علاء فاروق: نخطط لاستبدال زراعة 300 ألف فدان بنجر بالقمح بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر    مندوب فلسطين بالجامعة العربية: حرب غزة شهدت جرائم إبادة غير مسبوقة في التاريخ الحديث    العراق: السوداني وطالباني يناقشان ملف تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية لإقليم كردستان ورواتب موظفيه    شوبير يكشف ما قاله أحمد عبدالقادر بعد أنباء اتفاقه مع الزمالك    «القانون فوق الجميع».. شوبير يتقدم ببلاغ ضد نجم الأهلي السابق    أسيوط: مصرع وإصابة 24 شخصا في حادث مروع بموكب زفاف على طريق محور ديروط    الناس بتحبه بجد .. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    أحمد هنو عن انتقاد أعمار أعضاء المجلس الأعلى للثقافة: هجوم كبير لا أعرف دوافعه.. وميصحش إنه يتقال    الخميس.. ندوة الكتاب الرقمي.. فرص وتحديات سوق النشر بمكتبة الإسكندرية    سارة «بنت الشرقية» تحدت المستحيل وحصدت المركز الأول في الثانوية التجارية    قنا.. خمسيني يرتكب جريمة بشعة تهز قرية المحارزة: ذبح والدته وفصل رأسها عن جسدها    إقامة كأس عاصمة مصر بنظام المجموعات    وزير العمل يستقبل وفدًا من الشركة الروسية العاملة في مشروع الضبعة    دموع حزبية على صندوق الانتخابات    نائبة يونانية: المفوضية الأوروبية تُعطي الحكومة اليونانية الضوء الأخضر لقانون هجرة مثير للجدل    سوريا: انتهاء عملية إخماد الحرائق في جبال التركمان بمحافظة اللاذقية    المناهج والحصص والمواد المضافة للمجموع.. قرارات عاجلة من التعليم بشأن العام الجديد    رئيس جامعة المنوفية يشهد عددًا من الاجتماعات الأكاديمية الهامة بجامعة لويفيل الأمريكية    أقباط مصر يحتفلون بمرور 1608 عاما على رحيل القديس الأنبا بيشوي (صور)    القضاء الإداري: تأييد إدراج 6 مرشحين لانتخابات الشيوخ.. وترك الخصومة في طعنين    بعد موافقة برلمان العصابة …مراكز حقوقية تحذر السيسي من التصديق على تعديلات قانون الإيجار القديم    عاجل- ارتفاع درجات الحرارة غدًا وأمطار رعدية متوقعة على بعض مناطق جنوب مصر    سماع دوي انفجار داخل محطة وقود برمسيس.. ومصدر يكشف التفاصيل    للبيع بالمزاد العلني.. طرح أراضٍ سكنية غرب طريق الأوتوستراد -تفاصيل    رئيس الوزراء يتابع إجراءات تنفيذ الخطة الاستراتيجية لتحلية مياه البحر    التربية على النظرة النقدية    "حصان وبحر وشلال".. رنا رئيس تستمتع بإجازة الصيف أمام أحد الشواطئ    ب«الحجاب».. ياسمين عبدالعزيز تشارك كواليس زيارتها لمسجد الشيخ زايد الكبير (فيديو)    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. أمين الفتوى يفجر مفاجأة    هل يصل ثواب ختم القرآن كاملًا للمتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    محافظ الجيزة: "100 يوم صحة" تستهدف إيصال الخدمات الصحية لكافة المواطنين    متحدث الصحة يكشف تفاصيل مبادرة "100 يوم صحة".. ماذا تقدم؟    هل القيء الصباحي علامة على جرثومة المعدة؟    بيت الزكاة والصدقات يقدم الدعم ل 5000 طفل بقرى محافظة الشرقية    انفوجراف | شروط ومستندات التقديم للتدريب الصيفي بالبنك المركزي المصري    وادي دجلة يضم أحمد الشيمي    مستشفى سوهاج العام تحصل على المركز الثانى فى إجراء جراحات العظام    بهدف تطوير الخدمة الثقافية والتحول الرقمى.. جولة فى موقع وزارة الثقافة الجديد    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    برينتفورد يضم جوردان هندرسون في صفقة انتقال حر لمدة عامين    "الأونروا": ارتفاع معدلات سوء التغذية في قطاع غزة    الاتحاد السكندرى يفاوض إسلام جابر لتدعيم صفوفه فى الميركاتو الصيفى    كل ما تريد معرفته عن كأس العالم للأندية 2029    اليوم نظر محاكمة عامل متهم بقتل زوجته فى الطالبية    زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بعد طلبه تخفيض نفقات طفلتها    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    إلهام شاهين عن صورة لها بالذكاء الاصطناعي: زمن الرقى والشياكة والأنوثة    بحافلة متعطلة.. إسرائيل تلجئ نازحا من طولكرم إلى مأوى من حديد    نيسان تعتزم إغلاق مصنعها الرئيسي في أوباما بحلول مارس 2028 لخفض التكاليف    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    ثنائي بيراميدز ينضم إلى معسكر الفريق في تركيا    «ونعم الرأي».. خالد الغندور يسخر من نجم الأهلي السابق    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف مبنى سكنيًا غرب مدينة غزة    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد يكتب : نجيب محفوظ: لوعة الغياب
نشر في الوفد يوم 24 - 08 - 2015

يوافق الأحد المقبل اليوم الذي رحل عنا نجيب محفوظ فيه قبل تسع سنوات مضت، في يوم لا يزال حياً في حبة القلب كأنه جرى بالأمس.
ربما كان في هذا العنوان قدر من التضليل. فالغياب غياب جسدي، بمعنى أننا لا نقابله ولا نجلس معه ولا نستمع لكلامه ولا نشعر بضحكته المجلجلة الصادرة من قلبه، لكن ما تركه الرجل من نتاج أدبي غزير ومتنوع ونادر، أيضاً ما بقي لنا من مواقفه وثقافته ورأيه في ما يجري في الحياة لا يزال معنا.
هل في القول إن جزءاً منه لا يزال معنا قدر من التصور الشعرى للحياة، أو الوجدان الشعبي في تعامله مع فكرة الغياب والحضور؟ بمعنى آخر هل هو كلام لا نجده في الواقع ولكن نعزي أنفسنا به؟
تسع سنوات هذا العام، أو عشر سنوات العام المقبل، فترة ليست قصيرة، وإن كنا لا نزال نتذكر نجيب محفوظ بالسلب، بلوعة الغياب، فإن مصر - حتى الآن - لم تحاول أن تجعل ذكرى نجيب محفوظ إيجابية، أي أن تفي له بحقه عليها وأن تنفذ ما جرى الإعلان عنه بعد رحيله.
وبعد الرحيل في 30 أغسطس 2006 شكَّل الفنان فاروق حسنى عندما كان وزيراً للثقافة لجنة لتخليد ذكرى نجيب محفوظ، كنت أحد أعضائها، وعقدنا الاجتماعات، وطرحنا التصورات والرؤى. واستقرت الآراء على أن أهم ما يمكن أن نقدمه لنجيب محفوظ إنشاء متحف له توضع فيه مقتنياته ويصبح مع مرور الوقت مدرسة للسرد العربي.
القصة طويلة، وتفاصيلها محزنة. تبدأ من «شدة الغربال» وهو تعبير شعبي يسخر من الاهتمام الزائد عن الحد في البداية الذي يعقبه تراخٍ ثم إهمال وأخيراً نسيان. في المراحل الأولى قمنا بمعاينة أكثر من مكان لكى يكون مقراً لمتحف نجيب محفوظ. راعينا البحث عن أماكن مناسبة في حي الجمالية، حيث ولد نجيب محفوظ وعاش، وحيث لا تزال توجد الأماكن التي كتب عنها بأسمائها في رواياته.
