مصر ترحب بقرار مجلس الأمن بالتوصل لوقف شامل لإطلاق النار في غزة    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال غرب مخيم النصيرات    عاجل - لايف الآن وادي النطرون.. اعرف حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم    بعد إصابته ب السرطان.. دويتو يجمع محمد عبده مع آمال ماهر في مكالمة فيديو    زيلنسكي يصل إلى برلين للقاء شولتس    أيمن يونس: لست راضيا عن تعادل مصر أمام غينيا بيساو.. وناصر ماهر شخصية لاعب دولي    ضياء السيد: تصريحات حسام حسن أثارت حالة من الجدل.. وأمامه وقتًا طويلًا للاستعداد للمرحلة المقبلة    زكي عبد الفتاح: منتخب مصر عشوائي.. والشناوي مدير الكرة القادم في الأهلي    احتفالا بعيد الأضحى، جامعة بنها تنظم معرضا للسلع والمنتجات    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    إيلون ماسك يهدد بحظر استخدام أجهزة "أبل" في شركاته    التجمع الوطني يسعى لجذب اليمينيين الآخرين قبل الانتخابات الفرنسية المبكرة    عمرو أديب: مبقاش في مرتب بيكفي حد احنا موجودين عشان نقف جنب بعض    صحة الفيوم تنظم تدريبا للأطباء الجدد على الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة    رئيس هيئة ميناء دمياط يعقد لقاءه الدوري بالعاملين    محافظ أسيوط يناقش خطة قطاع الشباب والرياضة بالمراكز والأحياء    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في غزة    تعليق ناري من لميس الحديدي على واقعة تداول امتحانات التربية الوطنية والدينية    رئيس موازنة النواب: لم نخرج من الأزمة الاقتصادية.. والحكومة الجديدة أمام مهام صعبة    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 11 يونيو 2024    بعد 27 عاما من اعتزالها.. وفاة مها عطية إحدى بطلات «خرج ولم يعد»    إنتل توقف توسعة مصنع في إسرائيل بقيمة 25 مليار دولار    عيد الأضحى 2024.. إرشادات هامة لمرضى النقرس والكوليسترول    الحق في الدواء: الزيادة الأخيرة غير عادلة.. ومش قدرنا السيء والأسوأ    إخماد حريق داخل حديقة فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    مصرع سيدة صدمتها سيارة أثناء عبورها لطريق الفيوم الصحراوى    «اختار الأهلي».. كواليس مثيرة في رفض حسين الشحات الاحتراف الخليجي    مختار مختار: غينيا بيساو فريق متواضع.. وحسام حسن معذور    وزراء خارجية بريكس يؤيدون منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    تحذير عاجل ل أصحاب التأشيرات غير النظامية قبل موسم حج 2024    مجموعة مصر.. سيراليون تتعادل مع بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    «جابوا جون عشوائي».. أول تعليق من مروان عطية بعد تعادل منتخب مصر    قصواء الخلالي: وزير الإسكان مُستمتع بالتعنت ضد الإعلام والصحافة    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    رئيس خطة النواب: القطاع الخاص ستقفز استثماراته في مصر ل50%    خبير اقتصادي: انخفاض التضخم نجاح للحكومة.. ولدينا مخزون من الدولار    إبراهيم عيسى: طريقة تشكيل الحكومة يظهر منهج غير صائب سياسيا    بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها    هل خروف الأضحية يجزئ عن الشخص فقط أم هو وأسرته؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    مفاجأة في حراسة مرمى الأهلي أمام فاركو ب الدوري المصري    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    منتخب السودان بمواجهة نارية ضد جنوب السودان لاستعادة الصدارة من السنغال    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب أتوبيس بالمنوفية    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    «أونلاين».. «التعليم»: جميع لجان الثانوية العامة مراقبة بالكاميرات (فيديو)    تحرير الرهائن = لا يوجد رجل رشيد    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    