رأت صحيفة "المونيتور" الأمريكية أن هناك جهودًا حثيثة تقوم بها الإدارة السياسيّة الحاليّة من أجل دفع عجلة الاقتصاد المصريّ، ولكن ينبغي أن تتجنّب أخطاء وقعت فيها الأنظمة السّابقة نتيجة سوء التّخطيط والإدارة، اللّذان كان لهما الأثر الأكبر في استنزاف الموارد والطاقات المصريّة. وقالت الصحيفة: رغم النجاح السّاحق الّذي حقّقه المؤتمر الاقتصاديّ "مصر المستقبل" الذي عقد في مدينة شرم الشيخ منتصف مارس السابق وتميز بحضور كبير من قيادات عربية ودولية وقدّرت الاستثمارات المبدئيّة الّتي تمّ الاتّفاق عليها خلاله بقيمة 60 مليار دولار، إلا أنه هناك مخاوف حول جدوى مشاريع المؤتمر الاقتصادي. الجدول الزمني لتنفيذ العاصمة الإدارية ونقلت الصحيفة الكلمة الختامية التي ألقاها رئيس الوزراء "إبراهيم محلب" في المؤتمر :" تعدّ الصفقة الأكبر الّتي تمّ إبرامها بين الحكومة المصريّة وشركة "إعمار" الإماراتيّة خلال المؤتمر هي صفقة "إنشاء العاصمة الإداريّة الجديدة"، وقدّرت تكلفتها بقيمة 45 مليار دولار. وأضاف "محلب" أن الجدول الزمني لتنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة بين 5 سنوات و7 سنوات أما فيما يخص المشروعات الأخرى فلم يتم وضع جدول زمني محدد لتنفيذها. العاصمة الإدارية بين الرفض والقبول وأوضحت الصحيفة أن هيئة الاستثمار والمناطق الحرّة أعدت خريطة استثماريّة للمشاريع في المحافظات المصريّة، وهي تمثّل رصدًا لأبرز الفرص الاستثماريّة المتوقّع تنفيذها على مدى الثلاثين عامًا المقبلة، وروّجت لها خلال المؤتمر الاقتصاديّ، وشملت 336 مشروعًا ضمّت مشاريع سياحيّة وترفيهيّة، لتطرح تلك المشاريع خصوصًا "العاصمة الإداريّة الجديدة" تساؤلات عدّة حول جدواها الاقتصاديّة. ونقلت الصحيفة إلى ما قاله زير الاقتصاد الأسبق الدّكتور سلطان أبو علي": إنّ الدّافع الرئيسيّ وراء إنشاء العاصمة الإداريّة الجديدة هو تضخّم القاهرة الكبرى في شكل رهيب، وتولّد مشكلات ضخمة، ومنها ازدحام السير، فضلاً عن المشكلات الاجتماعيّة الّتي تترافق مع تكدسّ سكّان مصر أيّ نحو 16 مليون نسمة من مجموع سكّان مصر في الداخل، وهم نحو 87 مليون نسمة في هذا المكان. وأضاف "سلطان" أن هذا التكدّس الرّهيب إلى نمو مناطق عشوائيّة تغلّف القاهرة الكبرى من كلّ اتّجاه، وترافق ذلك مع تزايد معدّلات الجريمة وانتشار ظاهرة الأطفال بلا مأوى. وتابع "سلطان" إن إنشاء العاصمة الإداريّة الجديدّة لن يحلّ مشكلات القاهرة الكبرى ولن يسهم في تحقيق نفع جديد لمصر، بل سيؤدّي إلى مزيد من التّعقيد في المشكلات الّتي تواجهها، وإلى هدر كبير في موارد مصر من دون التوصّل إلى حلّ ناجح مستديم، ويعود ذلك إلى تزايد عدد السكّان في القاهرة مع عدم كفاية الاستثمار في البنية الأساسيّة وعدم التوسّع الأفقيّ في مصر وحرمان الرّيف من كثير من الاستثمارات والخدمات شمالاً وجنوبًا؛ وهذا ما أدّى إلى تفاقم المشكلات في القاهرة وغيرها. وأكد "سلطان" أن بناء عاصمة إداريّة جديدة بالقرب من القاهرة بمسافة 45 كيلومترًا سيزيد من جذب السكّان إليها، وستستمرّ المشكلات على ما هي عليه، بل قد تزداد حدّة، موضحًا أن المشكلات التي قد تتفاقم فهي زيادة الكثافة المرورية, زيادة الضغط على المرافق (كهرباء , مياه , صرف صحي). ورأى "سلطان" أن إقامة هذه المدينة في الوقت الحاليّ تتطلّب استثمارات طائلة، نحن في أشدّ الحاجة إليها في تمويل المشاريع الكبرى مثل المشاريع "الزراعيّة والنقل والكهرباء والبنية الأساسيّة عمومًا" ومن أجل رفع معدّل نمو النّاتج المحليّ الإجماليّ، الّذي انخفض إلى درجة غير مقبولة، موضحًا أن مصر لا تحتاج إلى عاصمة إداريّة جديّدة، إنّما إلى عاصمة سياسيّة جديدة، ويجب أن تبعد هذه العاصمة عن القاهرة الكبرى. الخريطة الاستثمارية في مصر وفي ما يخصّ الخريطة الاستثماريّة لمصر، أكّد رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الأزهر الدّكتور صلاح الدّين فهمي ل"المونيتور" أنّه تمّ إعداد خريطة استثماريّة تتضمّن أبرز الفرص الاستثماريّة في 24 محافظة مصريّة لعرضها على ضيوف مؤتمر"مصر المستقبل" الاقتصاديّ، وسيتمّ تحديث هذه الخريطة فور ظهور فرص استثماريّة مناسبة تقوم بإرسالها أيّ محافظة من المحافظات المصريّة. وأكد "فهمي" أنّ بناء المنتجعات السياحيّة والترفيهيّة حصد بالفعل النّصيب الأكبر من الخريطة الاستثماريّة، ولكن قطاع البناء والتشييد عمومًا يعدّ قاطرة التنمية، فكلّ بناء يتم إنشاؤه يرتبط بنحو 90 صناعة وحرفة ومهنة مثل صناعة الحديد والإسمنت وغيرهما. وأوضح فهمي أن الميزة النسبية لكل محافظة ستحدّد المشاريع الّتي سيتمّ تنفيذها داخل كلّ محافظة، فعلى سبيل المثال، هناك مشاريع ستنفّذ في الظهير الصحراويّ تتعلّق باستصلاح مليون فدان وما يترتب علية من صناعات زراعية , كما أن هناك مشروع عملاق لاستخدام الرمال البيضاء في سيناء لصناعة السليكون حيث أن سعر الطن للرمال البيضاء 20 دولار في حين أنه لو تم تصنيعه وتحويله لسيلكون نقي فإن سعر الطن يصل إلى 10000 دولار وتستخدم تكنولوجيا السيلكون المتطورة وتطبيقاتها في صناعات الطاقة الشمسية والاتصالات وصناعة الإلكترونيات.