إجلاء سكان 7 قرى، بركان إيبو الإندونيسي يثور ويطلق سحابة من الرماد    مصر ترفض مقتراح الاحتلال لإدارة غزة ما بعد الحرب    ولي العهد السعودي وسوليفان بحثا الاتفاقيات الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن وحل الدولتين    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    وصول بعثة الأهلي إلى مطار القاهرة قادمة من تونس والخطيب يخطف الأضواء (فيديو)    142 ألف طالب يؤدون اليوم ثاني أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالشرقية    ضحية الهاتف المحمول، ضبط شقيقان تسببا فى مصرع شاب غرقاٌ بنهر النيل    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بأحداث محمد محمود الثانية    اليوم، وضع حجر الأساس لمبنى هيئة قضايا الدولة الجديد في الإسماعيلية    في موسم برج الجوزاء 2024.. ماذا يخبئ مايو ويونيو 2024 لفراشة الأبراج الهوائية؟    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 3170 جنيها    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية الأحد 19 مايو 2024    الكرملين: الإستعدادات جارية لزيارة بوتين إلى كوريا الشمالية    هجمات الحوثي في البحر الأحمر.. كيف تنسف سبل السلام؟    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    ميدو يوجه نصائح للاعبي الزمالك في نهائي الكونفدرالية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق "قنا- سفاجا"    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    تعليم النواب: السنة التمهيدية تحقق حلم الطلاب.. وآليات قانونية تحكمها    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 55 مليار جنيه في هذا الموعد    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    عاجل.. موجة كورونا صيفية تثير الذعر في العالم.. هل تصمد اللقاحات أمامها؟    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    خاص- تفاصيل إصابة علي معلول في مباراة الأهلي والترجي    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    عاجل.. إصابة البلوجر كنزي مدبولي في حادث سير    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رامي ربيعة: البطولة لم تحسم بعد.. ولدينا طموح مختلف للتتويج بدوري الأبطال    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاث معضلات مستعصية
نشر في الوفد يوم 17 - 08 - 2011


بقلم: طارق حجى
الاربعاء , 17 أغسطس 2011 13:25
انغمست خلال العقود الأربعة الأخيرة في قلب و(دهاليز) ثلاثة عوالم ثقافية - سياسية - تاريخية: أولاً، عالم الثقافة الغربية بتاريخه وفلسفاته وآدابه وإنجازاته وواقعه الراهن.. وثانياً:
عالم المجتمعات الناطقة باللغة العربية بتاريخه وتقاليده وتراثه الديني وفرقه ومذاهبه وآدابه وتاريخه المعاصر وواقعه الآني.. وثالثاً وأخيراً: العالم اليهودي، وهو ما تضمن رحلة عارمة في أودية ودهاليز النصوص اليهودية (التوراة وباقي أسفار الكتاب المقدس والمشنة والغمارة) وتاريخ اليهود بوجه عام، وتاريخ يهود ألمانيا وأوروبا الشرقية بوجه خالص، وتاريخ مشروع دولة إسرائيل الحديثة منذ حادثة دريفوس وحتي صدور قرار تقسيم فلسطين التاريخية في نوفمبر 7491، وأخيراً دولة إسرائيل ذاتها منذ مايو 8491.
وقد جعلني الخوض في تلك العوالم الثلاثة أرصد ثلاث معضلات تحتاج من مفكري ومثقفي ودارسي عالمنا اليوم الدراسة والفحص، ثم تقديم الحلول وسبل العلاج.
المعضلة الأولي تخص مجتمعات الحضارة الغربية وبالتحديد المجتمعات الأوروبية ومجتمعات الولايات المتحدة وكندا وأستراليا. وتتمثل هذه المعضلة في ذلك التناقض الواضح بين الدفاع المستميت لهذه المجتمعات عن مصالحها، وبين عدم دفاعها عن قيامها إلا داخل حدودها الجغرافية. فبينما يدافع المجتمع الأمريكي (مثلاً) عن مصالحه بضراوة، ويدافع عن أنساقه القيمية داخل مجتمعه أيضاً بضراوة، إلا أننا نجده يقبل (خارج حدوده الجغرافية) بكل ما يعارض ويناقض أنساقه القيمية. ومثال واحد هنا يمكن أن يغني عن آلاف الأمثلة، فالمجتمع الأمريكي الذي يحاسب قادته السياسيين علي الكبيرة والصغيرة من الأخطاء والهفوات، هو الذي يتعامل (خارجياً) مع أنظمة للحكم تدوس بأقدامها كل المبادئ والقيم التي طورتها مسيرة التقدم الإنساني، فالمجتمع الأمريكي المعني بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والشفافية والمساءلة ليست عنده أية مشكلة أن يكون حكام أنصارهم في بلدان مثل السعودية ومصر وغيرهما ممن ينتهكون تلك القيم كل يوم ألف مرة. هذا التناقض (في اعتقادي) هو مصدر الكراهية الشديدة التي تكنها معظم الشعوب العربية لدولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ولغيرها من الدول الغربية. وقد يكون هذا التناقض (في يوم من الأيام) مصدر تهديد كبير لوجود الحضارة الغربية ذاتها.
