وجه كل من ترتدي الزي الشرعي، ولذلك اضطر الرجل إلي إرسال بناته للدراسة في بلاد الخواجات، فهناك لا يوجد منع علي الطريقة التركية، وذات الشيء تجده بالبرلمان الذي يمثل الشعب، ممنوع أي محجبة ولو أجمع الناس عليها، و«خللي بالك أردوجان مؤمن جداً بالعلمانية» برغم كل هذه البلاوي التي وصلت أضرارها إلي بناته، وليس هذا فقط بل عند حضرته خناقة مع النظام العلماني بسبب شريكة عمره، فهذه السيدة الفاضلة بها عيب خطير جداً، فهي ليست فقط محجبة بل معروف عنها كمان أنها متدينة تصلي في أول الوقت وتصوم رمضان بالكامل، وهذا كله أمر مستنكر في النظام التركي العلماني، ولذلك عندما وصل أردوجان إلي الوزارة ورفيق كفاحه إلي رئاسة الجمهورية بدا الأمر وكأنه مصيبة حلت علي العلمانيين في تلك البلاد، وقرر قادة الجيش وزعماء الأحزاب مقاطعة كل الحفلات الرسمية إذا كان فيها نساء، ليس من باب أن الواحد منهم «حمش» ومحافظ بل العكس من ذلك تماماً فهو لا يطيق أن يري زوجات الرؤساء محجبات ويرفض أن يصافحهن لأن السلام حرام في هذه الحالة علي الطريقة العلمانية، زي بعض الإسلاميين الذين يرفضون السلام علي النساء «من بابه»! والجيش التركي قام خلال نصف القرن الأخير بثلاثة انقلابات ضد الديمقراطية وكلما اقترب الإسلاميون من السلطة رأينا العسكر ينقضون علي النظام كله ويضعون قادته في السجن، ليحكموا البلاد بالكرباج دفاعاً عن العلمانية، هكذا عيني عينك ودون حياء ولا خجل، ولأن «أردوجان» مؤمن بالديمقراطية فإنه يدافع عن النظام القائم في بلاده، واستطاع بصعوبة إخضاع القوات المسلحة للحكم المدني وهو يهتف «تعيش العلمانية»! والإسلاميون في مصر الذين أبدوا استياءهم من دفاع رئيس الوزراء التركي عن النظام في بلاده أناس سُذج، وأنا زعلان منهم، لأن المتدين يصبح إنساناً ذكياً «يفهمها علي الطاير» بالتعبير المصري عندنا، والعلمانيون الذين صفقوا له أكثر سذاجة، ولسان أردوجان أفلت منه يوماً ودخل بسببه السجن عليه حالياً حراسة مشددة، ولذلك تعمد إطلاق هذا التصريح في بلادنا بالذات لأنك لو تركت له الحرية لقال عن أرض الكنانة كلاماً مختلفاً تماماً، فهو يحب مصر جداً، وكأن نفسه يقول: جيش مصر أكثر وطنية وإخلاصاً للديمقراطية من جيشنا الذي قام بثلاثة انقلابات باسم العلمانية.. أما عندكم فالوضع مختلف وثورة يناير العظيمة انتصرت لأن الجيش المصري انحاز لها ورفض إطلاق الرصاص علي الشعب، أما عندنا فحدث ولا حرج عن تحكم الجيش في بلادنا، وعندكم في مصر حرية واسعة للمحجبات برغم منعهن من بعض أجهزة الدولة الرسمية وعلي رأسها التليفزيون وشركة مصر للطيران.. أما عندنا في تركيا فالوضع مختلف تماماً، والمحجبة في بلادنا «مخنوقة» مليون مرة أكثر من عندكم! ولذلك أعمل علي تغيير كل ذلك ببطء وهدوء ودون ضجة وأنا أهتف «تعيش العلمانية».. واوعوا تصدقوا أنني ضدها!