في عام 1946 أشار بعض العرب علي الملك فاروق باتخاذ استراحة ملكية في أحضان الطبيعة، بعيداً عن الزحام .. وعندما سأل الملك عن المكان قيل له أبعد ما تكون عن القاهرة، وأشار إليه البعض باتخاذ استراحة له أولاً في حلوان، باسم «ركن فاروق» تكون تمهيداً للوصول إلي استراحة وادي الرشراش التي تقع علي بعد 30 كيلو من طريق الكريمات الدولي بالصف. الآن وفي 2011 قررت «الوفد الأسبوعي» أن تزور الاستراحة الملكية التي كانت مخصصة لصيد الغزلان باستخدام سيارة دفع رباعي لم تتجاوز سرعتها 60 كيلو متراً بسبب وعورة الطريق.. إذ لا يمكن لأي شخص أن يصل إلي الاستراحة من دون اصطحاب دليل خبير بالمنطقة، وإلا فالتيه في الصحراء مصيره الأكيد. الاستراحة تقع علي حوالي 30 فداناً ومكونة من 10 مبان مختلفة الأغراض لكنها اتفقت جميعاً في لون الطلاء «البيج» القريب من لون الرمال، تم تقسيمها إلي جزءين أساسيين، الأول بعد بوابة الاستقبال وتقع فيه غرفة نوم الملك فاروق التي تبلغ مساحتها 200 متر وبها حمام بالسيراميك الإيطالي. وتطل شرفة الاستراحة المبنية علي الطراز الإيطالي البسيط علي حديقة خاصة بالغزلان حتي يستيفظ الملك علي رؤيتها وتبلغ مساحة هذه الشرفة حوالي 6 أمتار. ومازلنا في الاستراحة حيث يقع «دولاب» الملك، وهو ليس مصنوعاً من الخشب بل تم صنعه داخل أحد الحوائط المواجهة للشرفة، وتبلغ مساحتها حوالي 3 أمتار، وحتي يأمن الملك علي نفسه من شر الزواحف القاتلة، خاصة الأفاعي، تم تصميم سلم خشبي يوضع أسفل باب الاستراحة ويتم رفع السلم بعد صعود الملك إلي غرفة نومه وذلك حتي لا تتسلق الأفاعي عليه وإمعاناً في الحماية تم تصميم «حواف حديدية» بطول وعرض الاستراحة وتأخذ شكل «منحني» وذلك لأن الملك كان يعرف أن الأفاعي حتي تتسلق فإنها تأخذ الشكل المستقيم في الصعود وإذا صعدت ووجدت منحنيات فإن مصيرها السقوط علي ظهرها. لم تخل استراحة الملك من وجود 6 هوايات قرب السقف تم حمايتها بأسلاك متشابكة مثل «المصفاة» حتي لا تدخل منها الحشرات. في أعلي السقف «جنش» يوجد به أثر لإحدي «الثريات الملكية» المعروفة بالنجف، وفوق مكان الدولاب يوجد حتي الآن ثلاث «جنشات» في وضع هرمي، الأول لوضع صورته والاثنين الآخران لوضع صور أخري لم نستطع معرفتها. 31 درجة سلم ستكون مضطراً للمرور عليها إذا فكرت في النزول إلي حديقة الغزلان التي أمر فاروق بتشييدها وهي مكونة من ثلاث قطع، الأولي عبارة عن «قفص» لوضع الغزلان التي كان الملك يصيدها داخله حتي يأمر بذبحها، أما الحديقة الأخري فهي خاصة بمجموعة النخل، حيث مازال هناك مجموعة من النخيل «الملكية» ويبلغ عددها 15 نخلة و3 من الجذوع وشجرة وحيدة تسمي شجرة «السيال» ويتم استخراج مادة من تلك الشجرة للعلاج مثل «المضادات الحيوية» وتم استقدام «الطين» لزراعة النخيل من منطقة تقع بجوار نهر النيل قرب العياط، وتم استخدام «الجمال» لنقل الطمي وجميع مواد البناء الخاصة بالاستراحات الملكية. بينما الجزء الثالث من الحديقة فإنه أيضاً يستخدم لوضع الغزلان الصغيرة لتربيتها حتي تكبر وتلحق بأخواتها علي أسياخ الشواء، كما يقع في الحديقة بناء يوضع فيه مولد كهربائي وأيضاً موتور لرفع المياه اللازمة للاستراحة. المبني الثاني في الاستراحة مخصص لضيوف الملك القلائل وهو مبني بنفس طول الاستراحة 6 أمتار وأكثر شخص أقام بهذا المبني كان أحمد حسنين باشا رفيق الملك ورئيس ديوانه. المبني الثالث وهو الأهم في الاستراحة ويسمي «المخزن» حيث يوضع فيه مخزون الطعام اللازم للملك طوال فترة الصيد، ويبلغ طوله 3 أمتار تحت الأرض، ويتم النزول إليه بسلم خشبي به 18 درجة ويتكون من 10 أرفرف علي الجانبين لوضع المخزون من الأطعمة. وبمسافة 3 أمتار يقع «الفرن الملكي» ويتكون من طابقين، الأول لوضع «الحطب» والثاني لوضع الأطعمة المراد تحضيرها، وهو مصنوع علي الطراز الإنجليزي حيث تم بناؤه بالطوب الحراري ليكون صحياً، وتبلغ مساحة غرفة الفرن حوالي 60 متراً مربعاً وبطول 6 أمتار تحديداً ويوجد أعلى المبنى «مدخنة» لخروج الدخان. المبنى الرابع في الاستراحة الملكية هو «الاسطبل» وتبلغ مساحته حوالي 400 متر تلج اليه عبر باب خشبي بطول 4 أمتار، وداخل الاسطبل تجد على جانبين 6 من احواض العلف ثلاثة في كل جانب ينقسم الحوض الى اثنين الاول خاص بوضع طعام الخيول، والثاني خاص بالماء. المبنى الخامس باستراحة الجنود والمصاحبين للملك ويبلغ طوله ايضا 6 أمتار وبه 6 من النوافذ الطولية منها نافذتان تطلان على استراحة نوم الملك مباشرة. المبنى السادس للسايس الذي يقوم على خدمة الخيول وهو عبارة عن غرفة مساحتها 30 متراً بطول 6 أمتار وبجوارها يقع «حوض للمياه» يسقي منه السايس الحيوانات. المبني السابع عبارة عن «تكعيبة» كان يجلس تحتها الملك فاروق للاسترخاء ولمتابعة عمليات ذبح الحيوانات في «المذبح» الذي هو المبني الثامن في الاستراحة والمذبح عبارة عن مساحة من الارض تبلغ مساحتها 20 متراً وبها «بلاط» محاط بسور صغير يقع في آخره «مصفي» لتصريف المياه والدماء. وبحسب شهادة الشيخ سليم أبوإبراهيم من كبار قبيلة العمارين التي تقع الاستراحة في منطقتها فإن أم كلثوم كانت تقيم حفلات غناء خاصة للملك فاروق وحاشيته في هذه الاستراحة. أما المبني التاسع فهو ذات المكان الذي كان يربض فيه الملك لصيد الغزلان التي تقترب من المياه وهو عبارة عن سور دائري الشكل بمساحة 10 امتار مربعة وطوله لا يتعدى 3 امتار وبه صخرة كبيرة وفتحة كان ينظر منها الملك على الغزلان حتي لا تراه وعندما تقترب يقوم باصطيادها والمبني به باب خشبي يتم اغلاقه من الداخل. المبني الأخير في الاستراحة عبارة عن 3 أبراج للحمام تم بناؤها بمساحات ومواصفات خاصة حيث يبلغ طول البرج حوالي 10 أمتار فوق سطح الأرض والأبراج الثلاثة صنعت ب «المسطرة» حسب تعبير خالد سليم ابن الشيخ سليم الأبراج متساوية الطول والمساحة حتي إذا نظرت إلي واحد منها من أي زاوية فإنك لن تلحظ الفرق إطلاقاً وكأنك تراه برجاً واحداً، ويقع 3 «مشارب» للحمام واحدة أمام كل برج وكان الملك يصعد إليها عن طريق سلم خشبي عفي عليه الزمن. ويوجد بالاستراحة برج حديدي يبلغ طوله 51 متراً لتوليد الطاقة الكهربائية ويقع آخره مروحة عتيقة وأهم شيء يلفت نظرك في الاستراحة وجود «بوصلة» في أعلي الجبل حتي يثبت للملك اتجاه الرياح ويمكنه تحديد مكان الغزلان حتي يذهب لصيد ما في حال خروجه من الاستراحة وهذه البوصلة ذات أربع اتجاهات وفي أعلاها يقع العلم الملكي ذو اللون الأخضر حيث هلال أبيض يحتضن النجوم الثلاث. وفي الطريق المؤدي للاستراحة قبر يعود لأحد خدام فاروق وهو رجل من محافظة أسوان وتحديداً من قبيلة العبابدة وافته المنية أثناء مرافقته للملك في إحدي رحلاته فتم دفنه بجوار الطريق المؤدي إلي الاستراحة وقد كتبت علي قبره علامات ورموز لم نستطع أن نفك شفرتها سوي علامة (1112) التي أشار إليها الشيخ سعد رفيع بأنها تدل علي كونه أسواني من القبيلة السالفة. والتقينا أيضاً الشيخ سعد رفيع الذي حكم فاروق علي جده بالنفي والتعذيب خارج المكان، لأنه تجرأ وقام بصيد الغزلان من الأماكن الملكية المحرمة وبعد التوسط بمحافظ الفيوم وذلك 1951 قبل قيام الثورة بعام واحد.