أخبار 24 ساعة.. الحكومة: إجازة عيد الأضحى من السبت 15 يونيو حتى الخميس 20    الرقب: الساحة الإسرائيلية مشتعلة بعد انسحاب جانتس من حكومة الطوارئ    منسق حياة كريمة بالمنوفية: وفرنا المادة العلمية والدعم للطلاب وأولياء الأمور    إبراهيم عيسى: تشكيل الحكومة الجديدة توحي بأنها ستكون "توأم" الحكومة المستقيلة    هل يجوز الأضحية بالدجاج والبط؟.. محمد أبو هاشم يجيب (فيديو)    «الإفتاء» توضح حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة    وزير الصحة: برنامج الزمالة المصرية يقوم بتخريج 3 آلاف طبيب سنويا    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء أ. ح حسام سويلم يكشف خطورة سيطرة الحوثيين على «باب المندب»
الاستيلاء على مدينة «تعز» وميناء المخا أولى خطوات التحكم في الممر العالمي
نشر في الوفد يوم 27 - 04 - 2015

تتكون عملية «عاصفة الحزم» من ست مراحل وتشارك فيها حوالى 200 طائرة قتال و200.000 جندى (السعودية 100 طائرة و150 ألف جندى، الإمارات 30 طائرة، البحرين 15 طائرة، قطر 10 طائرات، المغرب 6 طائرة، الأردن 6 طائرات، الكويت 15 طائرة، السودان 3 طائرات) ولم تعلن مصر عن حجم مشاركتها فى هذه العملية، وإن كانت أجهزة المخابرات الغربية تقدر مشاركة خمس سفن حربية تتمركز فى منطقة باب المندب، هذا إلى جانب حوالى 20.000 جندى من باقى دول الخليج والأردن، بالإضافة إلى حوالى 20 سفينة حربية من دول الخليج. وتعتبر القوات البرية المشاركة فى هذه العملية من القوات الخاصة (كوماندوز، صاعقة، مظلات، ضفادع بشرية.. الخ).
المرحلة الأولى: وقد نفذت قبل بدء العمليات، وشملت جميع المعلومات عن أوضاع الحوثيين وقوات على عبدالله صالح، من حيث مناطق انتشارهم، وأماكن القوة البشرية ومستودعات الأسلحة والذخائر والصواريخ، ومراكز القيادة والسيطرة، ومواقع الإمداد اللوجستى، فضلاً عن تحديد طبيعة العلاقات السياسية بين قيادة الحوثيين وزعماء القبائل والعشائر، كذلك طبيعة الدعم الذى تقدمه إيران للحوثيين، وأماكن وصول هذا الدعم جواً وبحراً، فضلاً عن نظام الاتصالات بين قيادات الحوثيين وعناصرها على الأرض. وبذلك يمكن تحديد مراكز الثقل العدائية سياسيا وعسكريا، وتتمثل فى زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثى، وعائلة الرئيس السابق على عبدالله صالح، أما مراكز الثقل العملياتية فهى مراكز القيادة والسيطرة والعمليات، القواعد الجوية والمطارات، سرايا الدفاع الجوى، القواعد البحرية. أما مراكز الثقل التكتيكية فتشمل قيادات الألوية والكتائب المشاه والمدرعة، مخازن الأسلحة، أرتال المدرعات، مضادات الطائرات الفردية.
المرحلة الثانية: وتعنى (الإسكات الإلكترونى) ويتم خلالها تحييد جميع القدرات الإلكترونية للحوثيين، وذلك بإجراء إعاقة إلكترونية على مراكز القيادة والسيطرة العملياتية والتكتيكية، وبما يعرقل الاتصالات الخطية واللاسلكية والخلوية، وتدمير مواقعها وهوائيات إرسال واستقبال هذه الوسائل.
المرحلة الثالثة: وبدأت هذه المرحلة فجر الجمعة 2 مارس بتوجيه ضربات جوية ضد الأهداف العسكرية التى سبق تحديدها، بدءاً بإسكات وتدمير وسائل الدفاع الجوى المعادية ومراكز القوة البشرية والتسليحية للحوثيين وقوات عبدالله صالح، والصواريخ أرض/أرض لمنع العدائيات من استخدامها ضد الأراضى السعودية، لاسيما أن المعلومات أفادت بإرسال إيران نوعيات متقدمة من الصواريخ أرض/أرض صناعة إيرانية (مثل الفاتح 110، وفجر، التى سبق لحزب الله وحماس أن استخدموها ضد إسرائيل فى حروب لبنان 2006، وغزة 2009)، وكان الهدف الإيرانى من دعم الحوثيين بهذه الصواريخ أن تستخدم ضد جنوب السعودية، مع الحرص على فرض السيادة الجوية على مسرح العمليات فى اليمن وفوق خليج عدن والبحر الأحمر، مع فرض السيطرة البحرية على المياه الإقليمية فى البحر الأحمر وخليج عدن، وبما يمنع تسلل سفن إيرانية إلى السواحل اليمنية.
