نعم نحن نعترف بأن شرم الشيخ في أزمة كبرى، لكن السياحة المصرية بشكل عام دخلت هي الأخرى في أكبر أزمة في تاريخها، ليست في شرم الشيخ فقط، بل الأقصر وأسوان والقاهرةوالغردقة. لقد كان سقوط الطائرة الروسية، ثم قرار بريطانيا بوقف رحلاتها إلى شرم الشيخ، ثم تعليق روسيا رحلاتها على كل مصر، ضربة قاصمة ليست لشرم الشيخ، فقط بل امتدت المعاناة وخيمت أجواء من الخوف علي زيارة مصر وبدأت كل الأسواق العالمية تتأثر بسبب الموقفين الروسي والبريطاني. وإذا كانت مصر تلتمس العذر لروسيا في موقفها بسبب عدد الضحايا، ولكن الموقف البريطاني، كما يؤكد الخبراء فيه تربص وتشدد تجاه مصر. وفي ظل تلك المأساة التي يعيشها القطاع السياحي، وبعد إغلاق العديد من الفنادق في شرم الشيخوالغردقة، ومن قبل فنادق الأقصر وأسوان، سواء الثابتة أو العائمة التي يصل عددها إلي 280 فندقاً عائماً، والمتوقفة منذ ما يقرب من خمس سنوات منذ أحداث يناير 2011، فمن الضروري إيجاد حلول بعيداً عن أسواق أوروبا الغربية بالتركيز علي أسواق أوروبا الشرقية والسوق العربي والصيني، خاصة أنه علي سبيل المثال هناك إمكانية لخروج عدد سياح أكبر من السوق البولندي الذي يأتي لمصر منه نحو 300 ألف سائح في السنة، ولدينا إمكانية ليصبح مليون سائح، وهو ما يدعو إلي ضرورة إعادة التفكير لفتح مكتب بولندا الذي كان قرار إغلاقه خطأ كبير، إلي جانب التركيز علي باقي هذه الأسواق كالمجر والتشيك وبلغاريا والسوق الياباني والصيني لإحياء السياحة الثقافية. وفي هذا السياق أكد المهندس أحمد بلبع، رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال المصريين، ضرورة تغيير استراتيجية السياحة بأكملها بما فيها التسويق والأسواق والخطط والقوانين والتشريعات، وعلي سبيل المثال في خطة التسويق يكون لدينا خطة علي المدي القصر لإنقاذ الموقف بسرعة، وهي التحرك لأسواق أوروبا الشرقية ودعم هذه الأسواق لمحاولة زيادة عدد السياح من هذه الأسواق كالمجر ويوغوسلافيا وبولندا من خلال خطة دعاية جيدة، مع توفير الطيران منخفض التكاليف عن طريق شركات الطيران المصرية، هذا إلي جانب تشجيع السوق العربي والمحلي. وعلي المدي الطويل أن يكون لدينا خطة تستغرق ما يقرب من سنتين لفتح أسواق في الصين والهند لأنه كما هو معروف أن الصين يخرج منها سنوياً 100 مليون سائح، فعلينا أن نعمل جاهدين ليكون لمصر نصيب من هذا العدد علي الأقل 3 ملايين سائح صيني، مع توفير وسيلة المواصلات، وصحيح أن هذا السوق يحتاج إنفاق أكثر في التسويق بسبب كثرة عدد سكان الصين ومدنها الكثيرة، فمن المهم جداً أن يتم ذلك. وأضاف «بلبع»: وعلي الجانب الآخر أن يضع وزير السياحة حداً أدني لأسعار الغرف الفندقية طبقاً للنجومية والمدينة السياحية لإيقاف المهزلة الموجودة التي وصلت إلي أن أصبح سعر الليلة في فندق خمسة نجوم ما بين 20 و25 دولاراً، فلابد من تدخل حكومي من وزارة السياحة لوضع حد أدني لمدة عام حتي تعود المنظومة السعرية، السياحة تحتاج من الآن بدء الخطط التسويقية. بينما يرى الخبير السياحي سامح حويدق، أن المشكلة ليست في الأسواق لأن أوروبا الشرقية يأتي منها سياحة لمصر بكميات كبيرة في موسم الصيف مثل التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا، ولكنه يري أن الحل السريع - كما يقول ويؤكد - أنه لا بديل عن ضرورة الاستعانة بشركة إنترناشيونال لإدارة المطارات حتي تعود السياحة، وهذا ليس خطأ أو عيباً ولن يقلل من سيادة مصر لأنها ستكون شريكاً في الإدارة، وكما هو متبع في مطارات كثيرة مثل سويسرا وألمانيا ودبي التي استعانت بشركة إنجليزية وكيلها في مصر اللواء سامح سيف اليزل، وبذلك أكون «رميت الكرة في ملعبهم»، وفي حالة حدوث شيء لا قدر الله تكون مسئوليتهم.. وهذا حل سريع لاستعادة السياحة ولكن الاتجاه لأسواق جديدة يستغرق وقتاً لن يقل عن عامين، والقطاع السياحي لا يتحمل، خاصة بعد إغلاق عدد كبير من الفنادق وصل إلي النصف في شرم الشيخ، وإلي 20٪ في الغردقة، وأنا أغلقت عدداً من فنادقي، وحالة استمرار الوضع بهذا الشكل ستغلق باقي الفنادق ونصل إلي الإفلاس وهنا تكون الكارثة. بينما يرى الخبير السياحي ناجي عريان، أن الحل السريع في مواجهة الحقيقة هل لدينا مشكلة أم لا؟.. ومشكلتنا كقطاع سياحي سياسية سياحية، وبمعني أكثر مشكلتنا سياسية بالدرجة الأولي، وحلها في يد القيادة السياسية بحنكة الرأي وخبرة وزارة الخارجية أن تطمئن الحكومات الخارجية، وعلي الحكومات ضمان عملية التأمين بأي شكل، وهذا يرجع للقيادة السياسية. أما دورنا كقطاع سياحي التواجد في المعارض الدولية وعمل قوافل لعدد من الدول والتواصل مع الاتحادات المماثلة لنا غير ذلك ليس للقطاع السياحي دور وليس لديه أي قوة أن تعدل الحكومات من قراراتها، ولكنه دور الدولة خاصة أن شركات السياحة والطيران في الخارج والسياح أنفسهم لديهم رغبة شديدة للعودة لمصر، وهذا معلوم لنا من خلال اتصالاتنا معهم، ولكنهم ملتزمون بقرار حكوماتهم، فالمشكلة سياسية ونحن مع أي تعاون بين الحكومات دون المساس بالسيادة المصرية. أما فتح أسواق جديدة ليس أمراً سهلاً، لأنه من الصعب الوصول إلي هذه الأسواق بدون طيران، وحتي ننشأ شركة طيران الأمر يحتاج ليس أقل من عامين، فالمشكلة تحتاج حل سياسي وأن تعدل الحكومات من قراراتها. ويري الخبير السياحي عادل عبدالرازق، أن هناك سببين لشدة الأزمة، أن 80٪ من السياحة تأتي إلي شرم الشيخوالغردقة، فالتأثير أكبر بالمقارنة بعدد السائحين الذين يأتون إلي الأقصر وأسوان، إضافة إلي أن عدد الغرف الفندقية في شرم الشيخوالغردقة يصل إلي 120 ألف غرفة بالمقارنة بالأقصر وأسوان بها 25 ألف غرفة، وبالتالي التأثير واضح علي شرم الشيخوالغردقة، وصحيح أن هناك 28 فندقاً عائماً باستثمارات ضخمة جداً متوقفاً عن العمل، وهذا يرجع إلي أن السياحة الثقافية تقلصت علي مستوي العالم، حيث تمثل 7٪ في العالم وحوالي 12٪ في مصر، وللأسف تقلصت رغم أهميتها في السوق الإنجليزي والألماني، ولكن لدينا بعض الأمل بعد وصول طائرتين من الصين إلي الأقصر وأسوان الأسبوع الماضي، ولدينا أسواق أخري في الصين والهند وأمريكا اللاتينية، ولكن المشكلة في الطيران، وسبق وطرحت حلاً علي المدي الطويل بضرورة أن يكون لدى مصر شركة طيران عارض بمشاركة الدولة ووزارة الطيران ممثلة في الشركة الوطنية «مصر للطيران» وصندوق السياحة ومشاركة جميع شركات الطيران الصغرى الذي يصل عددها إلى 14 شركة يمتلكون 21 طائرة يستطيعون الدخول في الشركة الجديدة بمشاركة رجال السياحة، وهذا الاقتراح تقدمت به إلى اللجنة الاستشارية التي سبق وشكلها هشام زعزوع، وللأسف الشديد لم يتم شيء.