في الوقت الذي تحتفل فيه الدولة بعيد العمال، يعاني العمال من تدهور أحوالهم، وتزايد معاناتهم وأوجاعهم الناتجة عن ضياع حقوقهم –حسبما أكدj القيادات العمالية. واعتبر القيادات العمالية أن أوضاع العمال ساءت في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع الأسعار، وتراجع الاتحاد العام لعمال مصر والنقابات المستقلة عن الدفاع عنهم، وسيطرة رأس المال على العمال، إضافة إلى عدم وجود قانون يضمن حقوق العامل. فمن جانبه، قال كمال أبوعيطة، القيادي العمالي ووزير القوى العاملة السابق، إن سوء حال العمال يرجع إلى التراجع الكبير في مستوى ما يمس العامل، إضافة إلى أن عمال القطاع الخاص يتعرضون للظلم في الآونة الأخيرة، وكذلك عمال القطاع العام. و ذكر أبوعيطة أن سبب تدهور أحوال العمال هو hرتفاع الأسعار بشكل كبير، ما يؤدي لتآكل الأجور التي يحصلون عليها وتراجعها، فضلا عن عدم دفاع الاتحاد العام لعمال مصر، أو أي نقابة مستقلة عن حقوقهم بشكل جدي، وعدم وجود قيادات عمالية تدافع عنهم. وأشار أبو عيطة إلى أن قانون الخدمة المدنية الجديد غير مناسب للعمال، لأن مثل هذا القانون رفضه مجلس الشعب في عام 2007، ورأى احتواء القانون للعديد من العيوب منها ترك السلطة للقيادات الحالية للتحكم في مصائر و شئون العمال، في حين أن المؤسسات بها فساد كبير، و بالتالي لابد من تطهير المؤسسات قبل تطبيق القانون. وانتقد أبوعيطة عدم وجود قانون ينظم عمل النقابات، وكذلك قانون لتنظيم العمل، ما سمح لسيطرة رأس المال على العمال، خاصة رأس المال السياسي، معتبرا أن اتحاد عمال مصر دوره ضعيف، موضحًا أنه لم يتم إجراء انتخابات بالاتحاد منذ عام 2006. وأشار أبو عيطة إلى أن الجهات التي تدافع عن العمال تابعون لأجهزة الأمن، لا لنقابات عمالية حقيقية، مؤكدًا ضرورة وضع قانون لعمل النقابات لحل نزاعات العمال، ما يؤدي لتخفيض الإضرابات العمالية التي تحدث. فيما، قال محمد عابدين، عضو نقابة ضرائب المبيعات ومؤسس حملة "نحو قانون عادل"، إن أحوال العمال تدهورت بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير، كنتيجة لسيطرة المستثمرين ورؤوس الأموال على العمال. وأضاف عابدين أن الحكومة دائمًا تقف بجوار المستثمر في وجه العمال، بل وتهمل العمال بشكل كبير، منتقدا إهمال الحكومة لقانون الحركات النقابية، مشيرًا إلى أن قانون النقابات مُهمل منذ عهد المجلس العسكري بعد ثورة يناير. وأوضح عابدين أن قانون العمل الصادر في عام 2003 لم تعدّله الحكومة إلى الآن، مضيفًا أن الحكومة نظمت حوارًا مجتمعيًا لكن دون نتائج ملموسة على الأرض، أو حتى إصدار القانون، ورأى عابدين أن حقوق العمال منقوصة إلى حد كبير، خصوصًا بعد حكم المحكمة الإدارية بإحالة العامل الذي يُضرب عن عمله إلى المعاش، وكذلك إلغاء نسبة العمال في البرلمان في نصوص الدستور الجديد، ما يؤدي إلى أن يكون العامل تحت رحمة المستثمر. وذكر عابدين أن معظم مطالب العمال تدور حول عدم حصولهم على الأرباح التي تحققها الشركات التي يعملون بها، ومشكلة الفصل التعسفي للعمال، التي أعلنت الحكومة أن عدد المفصولين 15 ألف عامل، والحقيقة أن العدد أكبر من ذلك. وأضاف عابدين أن المحكمة أصدرت أحكاما بعودة بعض العمال لعملهم لكن دون استجابة من أصحاب العمل، و أشار إلى مشكلة رفض الحكومة لتمثيل العمال عن طريق النقابات المستقلة، معللة بضرورة تمثيل العمال من خلال النقابات العامة، وهي في الواقع موالية للحكومة- حسب تعبيره. وبدوره، اشتكى محمد عمر، القيادي العمالي بشركة الحديد والصلب، من الحالة التي يعاني منها العمال، ورأى أنها تسير من سيئ إلى أسوأ، وتراجعت المكتسبات التي حققها العمال في الفترة الماضية، خصوصًا بعد حكم محكمة القضاء الإداري بإحالة المضربين على المعاش. وأوضح عمر أن العمال في حاجة ماسة لقانون النقابات، وكذلك في حاجة إلى إعادة فتح المصانع التي أغلقت بعد ثورة يناير، كاشفا عن الخسائر التي أصابت شركة الحديد والصلب في الفترة الأخيرة بلغت 1256 جنيها، ما صاحبه ارتفاع أسعار الفحم. وأشار عمر إلى أن إدارة الشركة فاشلة في الإدارة، ولا تقوم بصيانة الآلات بشكل دوري مما أدى إلى تلف معظم الأجهزة، كما تجاوز رئيس مجلس إدارة الشركة حق العمال فيما يخص بصندوق الزمالة، واستولى على الأموال التي به، مع العلم أن هذا الصندوق هو ملك للعمال وحدهم. وعلى الجانب الآخر، رأى محمد المراغي، رئيس اتحاد عمال مصر، أن أوضاع العمال في مصر تغيرت للأفضل بعد ثورة 25 يناير عام 2011، مدللًا على ذلك بزيادة مرتباتهم حسب قوله. و أشار المراغي إلى أن الدولة تقف بجوار العمال بشكل جيد، فتعمل على صيانة الماكينات الموجودة بالمصانع، و إجراء الصيانة الدورية لها، كما فتحت المصانع التي تم إغلاقها بعد ثورة يناير، و عليه لم تغلق أبواب الأرزاق للعديد من العمال. و أضاف المراغي أن مطالب العمال لا يمكن حصرها بشكل كامل، فهناك عمال في تصنيع الحديد، وآخرون في الغزل، وفي مجالات عديدة، ومطالب كل فئة من العمال تختلف عما هي موجودة في الفئة الأخرى. و ذكر المراغي أن قانون الخدمة المدنية الجديد، الذي سيطبق في يوليو القادم، سيرتقي بالعامل المصري، لكن اتحاد العمال لديه ملاحظات على القانون، مضيفًا أن الشئون القانونية بالاتحاد تعد مذكرة بهذه الملاحظات لإرسالها إلى الحكومة في أقرب وقت.