المرحلة الرابعة: وتهتم بالتمهيد للعمليات البرية، وخلالها يتم تركيز القصف الجوى ضد مراكز ثقل العدائيات فى المناطق المخطط إجراء عمليات برية فيها مثل عدن وميناء الحديدة، وبما يؤدى إلى تطهير هذه المنطقة ومحيطها من أى تواجد عدائى فيها، فضلا عن دعم ومساندة القبائل وتسليحها وتوحيد جهودها من أجل مقاومة عناصر الحوثيين وطردهم من مناطق نفوذ هذه القبائل، إلى جانب تشجيع واستقطاب وحدات الجيش اليمنى وانشقاقهم عن القيادات التابعة للرئيس السابق على صالح، وبما يساعد على تأمين العمليات البرية القادمة.
المرحلة الخامسة: وقد يتم اللجوء إليها أو الاستغناء عنها فى حالة وجود اتفاق سياسى ينهى الأزمة، وخلالها يتم استغلال نتائج القصف الجوى بتنفيذ عمليات إبرار جوى وبحرى فى المناطق المخطط تنفيذ عمليات برية فيها، تمهيداً لنقل الحكومة الشرعية برئاسة منصور هادى إليها لتمارس مهامها من داخل الأراضى اليمنية، وباعتبار عدن عاصمة مؤقتة لحين تحرير صنعاء من سيطرة الحوثيين. وبنجاح عمليات الإبرار الجوى والبحرى فى إنشاء رؤوس شواطئ قوية، وتحت ستر نيران جوية وبحرية يتم إنزال وحدات مشاة ومدرعة ومدفعية إلى الأراضى اليمنية فى عدن للاتصال بالقوات التى تم إبرارها، وإقامة مواقع دفاعية قوية على محيط عدن وداخلها، وبما يؤمن إعادة الحكومة الشرعية إلى عدن. هذا مع تنفيذ عمليات إبرار بحرى وجوى ثانوية فى مناطق أخرى.. مثل موانئ الحديدة، وفجا، وميد وأيضا هجوم برى من منطقة الحدود السعودية فى نجران وجيزان ضد معقل الحوثيين فى صعدة بشمال اليمن، وذلك بهدف تشتيت جهود الحوثيين بين عدة اتجاهات استراتيجية، مع استمرار القصف الجوى لقطع طرق المواصلات بين وسط وشمال اليمن إلى جنوبه لمنع الحوثيين من شن هجمات مضادة ضد المناطق التى نزلت بها قوات برية للتحالف، مع توجيه جهد جوى كاف لتدمير مخازن الوقود ونقط الإمداد به وبما يعرقل تحركات آليات الحوثيين.
المرحلة السادسة: تعزيز رؤوس الشواطئ وتوسيعها بدفع مزيد من القوات البرية، وإنشاء دفاعات قوية داخل مناطق الإنزال وفى عمقها، مع العمل على إضعاف قوة الحوثيين فى صنعاء وباقى المحافظات، واستعادة وحدة الجيش اليمنى بعد انشقاقها عن على صالح وإعلان انضمامهم إلى قوات التحالف، ومساعدة زعماء القبائل على طرد الحوثيين، والقضاء عليهم من مناطقهم، وبما يكسر إرادة الحوثيين ويجبرهم على طلب التفاوض ولكن من موقف ضعف، ويؤدى فى النهاية إلى إعادتهم إلى حجمهم الطبيعى كفصيل سياسى ضعيف ومنهزم، ويعيد الحكومة الشرعية إلى مكانها الطبيعى فى صنعاء. هذا مع استمرار تواجد قوات من التحالف العربى تشرف على إعادة بناء وتنظيم الجيش اليمنى ليكون جيشاً وطنياً ليس له انتماءات أخرى، فضلاً عن وحدة الأراضى اليمنية تحت سيادة الحكومة الشرعية، وسيطرة الجيش والشرطة بعد إعادة تنظيمهم، وبذلك فقط تحقق «عاصفة الحزم» أهدافها السياسية، وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن، واستعادة الخدمات الصحية والتعليمية، مع إعادة بناء مؤسسات الدولة اليمنية فى إطار وطنى.
