خيمة النوبيين! بقلم :إبراهيم عبد المعطي منذ 19 دقيقة 25 ثانية كنت في أسوان أثناء اعتصام النوبيين للمطالبة بالعودة الى أراضي الاجداد حول ضفاف بحيرة ناصر، وكانوا قد غادروها بناء على طلب الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر عند الشروع في بناء السد العالي، وتم نقلهم الى المنطقة التي تعرف الآن بمركز نصر النوبة، وقد انحرف الاعتصام وخرج عن طبيعته السلمية، ونتج عن الاحداث احتراق جزء ضئيل من مبنى المحافظة، حاولت معرفة الأسباب التي أدت الى خروج بعض النوبيين عن طبيعتهم المسالمة، علمت من بعض قيادات الاعتصام أنهم أعدوا للاعتصام خلال شهر رمضان وأوصوا الشباب بضرورة الالتزام بالطابع السلمي، وعند التجهيز للاعتصام تم نصب خيمتين، إحداهما كبيرة واخرى صغيرة في حديقة درة النيل المواجهة لمبنى المحافظة، لكن افراداً من المحافظة ومجلس المدينة والشرطة العسكرية - حسب رواية القيادات النوبية - حطموا الخيمتين وكسروا أوتادها تكسيراً، وأغرقوا الحديقة بالمياه، مما استفز الشباب ورأوا فيه اهانة لجميع النوبيين، لأنهم حرموا من حق التعبير السلمي عن مطالبهم، وجمعوا النوبيين من المناطق المختلفة، وتهور بعض الشباب فأشعلوا النار في جزء من مبنى المحافظة وحطموا بعض النوافذ، ولم تستطع القيادات النوبية ايقاف اندفاع الشباب. إذا كان بعض الشباب قد أخطأ، الا ان معالجة المحافظ اللواء مصطفي السيد للمشكلة كانت سلبية، فقد أغلق مبنى المحافظ وعطل مصالح المواطنين، ولم يلجأ الى الاسلوب الامثل، وهو الحوار مع المعتصمين ومحاولة الوصول الى حل، ورغم ذلك فإن النوبيين تعهدوا بحماية مبني المحافظة لكي لا تصل اليه يد التخريب بعد أن تخلى عنه المحافظ، فقد خصصوا افراداً منهم للوقوف امام ابواب مبني المحافظة وعند جوانبه لمنع تسلل اي شخص الى المبني. ومما رأيته بعيني في احد مساءات الاسبوع الماضي، ان النوبيين المعتصمين في حديقة درة النيل اقاموا حفلاً فنياً، ودعا العقلاء منهم قبل بداية الحفل الى أن اعتصامهم سلمي، وحثوا الشباب على عدم التكسير والتعبير عن مطالبهم دون إحداث خسائر، ونادى المنادي بأن من هم خارج الحديقة لايعبرون عن النوبيين الحقيقيين، وبعد هذا النداء توجهت الى الشارع الذي يقع فيه الجزء الخلفي من مبنى المحافظة فوجدت مجموعة من الشباب أحدثوا نوعاً من الضجيج، لكن مرادهم لم يكتمل، لأن عقلاء صاحوا فيهم «سلمية سلمية» ورغم ذلك وجدت شابا يبدو عليه الطيش والتهور يتوجه الى كشك زجاجي عند الطرف الشمالي للمبنى قام بتكسير اجزاء منه بطرف عصاه في غيظ، وكأن تحطيم هذا الكشك سيجلب له ما يريد، والأمر يحتاج الى يقظة العقلاء لتوجيه حماس الشباب الى الوجهة الصحيحة وبث الوعي داخلهم. الحقيقة، ان النوبيين لا يعانون وحدهم في محافظة أسوان، وانما يعاني جميع سكان المحافظة من تقصير المحافظين المتوالين عليها الذين ينظرون الى المنصب على أنه مكافأة نهاية خدمة لهم، وباستثناء اللواء سمير يوسف لم يضف محافظو اسوان، في عهد مبارك حتي الآن، شيئا يذكر الى هذه المحافظة، وان كان «يوسف» قد اقتصر على اعادة تخطيط مدينة اسوان، وظلت بقية مراكز المحافظة محرومة من الخدمات تحتاج اسوان الى محافظ يضع اهتمامات المواطنين في اولى أولوياته، ولا يتخذ منها مكانا للتنزه وقضاء الأوقات الجميلة. [email protected]