الزيارة المفاجئة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس "خالد مشعل" والوفد المرافق له، الذي يضم مسئولين كبارًا في حركة المقاومة الإسلامية"حماس"، والتي لم يعلن عنها من قبل، تأتي في ظل أجواء من الترقب والضبابية التي تشهدها المنطقة، خصوصًا بعد أيام من إعلان التوصل لاتفاق نووي بين إيران والدول الكبرى. تأتي الزيارة غير المتوقعة، كمؤشر لمحاولة سعودية جادة لعزل إيران وتقليم أظافرها وتقليل نفوذها بالمنطقة، عبر إخوان فلسطين "حماس"، خصوصًا بعد الاتفاق النووي لطهران مع الدول الكبرى قبل أيام، والذي لم يجد ترحيبًا سعوديًا. ويمكن القول إن سياسة المملكة خلال الأسابيع الماضية تهدف إلى الحد من "التغول الإيراني" في المنطقة، من خلال اتخاذها خطوات أخرى بدأت بتنامي التقارب السعودي التركي، الذي بدا ملحوظًا، ولمواجهة ما يحققه تنظيم داعش الإرهابي من مكتسبات على الأرض وتمدده في دول الجوار. وفي هذا الإطار تأتي زيارة "مشعل" بعد ثلاث سنوات من الجفاء والفتور في العلاقة بين السعودية و"حماس"، لم يزر خلالها مشعل أو مسئولون رفيعو المستوى من الحركة الرياض، ما جعلها تضع علامات استفهام كبيرة حول مغزى ومدلول الزيارة، وتوقيتها، خصوصًا وأن مصادر من داخل الحركة قالت إن "مشعل" التقى أمس الجمعة، في مكةالمكرمة، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقيادات سعودية رفيعة المستوى, حيث تناولت المحادثات قضايا بينها المصالحة الفلسطينية. ونقلت "رويترز" عن مصدر من حماس أن الاجتماع، الذي حضره ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، تناول الوحدة الفلسطينية والوضع السياسي في المنطقة، لافتة إلى أن "الحركة" تأمل أن يساعد الاجتماع في تطور العلاقات بين حماس والسعودية. وقالت مصادر أخرى من داخل "حماس" إن مشعل والوفد المرافق الذي يضم القياديين البارزين موسى أبو مرزوق ومحمد نزال وصالح العاروري أدوا صلاة العيد مع الملك سلمان في مكةالمكرمة. ووفقا لأحد المصادر فإن رئيس الاستخبارات السعودية خالد بن علي بن عبدالله الحميدان التقى رئيس المكتب السياسي لحماس والوفد المرافق له يوم أمس. وتأتي زيارة مشعل، في وقت أكد فيه إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس حرص الحركة على إقامة علاقات طيبة مع الدول العربية والإسلامية، مشيرًا إلى أنه "ليس لدينا أي عداء مع أشقائنا العرب, ولا نعادي إلا الصهاينة المحتلين لأرضنا ولمقدساتنا، ولا نتدخل في الشأن الداخلي للدول العربية والإسلامية, ونحب لها الأمن والأمان والاستقرار كما نحبه لأنفسنا". وكان وفد "حماس" وصل الأربعاء الماضي، إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، في زيارة هي الأولى من نوعها للسعودية منذ يونيو 2012، حين وصلت "جماعة الإخوان" إلى سدة الحكم في مصر. الزيارة "المفاجئة" وغير المتوقعة قد تلقي بظلالها على أوراق اللعبة في المنطقة، وتوجهات السياسة السعودية خلال الفترة القادمة، خصوصًا وأن حماس تعد أحد أبرز الأذرع القوية لجماعة الإخوان في المنطقة، في ظل ضبابية المشهد السياسي والملفات الشائكة بالمنطقة، وترقب مصري متوقع لمدلول وتوقيت الزيارة وما ستسفر عنه على أرض الواقع.