ميزان النجاح والسعادة في اختيار الزوجة هو توجيه النبي (صلي الله الله عليه وسلم) يقول «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»؛ وفي توجيه المرأة ووليها، قال: صلي الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»؛ رواه الترمذي وابن ماجة. وكثيراً ما تحدث المشاكل من جهة التفريط في تحقيق هذا التوجيه النبوي الكريم، وكم من الناس لا يُدرك المعني العظيم لما سماه الله ميثاقاً غليظاً، قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: «إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»؛ متفق عليه. ومن هنا، كانت رعاية هذا الميثاق والتعامل بانضباط متقن بين الزوجين، وإشاعة أجواء الأمان والعاطفة من علامات الزواج الناجح، لاسيما وقد توعد الشيطان بإغواء بني آدم والعمل علي التفريق بين المرء وزوجه. ولكي تحصل المودة والرحمة والسكن، وليحقق الزواج أهدافه التي شُرع من أجلها فلابد من تكرار التوجيهات لزواج ناجح - بإذن الله -. فيا أيها الزوجان: صلا ما بينكما وبين الله يصل الله بينكما. فكم من معصية شتتت أسرا سعيدة، وكم من ذنب أحالها إلي حياة مريرة، (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) (الشوري: 30). ومن أراد الحياة الهانئة فليقرأ قول الحق - سبحانه -: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) (النحل - 97). فتأليف القلوب ليس - والله - بالأثاث والملبوسات، ومجرد الكلمات والعبارات، وإن كانت أسباباً مطلوبة مرغوبة، ولكن الألفة من الله، والحب عطاء منه، كما قال - سبحانه -: «وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم» (الأنفال: 63). الهدية مفتاح القلوب، بها تُستجلب المحبة، وتُعزز المودة، وتدرأ بها الضغينة، ولقد أوصانا رسول الله - صلي الله عليه وسلم -بقوله: «تهادوا تحابوا»؛ أخرجه البخاري في «الأدب المفرد». أيها الزوجان: تجنبا المراء والجدال، وأحسنا في الأقوال بينكما والأفعال، وتحاورا بلطف ولا تتجادلا؛ فإن المخالفة توغر الصدور، وكثرة المجادلة تقتل الحب والسعادة. وقديما قيل «طول المرافقة من كثرة الموافقة». إن الحياة الزوجية ليست مسلسلاً من المواقف العاطفية والأحلام الوردية، وإن الكمال عزيز. وقد يختلف الزوجان، وهذه سنة الحياة وطبيعة البشر، إلا أن البيت الصالح المؤسس علي التقوي، والذي عرف فيه الزوجان ما لهما وما عليهما، لا يتأثر سلباً بالخلاف، بل يزيده ذلك تماسكا، ويكسبه إدراكاً ووعياً، فيصلح الخطأ، وتسد أبواب الشر. عباد الله الاحترام المتبادل من أقوي علامات الاستقرار الأسري، ومن دعائم تثبيته، يجب أن تعرف المرأة قدر زوجها وفضله، ومكانته في البيت، كما يقدر الرجل وضع المرأة، ويعاملها كشريك حياة لا كشريك تجارة. وكل إحسان يقدمه أحد الزوجين فإنه يصنع به السعادة لنفسه قبل شريكه، وقد قالت الناصحة لابنتها: «كوني له أمة يكن لك عبداً». التغافل وغض الطرف عن بعض الهفوات مطلب أساسي في استقرار الأسرة؛ فالحياة الزوجية مبنية علي التلقائية وعدم التكلف، والمرء يعترضه من هموم الحياة ما يجعله يتصرف في بيته بتلقائية وصراحة. فلابد من التفهم والتقبل. وإن من كيد الشيطان: ما علق بالناس من لوثات الأفلام والمسلسلات، ووسائل التواصل والقنوات، والتي أورثت رُكاماً هائلاً من التصورات الخاطئة عن الحياة الزوجية، وأفسدت أخلاق الناس، وقررت في نفوس متلقيها مبادئ مغلوطة، وقلبت المفاهيم أبواب شر عظيم، فضلا عن باب المقارنات والانشغال بالآخرين. أما حُطام الدنيا، فكم من أسرة تمزقت بسبب المال، وكم من محبة قتلت بسبب المال!!