لم تكن مظاهرات العاملين بقطاع سوق المال صباح الثلاثاء قبل الماضي امام مبني سوق المال بشارع عماد الدين بداية نهاية شهر العسل بين العاملين بالقطاع وأشرف الشرقاوي رئيس الهيئة. فالوقفة الاحتجاجية التي قام بها العاملون احتجاجا علي تدهور الأمور بالقطاع كانت النهاية في سجل «الشرقاوي» من جانب العاملين وان رحيل رئيس الهيئة بات واضحا ومؤكدا في ظل حالة الرفض التام للعاملين لاستمراره. الوقفة سبقتها مذكرة من العاملين بالرقابة المالية بمذكرة الي رئاسة الوزراء حول الاوضاع المقلوبة في الهيئة ،وتطالب «شرف» بتطهير الهيئة. وتضمنت المذكرة التي حصلت « الوفد» علي نسخة منها تقديم إقرارات الذمة المالية لكافة قيادات الهيئة خلال الفترة من عام 2005 وحتى الآن الى جهاز الكسب غير المشروع للتحقق من مدى استغلالهم للنفوذ وتضخم ثرواتهم خلال فترة عملهم بالهيئة. العاملون في وقفتهم الاحتجاجية نددوا بعدم تسويتهم المالية والحصول علي حقوقهم أسوة بالعاملين بقطاع الرقابة علي التأمين، كما رفضوا قيام الرقابة بتحويل العقود من مقطوعة الي شاملة مما يسبب لهم ضرراً مالياً، مطالبين بضرورة فصل سوق المال عن الرقابة المالية ،وانتهي المشهد بلقاء «الشرقاوي» للعاملين بالقطاع وفي محاولة لامتصاص ثورة الغضب وتفويت الفرصة وعد بتسوية اوضاعهم وتشكل لجنة لدراسة كافة مطالب الموظفين والمتضررين من عملية دمج هيئات «سوق المال» و«الرقابة على التأمين» و«التمويل العقاري»، وان هدف اللجنة وضع مقترحات لتوفير مصادر مالية لدفع مستحقاتهم. الي هذا الحد والمشهد يبدو قد انتهي الا أن العاملين بالرقابة يصرون علي موقفهم برحيل «الشرقاوي «عن الرقابة، ولعل المذكرة التي ارسلها العاملين الي «الوفد» تؤكد مدي الانقلاب وسوء الاوضاع في الرقابة المالية وماوصل اليه من احتقان للعاملين ضد «الشرقاوي» بات وشيكا علي الانفجار. تقول المذكرة التي ارسلها العاملون انه «بات واضحا بعد مرور أكثر من ستة أشهر على ثورة 25 يناير أن رياح التغيير التى تفرضها الثورة لم تغير شيئا فى هيئة الرقابة المالية على الرغم من كونها هيئة ذات تأثير كبير فى تحديد هوية ورؤية واستراتيجيات ونوعية الاستثمار والمستثمرين فى مصر فى المستقبل». كما أن طبيعة الاستثمار ونوعية المستثمرين سواء المواطنين منهم أو الأجانب فى البورصة تتحدد بناء على مدى فاعلية الجهات الرقابية وقدرتها على حماية السوق كافة طبقا للمذكرة. قبل ثورة 25 يناير كان الامر سيئاً بالرقابة وكان هناك تحيز للكبار والمحظوظين من المستثمرين أوالشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية أو الشركات المصدرة والتي راح ضحيتها عشرات المستثمرين. وعلى مستوى الشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية فقد كانت خمس شركات تستحوذ على ما يزيد على 80 % من التعاملات بالبورصة المصرية وتحقق ارباحا خيالية على حساب صغار المستثمرين وصغار الشركات. هذه البيئة كانت تسود سوق المال المصرى كانت طاردة للاستثمار الأجنبى المتوسط وطويل الأجل ولم تستطع أن تجذب منه سوى الاستثمار «الطفيلى» قصير الأجل. بعد الثورة وتغيير قيادات الهيئة والبورصة فقد كان الأمل فى تعديل اسلوب عمل الجهات الرقابية بحيث تظهر شخصية جديدة قوية للجهات الرقابية تطمئن المستثمرين على أموالهم لكن أيا من هذا لم يحدث بل إن رئيس هيئة الرقابة المالية الدكتور اشرف الشرقاوى حتى يتفادى ثورة العاملين بالهيئة على الأوضاع المتردية داخلها وعلى استيلاء مجموعة المستشارين من رجال أحمد سعد الرئيس السابق للهيئة على كافة المميزات والمناصب داخل الهيئة ، فقد أوهم العاملين بعدم التجديد لهؤلاء المستشارين فى ذات الوقت الذى سعى فيه الى الحاق هؤلاء على أحد مشروعات المعونة الأمريكية الموجهة لتطوير الهيئة والعاملين بها بما يعنى زيادة فى دخول هؤلاء وكأنها بمثابة مكافأة لهم على التخريب والفساد الذى أصاب سوق المال المصرى نتيجة قراراتهم غير المدروسة ، ولكن الأمر الأغرب فى هذا الشأن هو استمرار هؤلاء فى ممارسة أعمالهم التنفيذية التى كانت موكلة اليهم قبل انهاء تعاقدهم مع الهيئة والحاقهم بمشروعات التطوير الممولة من المعونة فى سابقة هى الأولى من نوعها. ليس هذا فحسب بل إن استخدام أموال المعونة الأمريكية لتمويل هؤلاء وتثبيت مراكزهم داخل الهيئة يعد اهدارا للمال العام المخصص لتطوير أداء الهيئة والعاملين بها ويا ليت الأمر قد توقف عند هذا الحد وإنما سعى رئيس الهيئة الى صرف مكافآت لهؤلاء المستشارين نتيجة انهاء تعاقدهم المباشر مع الهيئة ومرور خمس سنوات على تواجدهم بالهيئة وذلك على الرغم من أن هؤلاء المستشارين لم يغادروا مواقعهم داخل الهيئة ولو ليوم واحد وانما كما سبق وأوضحنا استمروا فى أداء أعمالهم كالمعتاد وحصلوا على زيادة فى الدخل ومكافأة نهاية الخدمة التى لم تنته فعلياً. لقد ارتكب رئيس الهيئة كل هذه الأفعال القانونية والمالية من أجل الحفاظ على أركان النظام السابق ملتفا بذلك على مطالب العاملين بالهيئة له فى بداية توليه مهام الأمور بالهيئة بضرورة استبعاد هؤلاء من دائرة صنع القرار بالهيئة واستغلال اموال المعونة فى وضع خطة لتطوير وتدريب العاملين بالهيئة بهدف ترسيخ رجال «سعد» وكل الذين اضروا بالاستثمار ومصلحة المستثمرين بحسب المذكرة.