سلّط المخرج محمد دياب الضوء على ظاهرة التحرش الجنسي أحد القضايا الشائكة التي تُعد من أبشع وأخطر ما تواجه المرأة والفتيات على حدٍ سواء أثناء تسلقهن للحافلات العامة يوميًا، كما أكد من خلال فيلمه "678" أن ظاهرة التحرش لا تقتصر فقط على الفتيات ذوي الملابس المتبرجة، وهذا ما أبرزته الفنانة بشرى بشكل واضح من خلال تجسيدها لدور سيدة محجبة تدعي "فايزة"، تنتمي لأسرة فقيرة وتقطن في أحد المناطق العشوائية، تعاني من أجل تدبير نفقات الحياة مع زوجها، وتتعرض للتحرش بشكل يومي أثناء استقلالها للأتوبيس، مما أدي لاصابتها بمشاكل نفسية جسيمة كادت أن تؤثر على تواصلها الجنسي مع زوجها. فايزة هي ليست قصة فريدة أو مجرد شخصية خيالية، بل هي محاكاة لواقع ومجتمع يستبيح جسد المرأه ويتربص له وينتهك حقوقها دون خشوع من ذلك. في هذا السياق، يوضح الدكتور محمد عادل الحديدي أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة قائلًا :" إن ظاهرة التحرش من القضايا الشائكة التي تتعرض لها الفتيات في المجتمع الذكوري بشكل يومي، الذي يلقي باللوم على الفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش بدلا من مرتكبيه بحجة طريقة كلامها وملابسها المتبرجة". ويضيف الحديدي :"هناك العديد من الفتيات والسيدات المحجبات وغير المحجبات يتعرضن للتحرش"، لافتا إلى أن ظاهرة التحرش لا تقتصر على الفتيات ذوي الطبقة المتوسطة أو الفقيرة أو الثرية، وغير مرتبط بالتزام الفتيات. ويشير إلى أن المتحرشين يتربصون بالفتيات الدؤبات ذوات الأخلاق الرفيعة اللواتي لا يسببن لهم أي مشاكل أو عواقب أثناء قيامه بالتحرش بها بغض النظر عن ملابسهن أو مظهرهن، عن دون الفتيات اللواتي يأخذن حقوقهن بالصراخ والعويل، مؤكدا أنهم يلجأون إلى الأماكن العامة أو المزدحمة المتكدسة بالسكان كالأسواق التجارية أو وسائل النقل والمواصلات العامة لافتعال جريمتهم واشباع غرائزهم. ويروي الحديدي قائلا :"تنتاب الفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش لحظات من الرعب والشعور بالإنكسار وفقدان الثقة بالنفس بالإضافة إلى شعورها بالنفور تجاة أي شخص أو في تواصلها الجنسي مع زوجها مثل ما رأيناه بشكل واضح في مشهد فايزة في فيلم 678 عند رفضها لإقامة علاقة حميمة مع زوجها، فضلًا عن التغييرات الفسيولوجية التي تلحق بها كالشعور بالصداع، والفوبيا، والأرق، وكذلك اضطرابات في الجهاز الهضمي". ويتابع :"قد تختلف ردود أفعال النساء اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي، فبعضهن تتعرض لصدمة ولا تحاول أن تدافع عن نفسها، وتكتفي بمغادرة المكان أو البكاء الشديد، وتشعر بالندم بعد ذلك لأنها لم تحمي نفسها، فضلا عن شعورها بالدونية والأهانة بأنها جلبت العار لأسرتها". ويستكمل الحديدي حديثه قائلًا :"وفي المقابل هناك العديد من الفتيات يتعاملون مع الظاهرة بالمواجهة والصراخ والعويل، وهذا يقطع شوطا كبيرا في درء المخاطر النفسية والجسمانية الجسيمة التي يمكن أن تتعرض لها الفتاة، ويؤثر على حياتها ومستقبلها وفي علاقتها بالآخرين بالسلب". ويؤكد الحديدي قائلا :"أن مواجهة المتحرش تُعد خطوة أولى لتجنب المخاطر الجسيمة التي تلحق بالفتيات اللاتي تعرضن للتحرش، وتأهيل الفتاة نفسيا بعد تعرضها للتحرش، حينئذ ستشعر الفتاة بالهدوء النفسي وستتغلب على خوفها وغضبها بأنها ليست كائن ضعيف وجسدها حرمة يجب أن يكرم ولا يهان، وهو ليس ملكا لأحد". ويضيف :"أن قوانين التحرش لا تُعد حل جذري لمكافحة ظاهرة التحرش الجنسي، بل يجب تغير ثقافة وفكر المجتمع في نظرته للمرأة باعتبارها أداة جنسية يشبع منه غرائزة الهو". ويؤكد، أن انعدام النخوة لدي الكثير من الرجال والشباب واكتفاءه بدور المشاهد فقط، ساعد على انتشار ظاهرة التحرش بشكل مبالغ فيه. مؤكدا أن في الولاياتالأمريكية يعاقبون المتحرش فور رؤيتهم لظاهرة تحرش في الطريق على الرغم من تمتعها بالانفتاح الجنسي. ويشير إلى أن الأسر والأشخاص المحيطين بالفتيات اللاتي تعرضن للتحرش يقع عليهم عاتق كبير في تخلص الفتاة من الشعور بالنفور والتدني تجاه ذاتها، وذلك باعتبارها ضحية ومجني عليها وليست جاني وأن اللوم يقع على المجتمع وليس لها أي سبب في هذه الظاهرة. ويختتم الحديدي حديثه الموجه إلى الفتيات اللاتي تعرضن للتحرش بالمطالبة بحقوقهن تجاه المتحرش، ومواجهه الظاهرة بكل قوة وصلابة، وإخراج طاقة الغضب التي بداخلها، من خلال التعبير بالكلام أو الصراخ والعويل أو توجيه رسالة للمتحرش بتوبيخه لفظيا".