قامت الثورة العملاقة، وهي ثورة عامة وشاملة كأعظم ثورات التاريخ، تلك التي تنبع من قلب الشعب محققة طموحاته، وهذا الشمول الذي لاحظناه - حتي يومنا هذا - قد أعلن أن عهدا أسود قد حمل عصاه ورحل بكل مقدراته وهيئاته ومؤسساته إلي غير ما رجعة لأن الحق يقال إن العهد البائد كان وبالاً علي مصر، ونزل بها من عليين إلي «الدرك الأسفل» بما ارتكبه «المخلوع وعصابته» والذين تراهم الدنيا اليوم رهن محبسهم وراء الأسوار. لم يكن رئيسهم الذي علمهم السحر وحده هو سر البلاء الذي حق بالبلاد والعباد، بل وبما أن الناس علي دين ملوكهم فقد كشفت التحقيقات عن حقائق مدمرة لهؤلاء اللصوص الذين سرقوا مصر، نعم حسبوها «بضاعة» وتفننوا في «قطف ثمارها وتدمير عزبها وما يخفي باطن الأرض من خيرات، داسوها بأقدامهم وخداعهم وسوء تصرفاتهم وكانوا مثلاً شروراً في خيانة الوطن».. الأمر الذي أدهش الجميع، أنهم «كانوا عشاقاً للمال الحرام» والشعب يئن جوعاً، ولم تكن هناك في أي وقت من الأوقات أية رابطة بين الشعب وبينهم.. وكل ذلك أصبح معلوماً للدنيا بأجمعها، وتؤيد التحقيقات بما فيها من معلومات مؤكدة وأدلة دامغة ومستندات لا يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها.. بإيجاز شديد عاشت مصر سنوات وسنوات في ظل هذا الدمار وفي النهاية هذا يوم تجزي فيه «كل نفس بما كسبت» وحكم القضاء خير ما يكشف الدمار والخراب في ظل عهدهم الأليم. الثورة إذن بمعناها وفحواها جامعة ومانعة جامعة لكل ما فيه خير البلاد والعباد وتأتي للقضاء المبرم علي ما ارتكبه «المخلوع وعصابته في حق مصر» في شتي نواحي الحياة، وبالنسبة لجميع ما كان يدور في أروقة السيادة والسلطان، اجتماعيا واقتصادياً وسياسياً، واليوم مجرد إشارة إلي سلطة من أهم سلطات نظام الحكم «السلطة التشريعية» ممثلة في «مجلس الشعب». وكان إذن قدر هذه الأمة أن تقضي علي الصورة الأليمة السوداء عما كان من أمر هذا المجلس والذي قيل عنه بألسنتهم «سيد قراره» وفي ظل هذا المعني كم من الجرائم ارتكبت باسمه، وكانت النتيجة أن عاش وعايش أبشع قانون من صنع بني البشر «قانون الطوارئ» ومعه «قانون الإرهاب» ومعه «قانون البلطجة»، قوانين كما قال قائل منهم.. «كلها سيئة السمعة».. وكان التحليل العلمي السديد قد كشف النقاب عن سر هذا الدمار التشريعي، فقد اتضح أمام كل من له قلب أو «ألقي السمع وهو بصير» ما كان يتم في تشكيل مجلس شعبهم من تزوير فاضح، ورشاوي وأعضاء غير مؤهلين لحمل رسالة التشريع السامية المقام. ورأينا باسم الرشاوي صك دخول مجلس الشعب والذي حمل رايته السوداء تجار المخدرات، وعشاق سميحة، ومستوردي الممنوعات كلها وأنماط من البشر من العار أن نسجل صفاتهم وما ارتكبوه في حق الأمة التي هي منهم براء.. «براءة الذئب من دم ابن يعقوب». والآن وقد آتت الثورة ثمارها، وأعلنت نجاحها وباركها الأشراف من هذه الأمة، ثورة أعادت لكل مصري ومصرية آيات بينات من الكرامة وعظمة الإنسان المصري الحضاري، وسوف نري هذا بكل القطع واليقين عهداً جديداً لمجلس شعب يمثل الأمة خير تمثيل، وبحق يمكن أن نناشده ونناديه «لسان الأمة الفصيح»، أو كما يقول فقهاء القانون: Viva vox juris civilis «صوت القانون الهادر الحي» ومن هنا: لا تزوير، ولا تزييف لإرادة الأمة: نتاج انتخابات ننشدها جميعاً ترجمة لصوت الثورة الهادر: انتخابات حرة وعادلة ونزيهة، وهي الأمل المنشود ويعود القانون الحق والصحيح من غربته التشريعية ليكون «جمالاً لأمته وهي جمال له مقيم». قانون كما عبر هناك عظماء وفقهاء القانون: «قانون هو فن الخير والعدل» Jus est bonaie et justitia. والخير فضيلة والعدل فضيلة.. ومن هنا كان شوقنا إليه جد عظيم.