«محمود» أخرج 9 جثث ويؤكد: الناس ماتت «علشان ملقتش حد ينقذها» شهود عيان: وجود مدخل واحد للمبني ضاعف المأساة ومن لم يمت حرقاً مات مختنقاً أحد الناجين: زملاؤنا احترقوا أمامنا.. والأهالي أخرجونا من الشبابيك ب«ونش» بعد مرور ساعات على حريق مصنع الاثاث المكتبى المنكوب فى مدينة العبور، مازالت رائحة الموت تملأ المكان ،لم تكن الصورة كعادة مثل هذه الكوارث يعقبها الصراخ والعويل، الوضع مختلف، أهالى الضحايا لم يظهروا في المشهد، لأن الموت حضر فجأة دون سابق إنذار، صوت خراطيم المياه وتصاعد هبات الدخان على استحياء بعد أن سحقت أنفاس الضحايا وقيادات أمنية مشغولة بمكالمات هاتفية للإبلاغ بأعداد الضحايا هو المشهد المسيطر على المكان، الكارثة ظاهرها قضاء وقدر لكن باطنها اهمال من جانب مسئولين استهتروا بأرواح المواطنين، سمحوا لصاحب مصنع بالاستمرار بالعمل رغم عدم مطابقته لشروط الأمن الصناعى وصدور قرارات إزالة له ،وشكوك فى صحة ترخيصه إن وجد، وكانت النتيجة موت 25 عاملاً من فقراء الوطن، خنقاً وحرقاً، كانوا سنداً وملاذاً لعائلاتهم. انتقلت «الوفد» إلى موقع الحادث والتقت بعدد من الناجين وشهود العيان الذين تحدثوا عن الكارثة، قال أحمد ربيع أحد الناجين من الموت: المبنى مكون من 3 طوابق وبدروم أرضى به مصنعان، الأول يحتل 3 طوابق وهو مصنع «الحلو ستايل» للكراسي والآخر مصنع لدهان وتشطيب الاثاث المكتبى فى البدروم، مضيفاً، فى حوالى الساعة العاشرة صباحاً سمعنا صوت انفجار قويا صادرا من الطابق الأول وبدأت النيران فى الاشتعال وتعالت صرخات العاملين فى محاولة للهرب وبعد أن حاصرت النيران المدخل الوحيد للمبنى أسرع من فى البدروم والطابق الأول بالصعود لأعلى بعيدا عن ألسنة اللهب وفى لحظات انهار السلم، وتم احتجازنا بالطابق الثانى والثالث وصار الموت قريبا حتى قام بعض الأشخاص من خارج المبنى بإحضار ونش وقاموا بإخراجنا من الشبابيك، مضيفاً فى حزن شديدا شاهدنا زملاءنا يموتون أمام أعيننا ولم نستطع مساعدتهم، وقال احد شهود العيان للحادث يدعى أمير فوزى: حوالى الساعة العاشرة إلا ربعا صباحا سمعنا انفجارا كبيرا أسرعنا نحو مصدر الصوت وجدنا دخانا كثيفا والنيران تلتهم المصنع، طلبنا المطافئ بسرعة وحضرت سيارتين بعد حوالى نصف ساعة وسرعان ما نفدت منهما المياه، ثم حضرت سيارتان آخريان وبعد مرور وقت كبير حضرت سيارات كثيرة. وأشار إلي أن عملية الإطفاء اختلفت بعد حضور سيارات مجهزة بسلام استطاع من خلالها رجال الإنقاذ الوصول للأدوار العليا ولكن بعد فوات الاوان حيث التهمت النيران كل شىء ومات العمال بالداخل، مضيفا أنه قام بمساعدة آخرين بتكسير اللافتات التى تغطى شبابيك المصنع لإخراج بعض العمال منها، منتقداً أصحاب المصنع الذين لم يراعوا ضميرهم فى اتخاذ وسائل الأمان الكافية، وقال هانى محمد على عامل بالمصنع وحارس عليه بعد انتهاء الوردية سمعنا صوتاً قوياً صادراً من مصنع الدهان وتشطيب الاثاث بالبدروم لدرجة أن نافذة تطايرت من شدة الانفجار إلى منتصف الشارع وبدأت النيران