"لجان فارغة.. ومرشحون يشحتون الأصوات".. هكذا تمثل الحال خلال اليوم الأول من الاقتراع على الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولى، حيث شهدت معظم لجان الجمهورية إقبالا ضعيفا على مقاراتها منذ الصباح، فضلًا عن خرق بعض المرشحين فترة الصمت الانتخابي، بانتشار دعاية وأنصار لهم أمام اللجان؛ من أجل كسب مزيد من التأييد والأصوات. تلك الحالة غير المتوقعة، شهدتها لجان مناطق كرداسة التي لم يتجاوز عدد الأصوات فيها 50 صوتًا من إجمالي 2498 صوتًا، كما شهدت منطقة إمبابة ضعف مماثل، ولم يتجاوز عدد الناخبين المائة. وفي أوسيم لم تتجاوز أعداد الناخبين 50 ناخبًا، من إجمالي1500 صوت مقيد باللجنة، وفي الهرم، شهدت اللجان نة الانتخابية إقبالًا ضعيفًا من قبل الناخبين. "شروط المعركة الانتخابية، المال السياسي، الإجازة، الإحباط، ترشح نفس الوجوه".. خمسة أسباب حددها خبراء الشأن السياسي والحزبي، حول ذلك الضعف، معتبرين أنه يجعل البرلمان القادم مجرد صورة لمجلس محلي كبير، ترتفع فيه أصوات من زواجوا المال بالسلطة. "الإحباط والوجوه القديمة" محمد أبو حامد، البرلماني السابق، أرجع ضعف الإقبال، إلى أن الشعب أصيب بحالة من الإجهاد والإحباط، عقب أربع سنوات متتالية من الصراع السياسي، وكم الاستفتاءات الشعبية والانتخابات التي خاضها، فضلًا عن أن البعض لديه رؤية خاطئة، وهي عدم وجود حاجة إلى برلمان حاليًا، بسبب ثقة الشعب الزائدة في السلطة الحالية، وأنها قادرة على إدارة البلاد بدون برلمان. وأشار، إلى أن وجود وجوه قديمة تخوض الانتخابات في نفس الدوائر، أعطت انطباعا للبعض أن العجلة تعود للخلف ما قبل صورة 25 يناير، مشددًا على ضرورة وجود كثافة معينة من الناخبين؛ لأن ضعف الإقبال الشعبي يزيد من تأثير الجماعة الإرهابية في المشهد، وله آثار سلبية على سلاسة آداء القيادة السياسية؛ لأن البرلمان لديه صلاحيات سياسية معينة سوف يمارسها سواء كانت كثافة الإقبال عالية أو منخفضة، لذلك ينصب التأثير على القيادة السياسية. "قوة رجال الأعمال والمال السياسي" وأتفق معه أحمد بهاء الدين شعبان، أمين عام حزب التحالف الاشتراكي المصري، مؤكدًا على أن ضعف إقبال الناخبين في اليوم الأول للانتخابات البرلمانية، لم يكن أمر مفاجىء؛ لأن شروط المعركة الانتخابية حصرت المنافسة بين رجال المال والأعمال، والجماعات الدينية، ورموز نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. وتابع، أن تلك الفئات تملك إمكانيات مادية هائلة لتغطية حملاتهم الانتخابية بشكل جيد، ودوائرهم الواسعة، مشيرًا إلى أن تلك الشروط، جعلت الطبقات الشعبية سواء من العمال والفلاحين أو الشباب وغيرهم من الفئات، التي لاتملك هذه الامكانيات، ليس طرف في تلك المعركة سواء بالترشح أو الانتخاب؛ بسبب شعورها بالغربة. وأوضح، أن الهجوم الكبير الذي طال الأحزاب والتحالفات السياسية خلال الفترة الأخيرة، وتهليل البعض بأنها أحزاب كرتونية بلا شعبية، أدى إلى إهتزاز أرضية تلك الأحزاب، ورأى الجمهور فيها أنها أحزاب غير مؤهلة للانتخاب، موضحًا أنه في الوقت نفسه فضلت بعض الأحزاب ذات الثقل الانسحاب من المشهد الانتخابي برمته. وأشار، إلى أن إعلان بعض رموز مبارك ترشحه للانتخابات، ومن ثم الجدل حول تأثير ذلك على البرلمان، واستبعادهم في النهاية، أدى بالشباب إلى النفور من الانتخابات البرلمانية الحالية، لأن البعض منهم عمد الظهور على القنوات الخاصة، وتشويه ثورة يناير، التي شارك فيها عدد كبير من الشباب، وطلائع المثقفين. وتوقع "شعبان" أن يكون ضعف الإقبال ضربة قوية للنظام والمعارضة والقوى السياسية؛ لأنه أصبح هناك فارق كبير بين الجماهير الغفيرة التي شاركت في الاستفتاء على الدستور، ومن ثم الانتخابات الرئاسية، وبين الجماهير المشاركة في تلك الانتخابات، مشيرًا إلى أن ذلك يعني ضعف شعبية النظام الحالي. "الأجازة وبرامج الأحزب والتحالفات" وأشار أحمد دراج، المتحدث باسم تحالف 25-30، إلى أن ضعف وضبابية برامج المرشحين أو التحالفات هي من أدت إلى ضعف الإقبال، مشيرًا إلى أن المال السياسي لعب دور كبير في تلك المرحلة، وجعل البعض لا يعلم مرشحين منطقته أو دائرته الانتخابية. وتابع، الجو العام السياسي لا يناسب الكثير من قطاعات الشعب المصري، التي أصيبت بالإحباط، من تكرار عمليات الاقتراع، لاسيما على الانتخابات البرلمانية التي تم الاستفتاء عليها وتشكيل برلمان ثم حله من جديد في 2013. وأضاف، أن بعض الإخفاقات السياسية التي سبقت عملية الاقتراع، مثل وجود بعض القوانين غير المرضية للكثيرين، وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على دخول البرلمان، أصابت فئة الشباب بالإحباط، وقتلت أي أمل داخلهم في أن تتقدم البلاد إلى الأمام، موضحًا أن ضعف الإقبال سيجعل البرلمان القادم مجرد صورة فقط. وأشار "دراج" إلى أن عدم إقرار الدولة اليوم أجازة رسمية سحب منها قطاع الموظفين خلال عملية الاقتراع، والضغط الاقتصادي على الموظفين لن يدفعهم إلى التضحية بذلك اليوم مقابل المشاركة في الانتخابات. "تردي الأحوال المادية والاجتماعية" وأرجع ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أسباب ضعف الإقبال على التصويت، إلى مناخ اليأس والإحباط الذي يسود الأوساط الشعبية والمتوسطة؛ بسبب تردي أحوالهم المالية والاجتماعية؛ وانسداد الأمل لديهم فى إصلاح أحوالهم. وتوقع، أن يكون البرلمان القادم مجرد صورة كربونية من برلمان 2010، وأشبه بمجلس محلي كبير، ترتفع فيه أصوات من زواجوا المال بالسلطة.