عقب تصديق الرئيس.. 13 مادة مهمة تتصدر قانون العمل الجديد    جامعة حلوان تبحث سبل التكامل البحثي والارتقاء بالتصنيف الدولي في ندوة علمية موسعة    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي العام الترم الثانى في القليوبية 2025    بالفيديو.. متحدث الوزراء: تنسيق كامل بين الجهات المختلفة لزيادة عدد الحضانات    محافظ أسيوط يبحث مع الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية إنشاء معهد لتدريب شباب الصعيد    محافظ أسوان يبحث مع رئيس القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى المشروعات الجاري تنفيذها    الودائع غير الحكومية بالعملات الأجنبية لدى البنوك تصل لما يعادل 3.1 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    حماس: نرفض تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال    أمينة العفو الدولية: أطالب بالاعتراف الدولي بأن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية    مقتل ضابط إسرائيلي بحادث دهس عملياتي بغلاف غزة    محمود ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك الأهلي    ضبط 37.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    «30 درجة مئوية».. طقس المنيا وشمال الصعيد اليوم الاثنين 5 مايو    لاعب سابق بالأهلي يتهم معلم بضرب نجله في مدرسة بالهرم    مقتل شاب على يد آخر في مشاجرة بالتبين    خلافات بسبب نفقات الإبن.. تفاصيل مشاجرة الفنانة جوري بكر وطليقها داخل كمبوند بأكتوبر    دورات تدريبية لرفع كفاءة الأطباء بمستشفيات الصدر للتعامل مع الدرن    منافس الأهلي.. فيتور روكي يقود بالميراس لفوز شاق أمام فاسكو دا جاما بالدوري البرازيلي    جامعة المنصورة تحصد 15 جائزة في الحفل الختامي لمهرجان إبداع    تعليم أسيوط يحصد المركزين الثاني والثالث جمهوري فى المسابقة الوطنية لشباب المبتكرين    تغييران.. تشكيل الزمالك المتوقع لمواجهة البنك الأهلي    النحاس يبدأ دراسة نقاط القوة والضعف في المصري قبل مواجهة الخميس    احتفالا بمرور 20 عاما على افتتاح ملعب النادي.. بايرن ميونخ يكشف تصميم قميصه الاحتياطي للموسم الجديد    امست سلك الغسالة.. مصرع طالبة جراء صعق كهربائي فى سوهاج    "التعليم": امتحانات الثانوية العامة 2025 خالية من الأخطاء العلمية واللغوية    محافظ أسيوط يعلن معايير انطلاق مسابقة الأب القدوة    جامعة عين شمس تحصد 21 جائزة بمهرجان إبداع 13    شيخ الأزهر يستقبل الطالب محمد حسن ويوجه بدعمه تعليميًا وعلاج شقيقته    "تراجع بميزة الانتقالات الشتوية".. 4 ملاحظات بصفقات الزمالك الصيفية المقبلة    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    مجلس الأمن يبحث اليوم بجلسة طارئة مغلقة تصاعد التوترات بين الهند وباكستان    وزير الأوقاف يشهد حفل وزارة التضامن الاجتماعي لتكريم المؤسسات الأهلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 5-5-2025 في محافظة قنا    الدولار يتراجع والعملات الآسيوية تقفز وسط تكهنات بإعادة تقييمات نقدية    بعد تأجيل امتحانات أبريل 2025 لصفوف النقل بدمياط بسبب الطقس السيئ.. ما هو الموعد الجديد؟    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    نيكول سابا تكشف عن تغيرات عاطفية طرأت عليها    الطماطم ب 10 جنيهات.. أسعار الخضار والفاكهة في أسواق الشرقية الإثنين 5 مايو 2025    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    «المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    لا أستبعد الخيار العسكري.. ماذا قال ترامب عن ضم جزيرة جرينلاند؟    15 شهيدا و10 مصابين إثر استهداف إسرائيلى لثلاث شقق سكنية غربى مدينة غزة    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاث معضلات مستعصية
نشر في الوفد يوم 17 - 08 - 2011


بقلم: طارق حجى
الاربعاء , 17 أغسطس 2011 13:25
انغمست خلال العقود الأربعة الأخيرة في قلب و(دهاليز) ثلاثة عوالم ثقافية - سياسية - تاريخية: أولاً، عالم الثقافة الغربية بتاريخه وفلسفاته وآدابه وإنجازاته وواقعه الراهن.. وثانياً:
عالم المجتمعات الناطقة باللغة العربية بتاريخه وتقاليده وتراثه الديني وفرقه ومذاهبه وآدابه وتاريخه المعاصر وواقعه الآني.. وثالثاً وأخيراً: العالم اليهودي، وهو ما تضمن رحلة عارمة في أودية ودهاليز النصوص اليهودية (التوراة وباقي أسفار الكتاب المقدس والمشنة والغمارة) وتاريخ اليهود بوجه عام، وتاريخ يهود ألمانيا وأوروبا الشرقية بوجه خالص، وتاريخ مشروع دولة إسرائيل الحديثة منذ حادثة دريفوس وحتي صدور قرار تقسيم فلسطين التاريخية في نوفمبر 7491، وأخيراً دولة إسرائيل ذاتها منذ مايو 8491.
وقد جعلني الخوض في تلك العوالم الثلاثة أرصد ثلاث معضلات تحتاج من مفكري ومثقفي ودارسي عالمنا اليوم الدراسة والفحص، ثم تقديم الحلول وسبل العلاج.