أما المعضلة الثانية فتخص يهود عالمنا المعاصر، فرغم تسليم كاتب هذه السطور بصعوبة تجربتهم الإنسانية خلال القرنين الماضيين وما واجهوه من صعوبات واضطهاد وجرائم كبري، وأيضاً رغم تسليمي بأن اضطهادهم فعل (بفتح كل الحروف وبتشديد العين) قدراتهم وأوجه كفاءتهم وفجر (بفتح كل الحروف وبتشديد الجيم) طاقات رائعة بين أبناء وبنات الجماعات اليهودية في شتي بلدان العالم، ورغم تسليمي بإنجازاتهم الكبيرة في سائر المجالات، إلا أنني أري أن تجربتهم التاريخية قد زودتهم بسمة كانت وسيلة بقاء وتفوق، ولكنها (أي هذه السمة) أصبحت سبب وجودهم في مأزق تاريخي كبير. وأعني هنا (تراث ومحصول التخوف اليهودي). ورغم تفهمي لهذا التخوف التاريخي أو تراث التخوف، فإن ذلك لا يمنعني أن أري أن أحد العناصر الرئيسة التي تحول اليوم بين اليهود وبين وجود حالة سلام حقيقي بينهم وبين شعوب المنطقة التي يريدون الاستقرار بها. فإسرائيل وهي تتوخي أن تصل إلي تسوية مع محيطها الجغرافي، فإنها (بفعل تراث التخوف اليهودي) تتمسك بحصولها علي كل أو معظم ما تريد، لكي تكون في مأمن من تخوفاتها التاريخية. ومن البديهي أن من يريد أن يحصل من خلال المفوضات علي كل ما يريد، فإنه لا يحصل علي أي شيء مما يريد. وقد عبرت جولدا مائير ذات يوم (في سنة 3791) علي ما أقصده هنا عندما قالت لهنري كيسنجر إنها عندما تطلب شيئاً من الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تشعر بغضب عارم إذا حصلت علي 09٪ فقط مما طلبته!
وأما المعضلة الثالثة والأخيرة فتخص شعوب الشرق الأوسط الناطقة باللغة العربية، فثقافة وتراث وتقاليد هذه الشعوب تقوم علي عدة ركائز من بينها الفخر الشديد بالذات وبالسلف وبالتراث والتقاليد، وهو فخر مشوب في الغالب بمبالغات تفوق كل الحدود، ويكفي أن يستمع المراقب لعشرات القصائد مما يسمي بالشعر النبطي أي الشعر العامي الذي يكتبه شعراء من الجزيرة العربية لكي يدرك بل ويري تلك المبالغات الغريبة والعجيبة في مدح الذات والتفاخر والتغني بأمجاد الماضي والحاضر (وجلها أمجاد وهمية، أي متخيلة). ولكن في مواجهة هذا التفاخر فإن شعوب هذه المنطقة تعرف (بلا شك) أن إنجازاتها ومساهماتها في مسيرة العلم والتقدم المعاصرين هي مجرد «صفر كبير». فمساهمات العرب المعاصرين في عوالم الطب والصيدلة والهندسة وتكنولوجيا الاتصالات والفضاء وصناعة السلاح وسائر مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا هي (بكل الموضوعية) «معدومة». فبينما يتفاخر العربي طول الوقت بأمجاد الماضي والحاضر وبمزاياه وسجياه وبطولاته، فإنه يدرك يقيناً أنه ومجتمعاته تشتري كل ثمار التقدم الإنساني دون أن تشارك في صنعها، ويخلق ذلك التناقض بين ميل فطري (مبالغ فيه) للتفاخر وإدراك في نفس الوقت لتواضع (بل وانعدام) مساهماته في مسيرة التقدم، هذا التناقض يخلق حالة مرضية قوامها في الظاهر شعور بالعلو والسمو والتفوق، وفي الباطن بالإهانة والدونية. وهي حالة كما يمكن أن تفرز ألواناً من التعصب والعنف والإرهاب والإيمان (الجالب لسخرية البشرية) بتآمر «الآخرين» ضده(!!)، فإنها أيضاً تفرز حالة التضاد مع الإنسانية والواقع، وتباعد بين شعوبها وبين إمكانية تسوية المشكلات الكبري وأيضاً تباعد بينهم وبين إمكانية لحاقهم بمسيرة التقدم الإنساني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.