خطورة السيطرة على باب المندب:
فور اندلاع الصراع فى اليمن، ترقب الجميع الموقف من مضيق باب المندب، والذى يعتبر أحد أهم الممرات المائية فى العالم، فضلاً عن أنه طريق لعبور ما يزيد على 4 ملايين برميل نفط يومياً وبما يشكل 30% من نفط العالم، بحيث يبلغ عدد سفن النفط التى تمر فيه 21000 قطعة بحرية سنويا، وبما يعادل 57 قطعة يوميا، وتمر منه كل عام 25.000 سفينة (نفط وحاويات). ويصل عرض القناة التى تمر خلالها السفن 16 كم من 32 كم إجمالى عرض المضيق، وعمقها بين 100 و200 متر.
ولليمن أفضلية استراتيجية فى السيطرة على باب المندب فى الجانب الشرقى (الآسيوى) منه وذلك من خلال امتلاك اليمن جزيرة ميون التى تبعد عن الساحل اليمنى ب4.8كم. أما فى الجانب الغربى (الإفريقى) فتتحكم فيه إريتريا من خلال ميناء عصب والذى تتواجد به بطارية صواريخ ساحلية إيرانية، إلى جانب قاعدة عسكرية إيرانية فى غرب عصب، فضلا عن تحكم جزر حنيش الكبرى والصغرى وزقم. وقد برزت أهمية مضيق باب المندب فى حرب أكتوبر 1973 عندما قامت البحرية المصرية بإغلاقه لتنفيذ حصار بحرى على إسرائيل ووقف الملاحة البحرية من وإلى ميناء إيلات فى شمال خليج العقبة، حيث كانت إسرائيل تستورد نحو 18 مليون طن نفط من إيران تمر عبر باب المندب إلى ميناء ايلات، ولإلغاء أهمية شرم الشيخ التى كانت تريد الاحتفاظ بها بدعوى تحكمها فى مضيق تيران المتحكم فى جنوب خليج العقبة، حيث قامت البحرية المصرية بالتحكم فى البحر الأحمر كله من خلال إغلاق مدخله الجنوبى عند مضيق باب المندب.
كما أن تواجد القواعد العسكرية الأمريكية والفرنسية فى جيبوتى جنوب إريتريا يعطى بحرية الدول الغربية المتواجدة فى جيبوتى القدرة على التحكم أيضا فى الملاحة التى تمر عبر باب المندب. حيث يتواجد للولايات المتحدة 4200 جندى، 30 قطعة بحرية، 20 مقاتلة، وقاعدة للطائرات دون طيار. أما فرنسا فيتواجد لها 1900 جندى و20 قطعة بحرية، و7 مقاتلات ميراج، 8 مروحيات، فضلا عن عناصر عسكرية بحرية وجوية لكل من إيطاليا وإسبانيا واليابان. وقد اهتمت أمريكا بهذه القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وخشيتها سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابى على هذا الممر المائى المهم، وتدفع مقابل ذلك 30 مليون دولار لحكومة جيبوتى سنويا.
لذلك جاء الانقلاب الحوثى فى اليمن بمثابة خطر داهم على صادرات النفط الخليجية والمنتجات الواردة من دول شرق آسيا إلى أوروبا وأمريكا، والتى تمر جميعها عبر قناة السويس، حيث يربط مضيق باب المندب خليج عدن والبحر الأحمر بالمحيط الهادى والمحيط الهندى وبحر العرب، وما يشكله ذلك من أهمية استراتيجية بالنسبة للكثير من الدول على صعيد نقل النفط والبضائع، وبمثابة الأنبوب الذى يتدفق البترول عبره من الدول المنتجة للنفط فى الخليج إلى الدول المستهلكة له فى أوروبا وأمريكا. والبديل عن المرور فى مضيق باب المندب فى حالة إغلاقه أمام الملاحة الدولية، وبالتالى تعطل قناة السويس، أن يتحول مسار الإبحار حول الطرف الجنوبى لأفريقيا (طريق رأس الرجاء الصالح)، وحيث تستغرق الرحلة 40 يوماً على الأقل.
لذلك جاءت سيطرة الحوثيين على عدة موانئ يمنية مهمة على البحر الأحمر - مثل الحديدة، وميدى، والمخا، وموانئ أخرى على خليج عدن أبرزها عدن، وزنجبار، وشقرة، مع احتمالات توغلهم جنوبا، لتزيد من مخاوف الدول العربية المشاركة فى حوض البحر الأحمر، خاصة مصر، ليس فقط من تحكم الحوثيين فى هذا الممر الملاحى المهم، ولكن أيضا من تحكم إيران الداعمة للحوثيين فى باب المندب، لأن تحكمها فى هذا الممر الملاحى الدولى المهم، مع تحكمها القائم فى ممر هرمز الذى يربط الخليج العربى ببحر العرب والمحيط الهندى، يعنى تحكم إيران بأخطر وأهم ممرين بحريين فى العالم.
وتعتبر محافظة الحديدة ذات أهمية استراتيجية كبيرة، إذ تمتد سواحل المحافظة من «اللحّية» فى الشمال إلى الخوخة فى الجنوب بطول حوالى 300 كم وعرض يتراوح بين 60 و150 كم، وتفصلها سواحل محافظة تعز عن مضيق باب المندب، علاوة وجود 40 جزيرة فى الحديدة فى البحر الأحمر، بعضها استراتيجى مثل جزر حنيش وتقناش التى يصل ارتفاع جبالها إلى أكثر من 1300 قدم، وهو ما يجعلها قادرة على مراقبة ممر الملاحة العالمية، بالإضافة إلى اعتبار جزر البحر الأحمر ذات تأثير استراتيجى على خط الملاحة البحرية، حيث توجد فيها كثافة عسكرية مثل جزيرة حنيش، كما أن جزيرة كمران بها أعمق ميناء على البحر الأحمر، وهو ميناء الصليف والذى بإمكانه استقبال السفن الضخمة التى لا تستطيع الوصول إلى ميناء الحديدة.
وباستيلاء الحوثيين على مدينة تعز القريبة من باب المندب، فإن بإمكانهم التقدم قليلا نحو الغرب ليصبحوا على الساحل المطل على المضيق، هذا فضلا عن تحكمهم فى ميناء المخا الواقع على بعد 80 كم غرب تعز، وهو ميناء يطل بشكل مباشر على مضيق باب المندب. كما يقع باب المندب على مسافة 150 كم غرب مدينة عدن عاصمة الجنوب اليمنى، وحيث يسير الطريق بين عدن وباب المندب فى خط مواز للشاطئ. ويتنازع السيطرة على عدن كل من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمنى منصور هادى.
وهذا السيناريو يعطى النزاع فى اليمن بعداً دولياً، إذ لا تستطيع القوى الكبرى أن تقبل بسيطرة مجموعة مرتبطة بإيران على مضيق باب المندب، خصوصا مع سيطرة إيران على ممر هرمز كما أشرنا آنفا، وفى هذه الحالة ستكون إيران هى المستفيد الرئيسى، وستمتلك ورقة للضغط على القوى الكبرى فى مفاوضاتها حول الملف النووى، فضلاً عن ضغط إيرانى على دول الخليج ومصر بالنظر لأهمية باب المندب بالنسبة لقناة السويس. كما يشكل التهديد الحوثى والإيرانى لباب المندب قلقاً أيضاً لإسرائيل المطلة على البحر الأحمر عبر ميناء ايلات، لذلك لم يكن غريبا أن يبعث الحوثيون بالكثير من رسائل الطمأنة إلى مصر خلال الآونة الأخيرة، وأن لا مجال للتخوف من سيطرتهم على الساحل اليمنى فى خليج عدن والبحر الأحمر بما فى ذلك باب المندب، وأنهم لا يفكرون فى إغلاق مضيق باب المندب لإصابة قناة السويس بالشلل.
ويزيد من أهمية مضيق باب المندب وجود مشروع تتبناه الولايات المتحدة وجيبوتى يتمثل فى إقامة جسر عملاق بطول 29 كم فوق المضيق ليصل بين جيبوتى واليمن، وإقامة مدينتى النور بجيبوتى واليمن على طرفى مضيق باب المندب، بالإضافة للكوبرى العملاق الذى يربط بينهما والذى يعنى إيجاد أول رابطة برية بين القرن الأفريقى وجنوب شبه الجزيرة العربية فى القارة الآسيوية، وتقدر تكاليف الكوبرى وحده ب20 مليار دولار، أما تكلفة المشروع بأكمله متضمنا المدينتين فقدرت ب 200 مليار دولار. وعند تنفيذ هذا المشروع ستبرز جيبوتى كمركز للنقل البحرى بفضل الاستثمارات الكبيرة التى ستنهال عليها، كما تبرز خطورة هذا المشروع - خاصة بالنسبة لمصر - من ارتباطه بمشروع آخر ينقل مياه النيل من أحد المنابع فى مرتفعات إثيوبيا فى أنابيب ضخمة إلى الجانب الآسيوى. وقد لوحظ إسناد تنفيذ هذا المشروع إلى رجل الأعمال طارق بن لادن - شقيق زعيم تنظيم القاعدة الإرهابى أسامة بن لادن - وذلك من خلال موقعه كرئيس لمجلس إدارة مجموعة الشرق الأوسط للتنمية، وقيل أخيراً إن قراراً اتخذ بإسناد تخطيط وتنفيذ المشروع وإدارة الكوبرى إلى شركة مدينة نور للتنمية التى تتخذ من ولاية كاليفورنيا الأمريكية مقراً لها. وقد انكشفت أبعاد هذا المشروع فى صيف عام 2008 عندما انعقد مؤتمر بشأنه فى فندق «كيمبينسكى بالاس» حضره مسئولون حكوميون فى جيبوتى ومقاولون عسكريون أمريكيون وصحفيون للاطلاع على أكثر المشروعات الطموحة فى تاريخ المنطقة وربما فى العالم. وهو ما يؤكد وجود العديد من المخططات الخارجية للسيطرة على مضيق باب المندب، لذلك فإن استغلاله تحديداً والبحر الأحمر بوجه عام ليس وليد أزمة الحوثيين الحالية، بل سبقتها بسنوات، وسبقت أيضا أحداث الربيع العربى وحالة عدم الاستقرار التى عصفت باليمن فى السنوات الأخيرة. ولم يمض عام واحد على مؤتمر كوبرى باب المندب، حتى قام الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد بزيارة كينيا فى فبراير 2009، ولم يكن غافلا عن المتابعين مغزى زيارة رئيس إيران لكينيا باعتبارها أبرز وأكبر الموانئ القريبة من خليج عدن، حيث مدخل البحر الأحمر وجيبوتى وإريتريا وباب المندب والقراصنة الصوماليين والحوثيين فى اليمن. وكانت هذه الزيارة ذات طابع جيوبوليتيكى .. حيث قام خلالها نجاد بجولة أفريقية سريعة فى شرق أفريقيا زار خلالها 3 دول أفريقية هى: جيبوتى وكينيا وجزر القمر. وفى جيبوتى اتفق نجاد مع رئيسها - إسماعيل عمر جبلة - على أهمية التعاون من أجل إفساد «خطط الأعداء» (دون تسميتهم) وتم التوقيع على خمس اتفاقيات للتعاون بين البلدين. كما طرحت زيارة نجاد لإريتريا أسئلة كثيرة حول النفوذ الإيرانى فى هذا البلد المسيطر على الجانب الأفريقى من باب المندب، حيث تقيم إيران قاعدة عسكرية فى ميناء عصب به بطارية صواريخ ساحلية، وهو ما يؤكد وجود مخطط لبسط الهيمنة الإيرانية ليس فقط على باب المندب والبحر الأحمر، ولكن أيضاً على الدول المجاورة لهذه المنطقة، بدءاً من خليج عدن وبلدان شرق أفريقيا، للانطلاق بعد ذلك لنقل النفوذ الإيرانى شمالا نحو السعودية والسودان ومصر، وهو ما دق أجراس الخطر فى عواصم هذه الدول وأيضا إسرائيل، لذلك ينبغى قراءة التحركات الإيرانية فى اليمن فى إطار وضوء هذه المخططات الإيرانية الأوسع والأشمل.
محاذير وضوابط
ويجب على قيادات وقوات تحالف «عاصفة الحزم» أن تحذر من تصوير هذه الحرب باعتبارها «حرباً طائفية بين السُنَّة والشيعة»، وحصرها فى أنها حرب سياسية - عسكرية ضد تنظيم إرهابى يتمثل فى جماعة الحوثيين التى تريد الاستيلاء على السلطة والحكم، بعد أن أطاحت بالحكومة الشرعية فى صنعاء وطاردتها حتى فى ملجئها المؤقت فى عدن، وأن هذه الجماعة تتلقى دعماً سياسياً وعسكرياً من إيران، وأن مهمة التحالف إعادة الحكومة الشرعية إلى موقعها الطبيعى فى العاصمة اليمنية، بعد أن طلبت مساعدتها من دول مجاورة لها فى حوض البحر الأحمر، وأبرزها السعودية. فلقد حرصت إيران على تصوير هذه الحرب بأنها مذهبية بين السنة الذين تدعمهم السعودية والشيعة الذين تدعمهم إيران، وذلك حتى تعطى إيران نفسها حق التدخل بزعم مسئوليتها الأخلاقية عن الدفاع عن الشيعة. كما أنه ليس خافياً على أحد أن الأسلوب الأمريكى لتنفيذ مخطط تفتيت دول منطقة شرق الأوسط - باستثناء إسرائيل - إلى دويلات على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، ينهض على فكرة «الفوضى الخلاقة» الذى أعلنته كونداليزا رايس فى عام 2006، بمعنى إشعال الصراعات المسلحة بين أبناء الطوائف والمذاهب والعرقيات، وبالتالى تفكيك جيوش هذه الدول على نفس الأسس، وما يترتب على ذلك من إضعاف وسقوط الدول العربية والإسلامية فى آتون الفتن، وبما يعجل بانهيارها وسقوطها فريسة فى براثن الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية. والمحظور هنا والذى يجب أن نحذر منه هو تصوير الحرب فى اليمن على أنها حرب طائفية، لأن ذلك سيؤدى إلى اشتعال كل المنطقة وبما يؤدى إلى القضاء على الأخضر واليابس فى كل بلدانها. وهو ما يفرض فى المقابل على الأجهزة السياسية والإعلامية فى الدول العربية، تعزيز أواصر الانتماء الوطنى والهوية العربية - حتى بين الشيعة العرب، وهو ما اهتم به المرجع الشيعى فى العراق على السيستانى الذى أعلن على لسان ممثله ما نصه: «إننا نعتز بوطننا وباستقلالنا وسيادتنا، وإذا كنا نرحب بأى مساعدة تقدم إلينا اليوم من اخواتنا وأصدقائنا (يقصد إيران) لمحاربة الإرهاب، فإننا نشكرهم عليها، إلا أن ذلك لا يعنى أن نغض الطرف عن هويتنا واستقلالنا». وهو ما يعنى إدراك السيستانى خطورة استفحال تدخل إيران على حساب عروبة العراق، وأن ذلك فاق الحد، خاصة بعدما ثبت من التواجد شبه المستمر لقائد فيلق القدس - قاسم سليمانى - فى العراق وقيادته للعمليات العسكرية ضد داعش فى تكريت، وما أسفرت عنه من ارتكاب مجازر ضد جماهير السنة فى هذه المدينة.
يرتبط بهذا الأمر ضرورة تجنب محاولات البعض لتوسيع دائرة الصراع لتشمل إيران، وهو ما تحاوله الأخيرة. وإظهار أن إيران لا يحق لها أن تتدخل فى اليمن إلى جانب جماعة الحوثيين، وذلك لعدم وجود جوار جغرافى بين إيران واليمن، كما أنها ليست من دول حوض البحر الأحمر المتأثرة بالصراع الدائر فى اليمن، هذا فضلاً عن أن الانتماء الطائفى للحوثيين (زيدية) يختلف إلى حد ما عن الشيعة الإيرانية. هذا مع التأكيد السياسى والإعلامى على أن هدف إيران من التدخل ليس حماية الشيعة كما تدعى، ولكن لبسط نفوذها على اليمن من خلالها جماعة الحوثيين العميلة لإيران، وهو نفس المخطط الذى اتبعته إيران لمد نفوذها إلى لبنان من خلال عميلها حزب الله، وإلى العراق من خلال عملائها فى فيلق بدر وجيش الصدر.. وغيرهما، وإلى سوريا من خلال إقحام حزب الله والحرس الثورى الإيرانى فى الصراع الدائر هناك.
ومع التسليم بأن حسم أى حرب أو صراع مسلح شامل أو محدود لا يتحقق إلا من خلال عمليات برية على الأرض، حيث لا تكفى الضربات الجوية - رغم أهميتها - ومهما كانت قوتها فى حسم الموقف على الأرض، فإن الوضع الصعب القائم فى اليمن، سواء من حيث الطبيعة الجغرافية الوعرة للجبال هناك، أو من حيث تعدد القوى السياسية والعسكرية والقبلية المتورطة فى هذه الحرب، خاصة مع سرعة تبدل الولاءات بين هذه القوى. وهو ما انعكس فى تبدل موقف الرئيس اليمنى المخلوع على عبدالله صالح، الذى استمر فى محاربة الحوثيين لمدة أربع سنوات، ثم ها هو الآن يدعمهم ويساندهم سياسيا وعسكريا من خلال تحفيز قادة وضباط الجيش اليمنى النظامى للانضمام للحوثيين ضد السلطة من خلال ابنه أحمد. ثم عندما بدأت عاصفة الحزم تحقق أهدافها، سارع بإرسال ابنه إلى الإمارات عارضا التخلى عن دعم الحوثيين مقابل أن تقبله دول الخليج!! فمثل هذا التردد والتذبذب فى الولاءات يبرز مخاوف مشروعة عند قوات عاصفة الحزم من القوى اليمنية العاملة على الأرض، واحتمالات انقلابها عليها فى أية لحظة، خاصة أن عنصر المال يلعب دوراً قوياً فى تحديد ولاء القبائل وسلوكها تجاه قوات التحالف عند العمل على الأرض، ويفرض بالتالى على هذه القوات التحسب جيداً لموقف القبائل وقوات على صالح عندما تبدأ الحرب البرية، إذا ما تطلب الموقف ضرورة اللجوء إليها.
