ستظل معركة الأول من يوليو على أرض سيناء علامة مهمة في الحرب ضد الإرهاب، اذ كانت مصر وجيشها الوطني على الدوام هدفاً للمؤامرات. وكان الظن بعد اختطاف ثورة يناير، بعد استيلاء الإخوان على الحكم بدعم أميركا ومن يوالونها ويتبعونها، أن الوقت قد حان لتركيع مصر والحصول على الجائزة الكبرى كما كانوا يسمونها، والبدء في إنهاء خطة تسليم الوطن العربي «لإخوان الإرهاب» وأنصارهم. في الأول من يوليو الحالي كان المشهد كاشفاً، قبله كان الإخوان وحلفاؤهم يواصلون عملياتهم في عمق مدن مصر لاستنزاف قوى الأمن التي بلغت أوجها مع عملية التفجير التي أودت بحياة النائب العام هشام بركات. ومع عدد من التفجيرات الصغيرة في مدن مصر والتهديدات المتلاحقة من وسائل إعلامهم بحق الوطن الذي لم يعرفوا أبداً معنى الانتماء إليه.. جاءت أكبر العمليات الإرهابية التي شهدتها سيناء الهجوم على 14 كميناً أمنياً ومحاصرة قسم شرطة وبعض الأبنية الحكومية في مدينة الشيخ زويد، واستخدام سيارات مفخخة وأسلحة متقدمة منها أسلحة مضادة للطائرات. نعم.. سقط حوالي 20 شهيداً مصرياً في قتال استمر طوال اليوم، وفي مطاردات مازالت مستمرة، لكن العالم كله رأى من أسموا أنفسهم في بداية المعركة وفي أول بياناتهم الذي احتفت به قنوات تلفزيون عميلة «أسود الخلافة في ولاية سيناء» وهم يتكومون قتلى بالعشرات، وسمع صراخهم في أجهزة الإرسال لمن أرسلوهم لحتفهم «الحقونا». قدر المتحدث العسكري المصري من شاركوا في الهجوم بحوالي 300 إرهابي سقط منهم في الساعات الأولى أكثر من مئة. بعد المعركة كان الرئيس السيسي يلتقي جنوده في موقع الأحداث بقلب سيناء. كان يرتدي زيه العسكري ويؤدي التحية العسكرية لجنود مصر البواسل ولأرواح الشهداء الذين قدموا وسجلوا أسماءهم بحروف من نور. أحداث أول يوليو تمثل نقطة فاصلة في هذا الصراع ضد عصابات الإرهاب ومن يدعمونها من داخل المنطقة ومن خارجها. الأداء البطولي لجنود مصر لم يكن فقط نتيجة جاهزية عسكرية معروفة لدى جيش مصر، لكنها أيضاً نتيجة إيمان عميق بوطن يستحق الاستشهاد في سبيله ونتيجة طبيعة هذا الجيش الوطني الذي لم يعرف يوماً طريق الفرقة على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة. ونتيجة هذا التآلف الذي جمع الكل في جيش واحد، وتختلط فيه دماء المسلمين والمسيحيين دفاعاً عن الوطن.. كما حدث على مر السنين. ولا يقل روعة عن ذلك هذا الاصطفاف الوطني الكامل من شعب مصر بأكمله حول جيشه، وهذه الثقة التي لا تنفصم بين الجيش والشعب. وهذا الاستعداد للتضحية والتحمل لتوفير كل ما يلزم من أجل الانتصار في حرب لا مجال فيها للمهادنة ولا طريق إلا الانتصار. تأكد سقوط كل الأقنعة. انكشف للجميع أن «الإخوان» و«داعش» وبقية العصابات التي ترفع لافتات مختلفة كلها في تحالف وثيق ضد مصر وشعبها وجيشها. كما انكشف أن كل هذه العصابات ليست إلا أدوات تستخدم في مخطط تدمير الوطن العربي. يشارك -للأسف الشديد- أطراف عربية وإقليمية مع قوى خارجية تمسك بالخيوط، وتعد المخططات، وتوجه التعليمات لعصابات الإرهاب كما لحكومات هذه الدول وأجهزة مخابراتها وأدواتها الإعلامية المسمومة. لم تسقط الأقنعة وحدها عن عصابات الإرهاب.. بل سقطت تلك الصورة التي أرادت «داعش» أن تبث بها الرعب والترويع طريقاً لإقامة خلافتها المزعومة وأداء دورها في إسقاط المنطقة في جحيم الإرهاب والحروب الطائفية. ويبقى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد حرص في تصريحاته الأولى عقب هذه المعركة الحاسمة على تأكيد ضرورة التحالف العربي في مواجهة الإرهاب، بعض الأقطار العربية الشقيقة «مثل دولة الإمارات» قدمت نموذجاً يحتذى في الوعي بالخطر وبذل كل الجهد في دفعه وفي إدراك أن المصير العربي واحد، والعدو مشترك، والمؤامرة واضحة، وصمود مصر وجيشها هو مفتاح الانتصار على هذا الخطر. نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية