كثير من المبدعين يشعرون بحالة من الإحباط واليأس.. وإذا سألتهم عن السبب يعترفون بأنه لا قيمة لمبدع فى بلد يضع الثقافة فى الهامش ولا ينظر للفن بشكل محترم. منذ أيام تم الإعلان عن تشكيل وزارى جديد، تم الإطاحة بعدد من الوزراء وجاء آخرون لتصحيح الأوضاع ووضع خطة جديدة يكون الهدف منها النهوض بالمجتمع.. وقد تولى مسئولية وزارة الثقافة الدكتور حلمى النمنم، رجل يحظى باحترام من يعرفه ويجمع بين المثابرة والاجتهاد ويعلق أهل الفن والإبداع آمالاً كبيرة عليه ويتمنون أن يكون معبراً عن أحلامهم وداعماً قوياً للسينما والمسرح. وقد اشتغل الرجل سنوات طويلة من عمره داخل الهيئة العامة للكتاب ويدرك أن الكتاب أول طريق لبناء مثقف واع، لكن السؤال الذى يلح ويفرض نفسه دائماً مع قدوم وزير جديد لحقيبة الثقافة.. هل الوزير ملم بكل مشاكل المثقفين وهل سينجح فى مهمته أم أنه سيكون مثل السابقين.. يأتى ويذهب من موقعه دون أى أثر أو ذكرى جميلة؟. وفى محاولة لإنارة الطريق أمام وزير الثقافة الجديد قررنا رصد آراء المثقفين والمبدعين حول أهم القضايا التى تحتاج لحل وتبحث عن الاهتمام.. وسوف نضع المشاكل على مائدة الوزير ولدينا أمل أن يهتم بها ويسعى جاهداً لحلها. فى البداية تحدث الدكتور أشرف زكى، نقيب الممثلين، قائلاً: قدوم وزير جديد يعنى قدوم أمل جديد. أتمنى من وزير الثقافة الجديد أن يهتم بالفن والإبداع وينظر للفن بعتباره القوة الناعمة التى تستطيع التغيير والتأثير فى الناس.. وواصل نقيب الممثلين حديثه: أطالب الدكتور حلمى النمنم ببذل الجهد لتنفيذ قانون حق الأداء العلنى للممثل وتطبيق قانون الملكية الفكرية فقد خضنا معارك كثيرة من أجل أن تخرج هذه القوانين إلى حيز التطبيق وبكل أسف لم يحدث أى شىء، وذهبت جهودنا، أثق فى أن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى يقدر المبدعين، وينظر لهم نظرة محترمة ولذا أتوقع أن يتحرك وزير الثقافة الجديد لإنصاف المبدعين ويدافع عنهم.. حان الوقت أن يخرج المبدع من الهامش وأن يأخذ فرصة فى التعبير عن قضايا مجتمعه.. حق الأداء العلنى سوف ينصف المبدع وتطبيق قانون الملكية الفكرية سوف يدفع الناس للابتكار والإبداع. ويقول الناقد طارق الشناوى إن تهيئة المناخ الصحى للإبداع مهمة وزير الثقافة الجديد.. فيجب إعادة النظر فى أسلوب وطريقة دعم الأفلام خاصة أن عملية دعم الأفلام قد شابها فى الفترة الأخيرة العديد من الأخطاء وقد أدى ذلك إلى تأجيل صرف الدعم.. أطالب وزير الثقافة بتخفيف المعوقات التى تحول دون إنتاج أفلام.. وفصل الرؤية الأخلاقية المباشرة عن تقييم الفن وإعادة النظر فى الرقابة لأنها فى الوقت الحالى أصبحت غير مؤهلة لأن عصر السماء المفتوحة فى حاجة إلى تركيبة رقيب آخر بل أطمع أن ينتهى تماماً دور الرقابة ويتم إنشاء هيئة لتنظيم العروض ويغلب على أعضائها أساتذة فى علم النفس والاجتماع وذلك لتفعيل الرقابة العمرية بمعناها الصحيح. وواصل طارق الشناوى حديثه: مطلوب من الوزير الجديد النهوض بقصور الثقافة التى تحولت إلى خرابات يسكنها الخفافيش، لا أبالغ إذا قلت إنه يجب العمل بجهد لإضاءة قصور الثقافة وطرد خفافيش الظلام وضرب التطرف.. الفن والثقافة هما السلاح الباتر ضد التطرف والإرهاب، أصبحنا فى مصر نحتاج إلى زرع ثقافة قبول الآخر المختلف فكرياً وأتمنى أن ينصف الوزير الجديد المبدع وينحاز لحرية التعبير ففى هذا الوقت توجد هجمات شرسة على الحريات.. وبخصوص مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، أنصح الوزير بتوفير آلات العرض الحديثة «دى. سى. بى» والتى تصل تكلفتها إلى 4 ملايين جنيه، بينما تأجيرها خلال فترة المهرجان خلال عشرة أيام يكلف الدولة مليون ونصف المليون والسكوت على هذا الأمر يعد إهداراً للمال العام وأخيراً يجب أن ينتبه الوزير إلى أن مهرجان القاهرة يعد أكبر تظاهرة ثقافية ودعمه أمر مهم لأن نجاحها يعد رسالة قوية للعالم محتواها أن مصر آمنة ومستقرة وقادرة على عبور التحديات. فى الموضوع تحدثت الفنانة الكبيرة نبيلة عبيد قائلة: المهمومون بحال السينما يدركون جيداً أن السينما تعانى من أزمات كثيرة منها تراجع مؤشر الإنتاج ففى الماضى كانت السينما تحتل المركز الثانى فى الدخل القومى وبمرور الأيام تراجعت وتخلت الدولة عنها، أطالب الدكتور حلمى النمنم بالاهتمام بصناعة السينما وإزالة كل المعوقات أمام المنتجين، فقد انهارت الصناعة بعدما تخلت عنها الدولة وراهنت على إمكانيات الكيانات الفردية، وهناك أعمال سينمائية ضخمة لا تستطيع شركات الإنتاج مهما كانت إمكانياتها تقديمها بشكل جيد، على الوزير معرفة أن عودة الدولة إلى الإنتاج أمر مهام وضرورى لأن الدولة تقدم أفلاماً ضخمة ولها محتوى، وأضافت نبيلة عبيد: أيام وتنطلق فعاليات مهرجان القاهرة الدولى للسينما وأرى أن هذا المهرجان يحتاج إلى دعم قوى حتى يعود إلى مجده ويصبح جاذباً لنجوم العالم فهناك مهرجانات حديثة فى العالم العربى أصبحت ذائعة الصيت، لذا أناشد الوزير وضع خطة للنهوض بمهرجان القاهرة السينمائى وتسويقه عالمياً. وتقول نهاد صليحة، رئيسة المجلس التأسيسى للمركز المصرى للمعهد الدولى للمسرح، إن هناك ملفين يجب وضعهما على مكتب وزير الثقافة الجديد الأول هو رصد ميزانية للمهرجان التجريبى خاصة أن عدم إقامته فى موعده يهدد بفضيحة دولية فقد تم التعاقد مع 22 دولة على مستوى العالم ولا يجوز أن يتم إلغاء الدورة حتى لا نفقد مصداقيتنا، الملف الثانى الذى أرجو أن يهتم به الوزير هو تفعيل قرار دعم العروض المستقلة الذى صدر فى عهد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، ويرى الفنان سامح الصريطى أن الدكتور حلمى النمنم، وزير الثقافة، مطالب بوضع استراتيجية واضحة المعالم للنهوض بالحياة الثقافية فى مصر، وأن يختار معاونين له لتنفيذ هذه الاستراتيجية ويتم تحديد فترة زمنية لتقييم الأداء وفق معايير سليمة، فليست مهمة الوزير الارتفاع بالسينما فقط أو تحسين حال المسرح ولكن مهمة الوزير هى الارتقاء بكل روافد الحياة الثقافية بداية من الكتاب وحتى أصغر قصر ثقافة، على الجميع أن يدرك أن مصر تمتلك ميراثاً ثقافياً عظيماً ويحتاج هذا الميراث إلى إلقاء الضوء عليه وتسويقه للعالم.. وهذا لن يحدث إلا من خلال خطة واضحة هدفها حماية حرية المبدع ووضع المثقف فى دائرة الاهتمام وتقديم فن يحترم عقول الشعوب ويقدم رسائل غنية فى المحتوى وجريئة فى الطرح.. فقد تغيرت الحياة وباتت مواقع التواصل الاجتماعى مواقع للتشويش الفكرى والتضليل ومهمة وزير الثقافة إيجاد روافد لتنمية فكر المواطن والنهوض بوعيه، أتمنى إضاءة أنوار كل قصور الثقافة والمسارح ودور العرض، الفن قوة لا يستهان بها. وتقول الفنانة وفاء عامر: بطبعى متفائلة وأرى أن القادم أفضل بإذن الله، ولكن هناك أشياء تستحق الاهتمام والرعاية من وزير الثقافة، عليه أن يدرك أن شركات الإنتاج تعانى الأمرين بسبب ارتفاع تكاليف التصوير فى المطارات والقصور والأماكن الأثرية، ويجب إعادة النظر فى هذا الأمر، لأن ارتفاع التكاليف قد يدفع شركات الإنتاج إلى عمل ديكورات للهروب من المأزق وبالطبع لا يظهر المكان المقصود بالشكل الذى يليق بحجم مصر.. فقد استغلت تركيا الدراما فى تسويق معالمها الأثرية ومناظرها الطبيعية ومصر دولة غنية وثرية ولكن الدولة حتى هذه اللحظة لا تعرف كيف تستثمر الفن فى الترويج السياسى. وأطالب الوزير بعمل مسابقات فى السيناريو، ودعم السينما المستقلة لأن الشباب هم القوة الدافعة للإبداع ومساندتهم أمر طيب.. ويجب أيضاً مضاعفة ميزانية مسرح الدولة حتى يعود النجوم إلى خشبة المسرح.. فقد شاهدنا كيف استطاع الفنان الكبير يحيى الفخرانى أن يجذب الجمهور إلى المسرح من خلال عرضه الرائع «ليلة من ألف ليلة» رفع ميزانية مسرح الدولة يساعد فى جذب النجوم وعودة النجوم يضمن حضور الجمهور.. كما قلت فى بداية حديثى أنا متفائلة وأثق أن الحياة الثقافية فى مصر سوف تتغير معالمها إذا تم وضع خطة كاملة الملامح وهدفها الارتقاء بكل روافد الإبداع.