المعضلة الأولي تخص مجتمعات الحضارة الغربية وبالتحديد المجتمعات الأوروبية ومجتمعات الولايات المتحدة وكندا وأستراليا. وتتمثل هذه المعضلة في ذلك التناقض الواضح بين الدفاع المستميت لهذه المجتمعات عن مصالحها، وبين عدم دفاعها عن قيامها إلا داخل حدودها الجغرافية. فبينما يدافع المجتمع الأمريكي (مثلاً) عن مصالحه بضراوة، ويدافع عن أنساقه القيمية داخل مجتمعه أيضاً بضراوة، إلا أننا نجده يقبل (خارج حدوده الجغرافية) بكل ما يعارض ويناقض أنساقه القيمية. ومثال واحد هنا يمكن أن يغني عن آلاف الأمثلة، فالمجتمع الأمريكي الذي يحاسب قادته السياسيين علي الكبيرة والصغيرة من الأخطاء والهفوات، هو الذي يتعامل (خارجياً) مع أنظمة للحكم تدوس بأقدامها كل المبادئ والقيم التي طورتها مسيرة التقدم الإنساني، فالمجتمع الأمريكي المعني بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والشفافية والمساءلة ليست عنده أية مشكلة أن يكون حكام أنصارهم في بلدان مثل السعودية ومصر وغيرهما ممن ينتهكون تلك القيم كل يوم ألف مرة. هذا التناقض (في اعتقادي) هو مصدر الكراهية الشديدة التي تكنها معظم الشعوب العربية لدولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ولغيرها من الدول الغربية. وقد يكون هذا التناقض (في يوم من الأيام) مصدر تهديد كبير لوجود الحضارة الغربية ذاتها.
أما المعضلة الثانية فتخص يهود عالمنا المعاصر، فرغم تسليم كاتب هذه السطور بصعوبة تجربتهم الإنسانية خلال القرنين الماضيين وما واجهوه من صعوبات واضطهاد وجرائم كبري، وأيضاً رغم تسليمي بأن اضطهادهم فعل (بفتح كل الحروف وبتشديد العين) قدراتهم وأوجه كفاءتهم وفجر (بفتح كل الحروف وبتشديد الجيم) طاقات رائعة بين أبناء وبنات الجماعات اليهودية في شتي بلدان العالم، ورغم تسليمي بإنجازاتهم الكبيرة في سائر المجالات، إلا أنني أري أن تجربتهم التاريخية قد زودتهم بسمة كانت وسيلة بقاء وتفوق، ولكنها (أي هذه السمة) أصبحت سبب وجودهم في مأزق تاريخي كبير. وأعني هنا (تراث ومحصول التخوف اليهودي). ورغم تفهمي لهذا التخوف التاريخي أو تراث التخوف، فإن ذلك لا يمنعني أن أري أن أحد العناصر الرئيسة التي تحول اليوم بين اليهود وبين وجود حالة سلام حقيقي بينهم وبين شعوب المنطقة التي يريدون الاستقرار بها. فإسرائيل وهي تتوخي أن تصل إلي تسوية مع محيطها الجغرافي، فإنها (بفعل تراث التخوف اليهودي) تتمسك بحصولها علي كل أو معظم ما تريد، لكي تكون في مأمن من تخوفاتها التاريخية. ومن البديهي أن من يريد أن يحصل من خلال المفوضات علي كل ما يريد، فإنه لا يحصل علي أي شيء مما يريد. وقد عبرت جولدا مائير ذات يوم (في سنة 3791) علي ما أقصده هنا عندما قالت لهنري كيسنجر إنها عندما تطلب شيئاً من الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تشعر بغضب عارم إذا حصلت علي 09٪ فقط مما طلبته!
وأما المعضلة الثالثة والأخيرة فتخص شعوب الشرق الأوسط الناطقة باللغة العربية، فثقافة وتراث وتقاليد هذه الشعوب تقوم علي عدة ركائز من بينها الفخر الشديد بالذات وبالسلف وبالتراث والتقاليد، وهو فخر مشوب في الغالب بمبالغات تفوق كل الحدود، ويكفي أن يستمع المراقب لعشرات القصائد مما يسمي بالشعر النبطي أي الشعر العامي الذي يكتبه شعراء من الجزيرة العربية لكي يدرك بل ويري تلك المبالغات الغريبة والعجيبة في مدح الذات والتفاخر والتغني بأمجاد الماضي والحاضر (وجلها أمجاد وهمية، أي متخيلة). ولكن في مواجهة هذا التفاخر فإن شعوب هذه المنطقة تعرف (بلا شك) أن إنجازاتها ومساهماتها في مسيرة العلم والتقدم المعاصرين هي مجرد «صفر كبير». فمساهمات العرب المعاصرين في عوالم الطب والصيدلة والهندسة وتكنولوجيا الاتصالات والفضاء وصناعة السلاح وسائر مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا هي (بكل الموضوعية) «معدومة». فبينما يتفاخر العربي طول الوقت بأمجاد الماضي والحاضر وبمزاياه وسجياه وبطولاته، فإنه يدرك يقيناً أنه ومجتمعاته تشتري كل ثمار التقدم الإنساني دون أن تشارك في صنعها، ويخلق ذلك التناقض بين ميل فطري (مبالغ فيه) للتفاخر وإدراك في نفس الوقت لتواضع (بل وانعدام) مساهماته في مسيرة التقدم، هذا التناقض يخلق حالة مرضية قوامها في الظاهر شعور بالعلو والسمو والتفوق، وفي الباطن بالإهانة والدونية. وهي حالة كما يمكن أن تفرز ألواناً من التعصب والعنف والإرهاب والإيمان (الجالب لسخرية البشرية) بتآمر «الآخرين» ضده(!!)، فإنها أيضاً تفرز حالة التضاد مع الإنسانية والواقع، وتباعد بين شعوبها وبين إمكانية تسوية المشكلات الكبري وأيضاً تباعد بينهم وبين إمكانية لحاقهم بمسيرة التقدم الإنساني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.