فى التهام كل شىء بسرعة شديدة جعلت من فى الأدوار العليا لا يستطيعون النزول والخروج من المبنى، خصوصاً بعد انهيار السلم ولجأ الكثيرون إلى النوافذ بحثا عن الهواء بعد أن امتلأ المبنى بالدخان الكثيف وقاموا بتكسير اللافتات التى كانت تغطيها كلها. وأضاف أن سعداء الحظ من تمكنوا من الخروج عن طريق تلك النوافذ بمساعدة الاهالى ،وأضاف أن انفجار 7 اسطوانات من البوتاجاز ذات الحجم الكبير ساعد على شدة النيران، والتهمت كل شىء فى طريقها، بالإضافة إلى وجود مواد كلها قابلة للاشتعال، شاب صحيح البنية تبدو عليه علامات الغضب الشديد اقتربت منه وسألته هل تعمل فى المصنع كانت الإجابة بالنفى ثم أضاف مسترسلا فى الغضب أنا أخرجت 9 جثث من الداخل بينهم فتيات وكان ممكن أطلع أكتر بس نفسى اتقطع، واللى أصابني بالحزن ان الجثث كانت غير محترقة، لانهم ماتوا بالاختناق لما معرفوش يطلعوا والإنقاذ اتأخر عليهم، يعنى ناس كانت بتموت علشان فيه ناس تكاسلت عن دورها، وهاجم الشاب الثلاثينى محمود صديق محمد رجال الحماية المدنية قائلاً «كانوا رافضين إنقاذ العمال بالداخل خوفاً من انهيار المصنع على رؤوسهم»، آمال جايين ليه،طلبت منهم يعطونى المعدات بتاعتهم علشان ماكنتش عارف أتنفس من الدخان ولكنهم رفضوا ،مضيفا لو كان فيه انقاذ سريع لانخفض عدد الضحايا، الله يرحمهم، عمال غلابة، اتحرقوا علشان أكل العيش، وصب الشاب الثلاثينى جام غضبه على أصحاب المصنع والمسئولين قائلاً «المصنع لا يوجد به أى وسائل أمان ولا يوجد به سوى منفذ واحد للخروج حاصرتهم النيران، مين اللى سمح له بالعمل وأعطاه ترخيص،حتى المطافئ لما المياه خلصت منها لم تجد حنفية خاصة بالمصنع ، وخدوا مياه من مصنع اصباغ ملاصق لهم ،ولأن الفساد فى كل حتة والنتيجة المواطن الغلبان بيموت من غير ثمن. التقط أنفاسه قليلاً، ثم بدأ يروى قصة الانقاذ الذى نفذها الاهالى بعد وقوع الحريق والتى ساهمت فى تقليل عدد الوفيات «فور وصولنا إلى المبنى وتصاعد اللهب أمام المدخل الرئيسى واحتجز العاملون بالداخل وأسرعنا فى البحث عن ونش ولم نستغرق وقتا طويلا حتى وجدناه، لم يتأخر السائق عن تقديم المساعدة ،وصلنا إلى موقع الحريق وبدأ الدخان الكثيف يتصاعد ليغطى سماء المنطقة، وكانت المشكلة فى الوصول الى اعلى المبنى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ربطنا برميل بهوك الونش وقام السائق برفعه إلى أعلى بالقرب من النوافذ، وكانت جميعها مغطاة باللافتات الضخمة والإعلانات، قمنا بتكسيرها وبدأ فى إنزال العمال ولكنها كانت عملية صعبة للغاية، حيث إن الونش غير مجهز لذلك ولكننا استطعنا انقاذ بعض الأرواح. أسماء الضحايا: حصلت «الوفد» علي أسماء 13 جثة من ضحايا حريق مصنع العبور تم استقبالهم في مشرحة مستشفي السلام وتسليمهم إلي أسرهم وهم: محمد مصطفي محمد، حنفي المنجد، أحمد عبدالسلام، محمد عبدالسلام محمد، رامي محمد سيد، إيهاب جابر أحمد، محمد حسن زكي، كريم رمضان إبراهيم، يوسف خالد فراج، أحمد بدوي محمود، محمد يحيي السيد، محمد السيد أبوضيف.