حضارة شهد العالم بعراقتها.. واحتار العلماء على اختلاف هويتهم في اكتشاف سر التقدم، غير أن الجحود والاهمال الذي تعامل به أبنائها معها، تكاد تندثر معه أبنية حملت عبق هذا التاريخ. ويعد العصر العثماني من أكثر العصور الغنية بالتراث، الذى يعكس مدى براعة المصريين وتقدمهم فى هذة الآونة. ويعد مسجد المحمودية إحدى أهم معالم هذا العصر، الذى يحوى كل ركن به، قصة تستحقّ أن تُروى. ورصدت عدسة "بوابة الوفد" تحول مسجد المحمودية من أحد منابر العلم بالدولة العثمانية، وواحد من أجمل مساجد العصر العثمانى المنفرد ببنايته، تحول إلى مسجد متصدع يتخلل جدرانة الشقوق. وامتلات الجدران الخارجية للمسجد بالشروخ والكسور، وتهشم المسجد المؤدي إلى باب المسجد، كما تحول محيط المسجد الى مكان للنفايات، حيث تتكدس أكوام القمامة ومواد البناء، وكادت ان تمحو هذا التراث. ومع تأمل الشكل الداخلى للمسجد، ستظهر التصدعات والشقوق فى أعمدة المسجد من الداخل، فضلا عن لون الحوائط الذى محاه الزمن. كما يوجد بالمسجد قبر محمود باشا، أحد أشهر ولاة مصر بالعصر العثمانى، الذى أمر ببناء المسجد وأطلق عليه "المحمودية" نسبة إلى اسمه، وبدلا من أن تهتم وزارة الآثار بقبر الوالى بإعتبار أنه تراث للدولة العثمانية، أهملته لتمحي معه جزء من الحقبة التاريخية لمصر. وبمجرد دخول الغرفة التى يوجد بها قبر محمود باشا، ستجد الألبسة ملقاة بشكل مبعثر، والتى تغطى القبر وكأنها غرفة ملابس مهملة، بالإضافة إلى القمامة والفوضى التى تعم المقبرة، فتحول التراث إلى سلة مهملات. وظهرت ملامح الإهمال بالمسجد من الداخل، على جدرانه الخارجية التي اخفت رونقه، وتخللت الشروخ أعمدته الضخمة المكونه من الجرانيت، والتي تحمل في طياتها التاريخ الادبي الديني للعصر العثماني. وتوالت أعمال الإصلاح بهذا المسجد، وكان آخرها ما أمر به الملك فاروق الأول بتقوية وإصلاح سقفه عام 1940. ومنذ ذلك الوقت لم يتم ترميمه، فبدل من أن يكتظ المسجد بالسياح كانت القمامة هي السبيل لمناجاته، لاسيما حرم المسجد الذي يمتلئ بالإشغالات والصخور التى أطاحت بروعة وجمال الهندسة المعمارية التى كان تتميز بها الأثار المصرية القديمة. وتخترق التصدعات والشقوق جدران المسجد الأثري، والتي تصل إلى المآذنة المطلة على الشارع الرئيسي مما ينذر بسقوطها،وتعرض الكثير من المواطنين للخطر. وبدلا من أن تحافظ وزارتي الاثار والثقافة على التراث العثماني، وتحاول إعادة أمجاده مرة أخرى، وزيادة عوامل جذب السياح للقاهرة الثقافية، إلا أن الإهمال أصبح القانون السائد الذي تتبعه كل المؤسسات المعنية بالمحافظة على الأثار.