بين القصرين وقصر الشوق والسكرية شوارع لا تزال موجودة، وهى تحمل أسماء ثلاثيته. خان الخليلي لا تزال بقاياه كما هي. وزقاق المدق لا يزال موجوداً، وإن كانت تغييرات الزمن قد ظهرت عليه. وميدان بيت القاضي حيث ولد نجيب محفوظ لا يزال موجوداً. صحيح أن البيت الذي ولد فيه تم هدمه وأعيد بناؤه، ولكنه يوشك أن يكون نسخة من البيت القديم.
وقبو قرمز الذي ظهر في أكثر من عمل أدبي لنجيب محفوظ لا يزال قبواً لم يتم هدمه، وإن كان قد تحول لمقلب قمامة للحي. ففي الزمن القديم عندما كتب عنه نجيب محفوظ كان معبراً بين مكان ومكان، وحياة وأخرى.
أكثر من مكان ذهبنا إليه، وقمنا بمعاينته. ثم استقر الرأي على وكالة محمد بك أبو الدهب، الكائنة أمام المقر القديم للأزهر الشريف أن تكون مقراً لمتحف نجيب محفوظ. وبدأت عجلة الإجراءات. تم تعيين المرحوم المخرج السينمائي المتميز توفيق صالح مديراً للمتحف.
كان المكان يحتاج لبعض التجهيزات حتى يصبح متحفاً للسرديات على مستوى الوطن العربي، وكانت هناك إجراءات روتينية لا بد من القيام بها، وحركة أوراق تروح وتجيء بين دواوين الحكومة؛ مثل نزع ملكية الوكالة من هيئة الآثار التي أصبحت وزارة الآثار لتؤول ملكيتها لوزارة الثقافة، ومثل الاعتمادات المالية ومحاولة البحث عن مخرج للوكالة على ميدان الأزهر بدلاً من بابها الراهن على الباطنية.
بادرت أسرة نجيب محفوظ بتقديم ما كان لديها من مقتنياته الشخصية لصديق عمره توفيق صالح الذي اشترط أن يتسلم المقتنيات موظف مسؤول من وزارة الثقافة بموجب محضر رسمي. ولا تزال المقتنيات موجودة لدى صندوق التنمية الثقافية باعتباره الجهة المسؤولة عن إقامة المتحف.
مرت سنوات على مقتنيات نجيب محفوظ لدى الوزارة دون أن يتحرك موضوع المتحف خطوة واحدة إلى الأمام. والرد جاهز قبل أن نسأل: لا توجد إمكانات مالية لإقامة المتحف في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها مصر. لدرجة أن أسرة نجيب محفوظ تتساءل: أليس من حقها استرداد مقتنياته؟
لم يكن المتحف المشروع الوحيد. قدَّم الصديق جمال الغيطاني لمحافظة القاهرة مشروعاً متكاملاً حول المزارات المحفوظية. والفكرة قائمة على تحديد الأماكن التي كتب عنها نجيب محفوظ أعماله الأدبية. وظهرت في رواياته بأسمائها في أرض الواقع، مثل: خان الخليلي، زقاق المدق، قهوة قشتمر، وبنسيون ميرامار بالإسكندرية، على أن تكون هناك إشارات في الشوارع على شكل أسهم تقول لك إنه على بعد أمتار يوجد الأثر الفلاني لنجيب محفوظ.
وما جرى مع المتحف جرى مع المزارات المحفوظية. لا المتحف أصبح متحفاً، ولا المزارات المحفوظية نراها الآن كمزارات، نعرضها للسياح الذين لا يحضرون إلى مصر في الفترة الأخيرة. ولم يبق لنا نحن سوى أن نتذكر هذه المشروعات ونتحسر على مصائرها في ذكرى رحيله مرة، وفى ذكرى ميلاده مرة أخرى دون أن نستمع لإجابة من أية جهة، لا من وزارة الثقافة، ولا من محافظة القاهرة.
فهل تأتي الذكرى العاشرة لرحيله بعد عام لتجد أياً من المشروعات أو أحدها قد خرج للوجود وأصبح حقيقة مؤكدة؟ أتمنى وأحلم بذلك.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.