لاقت تصريحات هشام رامز محافظ البنك المركزي الأخيرة بقرب استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية في مصر بعد سداد الوديعة القطرية البالغة 6 مليارات دولار ترحيبا واسعا بالأوساط الاقتصادية حيث اعتبر خبراء المال استقرار السوق المصرفي بداية حقيقية لتحسن الاقتصاد وأكدوا ضرورة البحث عن مصادر بديلة للعملات الأجنبية للقطاع السياحي من خلال تنشيط أكبر للصادرات واهتمام أكبر بالصناعة. أكد عبدالرحيم حسين رئيس قطاع التفتيش ببنك الاستثمار العربي أن الديون الخارجية تمثل عبئا كبيرا علي الخزانة العامة للدولة وأن سداد الحكومة لمعظم مديونياتها أنهي فترة من الأعباء والالتزامات المالية التي أثقلت مواردها خاصة أنها متراجعة بدرجة كبيرة فمثلا قطاع السياحة متوقف تماما منذ ثورة يناير بما يعني أن الحكومة فقدت ما يزيد علي 14 مليار دولار سنويا. وأضاف أن سداد المديونيات سوف يخفف من عبء الطلب علي الدولار لكنه لن يخفض السعر، موضحا أن موارد مصر من العملة الصعبة تشهد تراجعا كبيرا بسبب توقف السياحة والتراجع الحاد للصادرات وتحويلات المصريين بالخارج والتي تأثرت كثيرا بسبب عودتهم من الأسواق التي تشهد بلادها أحداثا ساخنة. أوضح الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدي الاقتصادي المصري العربي أنه لا يوجد أي ارتباط بين استقرار الاحتياطي الدولاري للمركزي أو زيادته أو سعر العملات والتي تتأثر بعدة عوامل مثل تدخل الحكومة لتثبيتها وهو ما حدث في أواخر التسعينات بمصر وفقدت بسببه جزءا كبيرا من الاحتياطي الدولاري. وأكد أن ما يحدد سعر الدولار هو آليات العرض والطلب فكلما زاد المعروض انخفض سعره وعلي العكس فإن ندرته أو انخفاض العرض يؤدي لارتفاع سعره وذلك يحدده عامل الموارد ومدي احتياجات السوق المحلي للاستيراد، لافتا الي أن المديونيات قد تدخل في إطار الأعباء أو الطلب المتزايد علي العملة وسدادها هو ضمان لاستقرار احتياطي المركزي ومنع مزيد من الاستنزاف إلا أنه لن يؤثر في سعر الدولار أو في زيادة المعروض. وأوضح أن الاحتياطي الدولاري هو سند للحكومة أمام دائنيها من المؤسسات الدولية أو الأسواق الخارجية. ويري «عبده» أهمية الاهتمام بقطاع الصناعة في الوقت الحالي فمصر تفتقد جزءا كبيرا من مواردها من العملة الصعبة سواء من تحويلات المصريين من الخارج أو السياحة التي لن تعود إلا بعد تطهير مصر من الإرهاب وانحسار التخريب والمظاهرات وكلها مظاهر تؤكد افتقاد البلد لعوامل الأمن والأمان، بالإضافة الي تراجع الاستثمارات موضحا أن مسألة تراجع الصادرات بنسبة 21٫5٪ في الفترة الأخيرة كانت نصب أعين القيادة السياسية والتي أعدتها أحد عوامل ضعف وإخفاق المجموعة الاقتصادية وقال إن استقرار سعر العملة أو تراجعه لا يرتبط بمديونيات الحكومة بل بقوة اقتصاد الدولة. وأشار أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية الي أن السوق المصرفي بمصر يواجه ضغطا علي الدولار من قبل المستوردين فالمعروض منه قليل والمسحوب منه يزيد علي العرض، مقللا من أهمية سداد المديونيات القطرية أو الالتزامات للشريك الأجنبي بشركات البترول أو ديون مصر النصف سنوية لنادي باريس، وتساءل عن نسبتها لاحتياجات مصر السنوية البالغة 60 مليار دولار فهي لا تشكل 15٪ منها ولذلك فسوف تستمر مشكلة العملة، مشيرا الي أهمية البحث عن البدائل لمواجهة نقص العملة وأهمها تطوير مصدر القناة كقطاع خدمي للسفن والرحلات وزيادة الإنتاجية بالقطاعات التي تتمتع مصر بها بميزة نسبية في إنتاجها كالبتروكيماويات والاهتمام باستخراج الخامات التي تدخل في الصناعة بهدف الاستغناء عن الاستيراد للعديد من الخامات ومستلزمات الإنتاج. ويري «شيحة» أهمية انتظام البنوك في تغطية الاعتمادات بحسب احتياجات السوق وإلا تقتصر علي بعض المحتكرين للاستيراد. وأضاف علي فايز الخبير المصرفي أن هناك عوامل أخري بجانب سداد المديونيات الخارجية قد تؤثر في المعروض وأهمها حجم التدفقات النقدية علي السوق المصري كالموارد الناتجة عن زيادة الصادرات وتحويلات العاملين بالخارج والموازنة بين حجم الصادرات والاستيراد بأن يكون الميزان التجاري لصالح الأولي بفروق كبيرة هنا فقط نستطيع أن نقول ليس هناك أزمة في الدولار أو أن احتياطي المركزي يواجه ضغوطا بسبب الطلب المتزايد فالمسألة تخضع للعرض والطلب، موضحا المديونيات قد تؤدي لضغط علي الاحتياطي خاصة أن الحكومة ملتزمة بسداد أقساط وفقا لآجال محددة إلا أنها جزء من الاحتياجات والمدفوعات لا تتعدي 15٪. وأشار «فايز» الي أن الدولار سلعة مثل سائر السلع المتداولة بالسوق المصري تخضع لآليات العرض والطلبات وأسلوب التداول بالسوق المصري والذي يعاني من ممارسات احتكارية لمعظم السلع ولكن بالنسبة للدولار الأمر مختلف فهناك عمليات تداول وحجب للدولار عن السوق من قبل سماسرة العملة وهو الأمر الذي يؤدي لمزيد من الاختناق في سوق الصرف وسعر العملة. ويري «فايز» أهمية التعديل في الأسلوب الإنتاجي بمصر كأن يعتمد أصحاب المصنع علي العمل بنظام القيمة المضافة، وقال علاء سماحة رئيس مجلس إدارة بنك بلوم - مصر الأسبق، إن مصر في أعقاب ثورة يونية لم تدخل خزانتها عملة بكميات كبيرة فالاستثمار المباشر متراجع للغاية وهناك أزمة في تحويلات العاملين بالخارج فلم تعد مؤثرة في مواردها من العملة الصعبة فهناك أسواق بسبب الأزمات الاقتصادية والأوضاع العالمية لم تعد تطلب عمالة وهناك أسواق مهمة بالنسبة لنا فقدناها نهائيا مثل ليبيا للصراع الدائر هناك بالإضافة للسياحة التي توقفت تماما.