لذلك ينبغى عند شن العمليات البرية أن تكون فى أضيق نطاق أرضى، وبما يسمح فقط بصفة مبدئية بإقامة رأس شاطئ مؤمن يسع انتقال الحكومة الشرعية اليمنية وممارسة مهامها على أرض اليمن، وليكن ذلك فى منطقة عدن، على أن يتم تأمين رأس الشاطئ بقوات خاصة وقوات برية مدرعة قادرة على الدفاع عن رأس الشاطئ، وصد الهجمات المضادة المتوقعة ضد رأس الشاطئ بواسطة الحوثيين وحلفائهم، على أن يتم توسيع رأس الشاطئ بعد ذلك بقوات إضافية ليضم مزيدا من الأراضى اليمنية فى الجنوب، وعلى أن يواكب إنشاء رأس شاطئ فى عدن، إنشاء رؤوس شواطئ أخرى - ولو أقل حجما - فى موانئ أخرى على البحر الأحمر لتشتيت جهود الحوثيين على أكثر من اتجاه. هذا مع مراعاة ألا تبدأ العمليات البرية إلا بعد إنهاك الحوثيين وحلفائهم وإضعاف قوتهم البشرية والتسليحية بواسطة الضربات الجوية المركزة ضد مراكز قوتهم، وبما يكبدهم خسائر جسيمة تحد من حرية حركتهم ويؤدى فى النهاية إلى كسر إرادتهم السياسية، وإجبارهم على طلب التفاوض من موقع ضعف.
ومع التحسب الدقيق للعمليات البرية لتأمين نجاحها، ينبغى أن يوضع فى الاعتبار ألا يكون الهدف الاستراتيجى لقوات عاصفة الحزم هو استعادة سيطرة الحكومة الشرعية على كل الأراضى اليمنية، وبما يعيد الاستقرار فى اليمن، فهذا الهدف يفوق طاقة قوات عاصفة الحزم والدول العربية المشاركة فيها، وعلى رأسها السعودية، بل ويتخطى قدرة النظام العربى كله ودول كبرى مثل أمريكا وروسيا اللتين غرزتا فى المستنقع الأفغانى المماثل لليمن من قبل، أما الهدف الاستراتيجى الصحيح والواقعى فهو احتواء الأخطار والتهديدات القادمة من اليمن، والحيلولة دون وقوع هذا البلد المهم أسيراً لميليشيا طائفية منظمة تتلقى الدعم من طهران. ولذلك فإن الاحتواء هو السياسة الصحيحة فى غياب القدرة على تغيير الأوضاع وإعادة تشكيلها، ومن ثم لا يبقى أمامنا سوى العمل على احتواء المخاطر وتحجيمها، عملا بالمبدأ المعروف «إن كُنتُ لا أستطيع تحقيق نصر كامل، فلا أقل من حرمان خصمى من الفوز».
ومع الوضع فى الاعتبار حقيقة أهداف إيران من وراء التدخل فى اليمن إلى جانب عملائها الحوثيين وعلى صالح، ليحولوا اليمن إلى ساحة نفوذ إيرانى.. مثل لبنان وسوريا والعراق، ينبغى حرمان إيران من تحقيق هدفها الاستراتيجى بتحويل اليمن إلى مستنقع لقوات عاصفة الحزم واستنزاف لها، حيث بإمكان إيران أن تمدد النزيف وتسحبه إلى أماكن أخرى أبعد بكثير من صنعاء وعدن وما حولهما، وذلك بفعل قانون الحرب الذى يقول بصراحة «إنك قد تعرف البداية ولكنك لا تعرف النهاية». لذلك يحرص المخططون الاستراتيجيون عند التخطيط لشن الحرب أن يتضمن هذا التخطيط: كيف ومتى سيمكن الخروج من الحرب بأسرع وقت وبأقل خسائر وبأكبر مكاسب سياسية واستراتيجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.